لا يمر يوم من دون أن يتلقى كاتب ما تهديداً من منظمة إرهابية، سواء كانت «داعش» أم سواها، فاستهداف كتاب ومثقفين جيّروا أقلامهم لخدمة الوطن وتوعية المجتمع بخطر ظاهرة الإرهاب ينبغي أن يأخذ موقعه من الاهتمام، بخاصة أن الكاتب لا يملك سوى قلمه. ولكن كيف يمكن للكتّاب حماية أنفسهم من التهديدات التي تطالهم، جراء ما يتناولونه في المنابر الإعلامية التي يخدمونها؟ سؤال طرحته «الحياة» على عدد من الكتاب. الكاتب الصحافي فاضل العماني قال إن محاولات التهديد والتخويف، بل والتصفية أحياناً «طريقة متبعة، يستخدمها بعض المتشددين ضد من يختلف معهم، ولو في بعض التفاصيل الصغيرة، لأنهم أي المتشددين لا يملكون الرغبة أو القدرة على العيش في أجواء متنوعة ومتباينة ومختلفة». وأضاف العماني: «ظهرت في الفترة الأخيرة محاولات تهديد كثيرة ضد العديد من السياسيين والمثقفين والدعاة من هذه التنظيمات المشبوهة مثل داعش وغيرها من الحركات الإسلاموية الراديكالية المتشددة، التي لا تُجيد التعامل مع الاختلاف والتمايز إلا بالتهديد والعنف والتصفية». وبخصوص كيفية التعامل مع مثل هذه التهديدات قال العماني: «الأمر في غاية الصعوبة والتعقيد للأسف الشديد، إذ لا توجد أنظمة وقوانين واضحة تُجرم مثل هذه التهديدات والترصدات من أصحاب الفكر الداعشي، إضافة إلى أن طريق المحاكم عادة محفوف بالمخاطر ويحتاج لنفس طويل»، مطالباً ب«سن وتشريع قوانين وآليات واضحة وحازمة ضد كل من يقوم بتهديد المثقفين والمفكرين والدعاة، وأن تُطبق أشد العقوبات تجاه هذا الفكر الذي يُريد أن يسيطر على مشهدنا الفكري». وأكد الكاتب موفق النويصر قوة سلاح الأقلام في مواجهة «الدواعش». وأوضح أن «التهديدات التي تطال الكتاب والمثقفين هي نظير فعاليتها كدور توعوي يتسبب في إزعاج الدواعش أو المنظمات الأخرى، مثل القاعدة أو حزب الله أو إحدى الاستخبارات التي تتعلق بالدول المجرمة، ويتخذ البعض منهم أسلوب التهديد لإيقاف الكاتب عن إزعاجهم والكف عن إثارة الضجة حولهم، ويتخذ أسلوب التهديد بشكل عام شكل البريد الإلكتروني، أو رسالة من هاتف مجهول، وقد تكون رسالة ملقاه على سيارة الكاتب، أو صندوق مقفل يدعوا للشك والريبة بشكل عام»، نافياً تعرضه لتهديد من الدواعش أو منظمات أخرى. وقال النويصر: «لم أتعرض لذلك، لكن أحد الإعلاميين السعوديين تعرض للتهديد من منظمة إرهابية أثناء وجوده خارج المملكة، وقامت الجهات الأمنية بتزويده بسلسلة من الإجراءات الواجب اتباعها وعدد من السلوكيات الواجب التخلي عنها حفاظاً على سلامته، والتصرف السليم حال تعرض الكاتب لذلك هو إطلاع الأمن على الأمر وأخذ التعليمات المباشرة منه وكيفية التصرف المطلوب». وعلى رغم ردود الفعل التي تتلقاها الكاتبة الروائية السعودية سارة العليوي من خلال موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إلا أنها تنفي تلقيها تهديداً مباشراً من «داعش»، موضحة أن «ما تلقيته مجرد ردود وتعليقات، وللأسف بعض أفراد المجتمع يميل للدواعش عاطفياً، حتى إن البعض منهم يدعي علي، لكنني لا آبه بذلك ولست خائفة من تهديدات أحد، فيما لا أستطيع الكف عن الإدلاء برأيي لأنهم حقيقة لا يمكن تجاهلها، فالبعض من الردود أبعادها طائفية وتتناول تفاصيل أبعد من اللحمة الوطنية». وأضافت: «أترفع عن الرد، ولو جدت مستجدات و شعرت بضرر قد يلحق بي جراء تهديد سأبلغ الجهات المعنية فوراً، فما يهدد المملكة يهدد شعبها ونحن مع الوطن قلباً وقالباً». في حين أكد الكاتب محمد المزيني أن «الكاتب الذي يتحمل مسؤولية الكلمة الصادقة لا يمكن أن يتخلى عنها مهما كانت الدوافع أو المخاوف، قدر الكاتب أن يكون سلاحه القلم، ومؤونته العقل والتفكير، وهدفه التصحيح والتغيير، لذلك هو مصدر ضوء ينير دروب الناس بالحجة والمنطق وبالمثل، فهو مصدر إزعاج لكل المستهدفين»، لافتاً إلى أن أصحاب العقول المنغلقة على ذاتها يعمدون إلى مقارعة الحجة، «بلغة الحديد والنار. وأثبت لنا أصحاب العقول الظلامية جرأتهم فيما لو استطاعوا على نحر المفكرين والمثقفين و كل من يخالفهم و يزعجهم، و للأسف مر الوطن بنزعه استعدائية وتحريضية من لدن دعاة ووعاظ ينتسبون إلى المدرسة الدينية المتشددة تجاه كل المفكرين والمثقفين، بعدما أسقطوا عليهم أحكاماً جائرة تقترب من التكفير إن لم يكن هو بعينه، ووضعت قوائم طويلة من المستهدفين من الأدباء والمفكرين خلال الثمانينيات في القرن الفائت، ولو لم تكن أعين رجال الأمن مستيقظة لحدثت كارثة تم تصفية أهم رجال الفكر والأدب أنداك».