الأهلي يهدد بالانسحاب من الدوري المصري    5 حالات لشطب المطور العقاري    52 خزانا تنقل وتوزع المياه المجددة    إدارة الحشود في المسجد الحرام بالذكاء الاصطناعي    "أدير العقارية" تحقق مبيعات تجاوزت نصف مليار ريال في مزاد مخطط "المشرق" بالخبر خلال خمسين دقيقة    الرباعي السعودي يتزعم القارة الصفراء    العميد لاستعادة التوازن بالمدرسة    التخلص من 492 رأس ماشية في رمضان    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    الزواج من البعيدة أفضل!    الشباب شغوفون بالطائرة والمشي يستهوي الفتيات    المستقبل في جيناتك ينتظر من يقرؤه    "مكتبة المؤسس" تعرض صورًا نادرة في معرض لندن للكتاب 2025    اتفاق عربي أمريكي على مواصلة التنسيق بشأن خطة مصر لإعمار غزة    «سلمان للإغاثة» يوزّع 400 سلة غذائية في منطقتين بجنوب أفريقيا    أمير منطقة جازان يشارك منسوبي إمارة المنطقة الإفطار الرمضاني السنوي    رئيس الفلبين السابق يعلن «تحمل» مسؤولية أفعاله    27 لاعباً في قائمة "الأخضر" لمواجهتي الصين واليابان ضمن تصفيات كأس العالم    أمير القصيم يكرم 57 طالبًا وطالبة بجائزة «منافس»    بلدية محافظة الأسياح تحتفي بيوم العلم السعودي    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    غُرفة عمليات أجاويد 3 بخميس مشيط تحتفل بيوم العلم    سبل تصدر طابعاً بريدياً بمناسبة يوم العلم    ضبط مواطنين بمنطقة الجوف لترويجهما أقراص خاضعة لتنظيم التداول الطبي    «التجارة» تُشهر بمواطن ومقيم ارتكبا جريمة التستر    نائب أمير حائل يشارك رجال الأمن إفطارهم الرمضاني في الميدان    صم بصحة في ظهران الجنوب    المملكة تستقبل «نخبة آسيا» الشهر المقبل في جدة    ترمب: أميركا لن تسمح بعد اليوم بإساءة معاملتها تجارياً    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع الإفتاء بالمنطقة الشرقية للعام 2024    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لفرع الإدارة العامة للمجاهدين بالمنطقة    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : القطيبة    أمير جازان يتسلم التقرير السنوي لقيادة حرس الحدود بالمنطقة للعام 2024    المياه الوطنية توزع أكثر من 15.8 مليون م3 من المياه للحرمين الشريفين    قائد القوات المشتركة يستقبل نائب قائد العمليات المشتركة الإماراتية    نجاح عملية تثبيت كسور العمود الفقري والحوض بتقنية الروبوت    تعليم البكيرية يحتفي بيوم العلم السعودي    16 حاضنة وأكثر من 234 بسطة وعربة طعام متنقلة بتبوك    القيادة تهنئ رئيس جمهورية موريشيوس بذكرى استقلال بلاده    «موسم الرياض».. حضور إعلامي عالمي    في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. صراع مدريد يتجدد.. وأرسنال في مهمة سهلة    نظام الفصول الدراسية الثلاثة.. الإيجابيات والسلبيات على المجتمع والاقتصاد    دلالات عظيمة ليوم العلم    سوريا.. توقيف متورطين بانتهاكات "الساحل"    اليمن.. الحوثيون يتوسعون بفرض الإتاوات    السودان.. قائد الجيش يضع شروطاً صارمة للتفاوض    «الداخلية» تزين «طريق مكة» بالجائزة المرموقة    6 إستراتيجيات أمريكية ضد عصابات المخدرات في المكسيك    وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع التركي    محرز يسجل ثنائية في فوز الأهلي على الريان    أبوالغيط يثُمن دور المملكة في استضافة المحادثات الأمريكية الأوكرانية    وكيل محافظة الطائف يشارك أبناء جمعية اليقظة الخيرية الإفطار الرمضاني    بناء الجسور بين المذاهب من الحوار إلى التطبيق    «كفو».. خارطة طريق لتسويق الأفلام الدرامية    انطلاق المنتدى الثقافي بأدبي حائل    صِدّ عنه وكأنك ماشفته!!    وجبات للإفطار بمسجد القبلتين بإشراف هيئة تطوير    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يتم اختطاف الثورات؟
نشر في الحياة يوم 21 - 05 - 2013


كتب «جوزيف لينين» كتابه «ما العمل؟
- المسائل الملحة لحركتنا» قبل اندلاع الثورة الروسية - التي أنهت حكم القيصر الروسي عام 1917 - بأعوام عدة، كانت الفكرة الجوهرية لهذا الكتاب تدور حول أهمية وجود «طليعة منظمة» مكونة من قلّة من قادة حزب يعمل من تحت الأرض وتخضع لها مجموعة كبيرة من الكوادر الحزبية التي تقوم بدور التحريض والتنسيق في ما بينها. لينين رأى في مثل هذه الطليعة الوسيلة الوحيدة الناجحة للقيام بثورة والانتصار بها.
