أعلن الوزير التونسي المكلف الاقتصاد نضال الورفلي في تصريح إلى وكالة «رويترز»، أن بلاده تتجه لرفع سن التقاعد سنتين ليصل إلى 62 عاماً اعتباراً من عام 2015، لخفض عجز الصناديق الاجتماعية في إطار خطط لمواصلة سياسة الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها تونس هذه السنة. وبينما تتجه تونس بثبات نحو إكمال آخر مراحل الانتقال الديموقراطي مع استعدادها لتنظيم الانتخابات البرلمانية الحرة الثانية في 26 الجاري، فإنها لا تزال تكافح لإنعاش اقتصادها الواهن منذ الانتفاضة التي أطاحت الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل أكثر من ثلاث سنوات. وقال في مقابلة حصرية ضمن قمة «رويترز» للاستثمار في الشرق الأوسط: «تعاني الصناديق الاجتماعية عجزاً كبيراً جداً، ونحن ندرس كيفية إصلاحها بنجاعة، وهناك توجه لرفع سن التقاعد سنتين انطلاقاً من عام 2015». وأشار إلى أن تونس الآن من الدول القلائل التي لا تزال فيها سن التقاعد 60 عاماً. ومع استمرار إصلاحاتها الاقتصادية تأمل الحكومة التونسية بخفض عجز الموازنة خلال عام 2015 إلى 5 في المئة، مقارنة بحوالى 5.8 متوقعة في نهاية السنة. وبينما يطالب اتحاد الشغل ذو التأثير القوي، والذي يضم أكثر من 800 ألف عضو، ببدء مفاوضات عاجلة لرفع الرواتب في القطاع العام، فإن الورفلي يرى أن الأوضاع المالية الحرجة للبلاد لا تسمح فعلاً ببدء المفاوضات هذه السنة. وأوضح الوزير التونسي أن بلاده تجد صعوبة في إقناع صندوق النقد بصرف الشريحة الأخيرة من قرض قيمته 1.78 بليون دولار بسبب «التباطؤ الاضطراري لبعض الإصلاحات الاقتصادية من بينها تأخر سَن بعض القوانين». وتواجه تونس ضغوطاً قوية من المقرضين الدوليين لخفض الإنفاق العام، وتقليص دعم الطاقة وبعض المواد الأخرى. ولا تريد حكومة الكفاءات بقيادة رئيس الوزراء مهدي جمعة زيادة المصاعب المالية للبلاد في نهاية السنة، وترغب على الأرجح في أن تترك الموضوع للحكومة المقبلة. وقال الورفلي إنه يعتقد أن الاتحاد العام للشغل يتفهم الوضع الاقتصاد الحرج للبلاد، مضيفاً أن كل مؤشرات المالية المنشورة في وزارة المال «تؤكد هذه الصعوبات التي نمر بها». وستسلم حكومة جمعة التي قادت البلاد منذ مطلع السنة، الحكم بعد أسابيع، وقد يجعل هذا الأمر بدء مفاوضات فورية مع اتحاد الشغل لرفع أجور القطاع العام، أمراً صعباً جداً. لكن هذا قد يزيد التوتر الاجتماعي بينما تستعد البلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية. وأكد الاتحاد أنه أمهل الحكومة أسبوعين للرد عليه قبل النظر في بعض التحركات الاحتجاجية. وقال مسؤولون فيه إن كل الخيارات ممكنة من بينها إعلان إضراب عام. ولسد العجز المتوقع في موازنة 2015، ستواصل تونس خروجها للأسواق المالية العالمية السنة المقبلة. وكشف الورفلي عن أن تونس ستصدر سندات بقيمة 600 مليون دولار في 2015، ومن المرجح أن يكون ذلك في النصف الأول. وهي أصدرت الأسبوع الماضي ب825 مليون دولار سندات في السوق اليابانية يضمنها «بنك اليابان للتعاون الدولي» المملوك للدولة. كما تقدمت بطلب إلى بعض المصارف لتقديم اقتراحات لإصدار محتمل للصكوك المقومة بالدولار وتأمل في استكمال باكورة إصداراتها من السندات الإسلامية هذه السنة. وأشار الوزير التونسي إلى أن بلاده تخطط أيضاً ضمن مشروع موازنة 2015 لاقتراض حوالى بليون دولار من البنك الدولي وصندوق النقد، إضافة إلى حوالى 600 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي والبنك الأفريقي للتنمية. وقال إن الأشهر الأولى من عام 2015، ستكون صعبة على أي حكومة مقبلة، والتي يجب أن يكون لديها من الشجاعة ما يكفي للمضي قدماً في إصلاحات مؤلمة، مثل زيادة عائدات الضرائب وتقليص الدعم في الطاقة وبعض المواد الأخرى. ولكنه أضاف أن الحكومة الحالية جهزت كل شيء ولديها استراتجية إصلاح واضحة للسنوات المقبلة ستوفرها للحكومة التالية. وقال إن موازنة تونس ستكون في حدود 29 بليون دينار (16 بليون دولار) في 2015 مقارنة ب28 بليوناً هذه السنة، مضيفاً أن كتلة الأجور سترتفع حوالى 800 مليون دينار. وذكر أن الأجور في 2015، ستصل إلى 11 بليون دينار أي أكثر من ثلث الموازنة المقبلة، وهو أمر قال إنه من غير الممكن الاستمرار فيه إذا أرادت تونس فعلاً إنعاش اقتصادها وخلق النمو عبر تمويل مشاريع التنمية والبنية التحية.