مثل هذه الرؤية الشاملة التخطيطية تثبت دائماً أنها فاشلة، فالثورة الروسية عندما اندلعت في شباط (فبراير) عام 1917 لم تندلع كنتيجة لخطة شاملة قام بها الشيوعيون، بقدر ما كانت تعاضد مجموعة من الانتفاضات العفوية المستجيبة لبعضها البعض بشكل تلقائي من دون تخطيط أو تنسيق مسبق. العمال الذين استولوا على المصانع لم يكونوا أعضاءً في الحزب الشيوعي، والجماهير التي قامت بالمظاهرات وواجهت وحشية الشرطة القيصرية وشكلت مجالس محلية عرفت باسم «مجالس السوفيات» لم تنطلق بإيعاز من «محرضين» منتمين للحزب الشيوعي، بل إن الثورة عندما اندلعت كان كثير من «الطليعة الثورية» من رفاق لينين معتقلين في السجون.
إلا أن كون الثورة لا يمكن أن تكون نتيجة تخطيط حزبي شامل، لا يعني أنها لا يمكن أن تختطف من حزب. فكما تم اختطاف الثورة الفرنسية من «اليعاقبة»، قام الحزب الشيوعي بقيادة لينين - عبر ما عُرِف ب«ثورة أكتوبر» البلشفية - باختطاف الثورة الروسية وإسقاط الحكومة الموقتة وتأسيس دولة شيوعية. لم تكن «الثورة المضادة» - أي بقايا النظام القديم، على رغم ما كانوا يمثلونه من خطورة - هي العدو الرئيس للبلاشفة، وإنما كانت - كما يؤكد على ذلك «جيمس سكوت» - المجالس السوفياتية هي العدو الرئيس. فهذه المجالس - بلا مركزيتها، وذاتية إدارتها، وتلقائيتها، وممانعتها للتطويع الحزبي - كانت أول من تمت مواجهته.
فعلى على رغم الدور الجوهري الذي تلعبه هذه المجالس الثورية إبان الثورات، إلا أنها - كما أشارت إلى ذلك «حنة أرندت» - شديدة الهشاشة إذا ما تمت مواجهتها من حزب شديد التنظيم، يستولي الحزب على الثورة ليس عندما يقضي على «فلول النظام»، بل عندما يقضي على المجالس الثورية والتنظيمات والمؤسسات العفوية التي نشأت إبان الثورة لإنجازها. والطريقة التي قام بها الحزب الشيوعي بالقضاء على هذه المجالس، لم تكن عبر إزالتها بقدر ما كانت الوسيلة هي إدعاء ملكيتها، وذلك في الانخراط فيها وتفريغها من محتواها وتحويلها لأدوات سيطرة من الحزب. هذه العملية يمكن ملاحظة آثارها في الاسم الذي حملته الدولة الشيوعية الأكبر على مر التاريخ: «اتحاد جمهوريات السوفيات الاشتراكية».
هذا الفصل الحزين من الثورات هو فصل متكرر، فقبل «البلاشفة» قام «اليعاقبة» بالاستحواذ على الثورة الفرنسية، وبعد البلاشفة قام الخميني بالاستيلاء على الثورة الإيرانية محولاً إياها إلى ثورة «إسلامية». الملاحظة - وإن كان من السابق لأوانه الخلوص لنتائج نهائية - التي نشاهدها هذه الأيام في «الربيع العربي» - على اختلافات في ما بينها - هو أن الحركات الإسلامية غير العنفية - مثل الإخوان المسلمين والنهضة - هي التي تتمكن من السيطرة على الثورات السلمية، في حين أن الحركات الجهادية هي التي تهيمن على مشهد الثورات العنفية - مقاتلي الجماعة الليبية المقاتلة في ليبيا سابقاً، والقاعدة - تحت عباءة جبهة النصرة - في سورية حالياً.
كون انتصار الأحزاب المنظمة على اللجان الشعبية والتنظيمات والمجالس الأهلية الثورية هو تعريف «اختطاف الثورة»، وكون هذا الانتصار مشهداً متكرراً في الثورات، فإنه لا يعني بأي حال أنه «مشهد حتمي». ففي كتابها «في الثورة» كانت القضية الرئيسة التي دافعت عنها «حنة أرندت» هو أن الثورة الأميركية تقدم مثالاً ناصعاً على ثورة لم يتم الاستيلاء عليها، وترجع هذا النجاح - التي تعتبره جزئياً - إلى وجود تقليد من التنظيم الأهلي في المستعمرات الأميركية قبل الثورة جعل منها مجالس ثورية قوية، ونجاحها هذا هو السبب ذاته الذي يجعل بعض «الثوريين» لا يعتبرها ثورة.
في إحدى قصائد «أمل دنقل» بيت يقول: «لا تحلموا بعالم سعيد، فخلف كل قيصر يموت، قيصر جديد، وخلف كل ثائر يموت أحلام بلا جدوى ودمعة سدى»، هذا البيت صحيح إذا فهمناه كالآتي: إن عدم حتمية الاستيلاء على الثورة لا تمنع من كونها هي النتيجة السائدة، وبالتالي فإن تجاوزها مسألة صعبة، وصعوبتها تتطلب أولاً وقبل كل شيء إدراكاً لها حتى يتم التمكن من تجاوزها وإنجاح الثورة.
أيام الثورة أيام حافلة، تجعل الإحساس بالحاضر طاغياً، كل مجزرة يرتكبها النظام تصبح أزمة في نفسها، كل تظاهرة يشارك فيها الثوار تمسي سعادة عامرة، يصبح العمل الثوري نفسه هو الحرية. وهذا الانغماس الكلي في الحاضر، هو كعب آخيل الذي من خلاله تنفذ الأحزاب المنظمة القائمة على مجموعة من الخطط والآمال التي مكانها المستقبل، الذي لأجله تقوم بالتضحية بكل ما هو حاضر وآني، بما في ذلك الأدوات والمجالس والتنظيمات التي كانت هي أدوات ووسائل الثورة نفسها.
* كاتب سعودي.
[email protected]
@sultaan_1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.