انتهى الاجتماع الماراتوني للجنة التواصل النيابية الذي عقد أمس برئاسة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في مقره الى اختلاف في العمق على المخارج المطروحة لتفادي المأزق الانتخابي المترتب على تعذر إجراء الانتخابات في موعدها، ما اضطر بري الى تعليق اجتماعاتها لمدة 24 ساعة ريثما يتولى الاتصال بالكتل النيابية لعله ينجح في تضييق رقعة الاختلاف التي تسمح للجنة بمعاودة اجتماعاتها، بحثاً عن صيغة توافقية تدفع في اتجاه التمديد للبرلمان. ومع أن بري تمنى على النواب الأعضاء في لجنة التواصل الإفادة من تعليق اجتماعاتها للتفكير بهدوء في المخرج المؤدي الى تفادي الفراغ في السلطة التشريعية، فإن عدداً من المرشحين «المغمورين» تقدموا أمس من وزارة الداخلية والبلديات بطلبات الترشح للانتخابات على أساس قانون 1960 باعتباره القانون النافذ، على رغم أنهم يدركون سلفاً أن إمكان الطعن في ترشحهم قائم نظراً الى أن القانون يمكن أن يطعن فيه أمام المجلس الدستوري لاستحالة تطبيقه في ظل وجود نواقص أبرزها عدم رصد الأموال اللازمة لتغطية نفقات إجراء الانتخابات وخلوه من تعيين لجان القيد وغياب هيئة الإشراف على الانتخابات، إضافة الى تعذر وضع آلية تسمح للبنانيين المقيمين في الخارج بالاقتراع في أماكن وجودهم. وكان لافتاً في اجتماع أمس، مبادرة نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان الى طرح مسألة سلاح المقاومة من زاوية استخدامه في المعارك الجارية في منطقة القصير السورية الى جانب النظام في سورية، لكن مداخلات حصلت أدت الى تحييد النقاش الانتخابي عن الوضع المتأزم في سورية. وعلمت «الحياة» أن بري استهل الجلسة مشدداً على «أن أحداً لا يريد أن يقحم البلد في الفراغ ولن نسمح مهما كلف الأمر بالوقوع في هذا الفراغ، وتحمل جميعنا المسؤولية الملقاة على عاتقنا وإذا فشلنا فسنعلن أننا فشلنا وأنا سأكون أول من سيعلن ذلك»، متمنياً على الأعضاء، بمن يمثلون، تأجيل تقديم ترشيحاتهم الى الانتخابات على الأقل الى ما بعد انتهاء عمل اللجنة، مؤكداً أن الفراغ غير وارد «وإن شاء الله لن نقع فيه وأنا شخصياً أعارض التمديد ولو ليوم واحد». وكشفت مصادر نيابية أن بري طلب من أعضاء اللجنة الحفاظ على سرية المداولات، وعقد اجتماعات جانبية سبقت الجلسة مع أكثر من نائب. لكن المصادر نفسها أكدت أن ممثل تكتل «التغيير والإصلاح» في اللجنة ألان عون جدد رفضه لقانون الستين وللتمديد في آن معاً. إلا أنه عاد وأكد أنه يمشي بهذا القانون لقطع الطريق على التمديد كأمر واقع. ولفتت الى أن ممثل «المستقبل» أحمد فتفت ربط موافقته على التمديد لمدة زمنية تتراوح بين خمسة وستة أشهر بإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي شرط أن يصار الى التوجه للهيئة العامة للتصويت على المشاريع الانتخابية المطروحة وأبرزها المختلط، ومشروع اللقاء الأرثوذكسي والآخر الذي تقدمت به الحكومة من المجلس النيابي باعتبار أن القرار النهائي يعود للهيئة. وأكد فتفت أن «المستقبل» سيترشح على أساس قانون الستين لكنه لن يخوضها على أساس هذا القانون، وعزا السبب الى أن الترشح مطلوب لقطع الطريق على من يراهن على أنه سيفوز بالتزكية لغياب أي منافس له. وشدد عضو «جبهة النضال الوطني» النائب أكرم شهيب على ضرورة تضافر الجهود «حتى لا نصل بالبلد الى فراغ في السلطة التشريعية يمكن أن ينسحب على مؤسسات أخرى». وقال: «لن نعدم أي وسيلة لمنع حصول الفراغ الذي سيؤدي الى وقوع الجميع في المحظور». وإذ بدا شهيب متناغماً مع بري لمنع إسقاط البلد في الفراغ، فإن ممثل «حزب الله» النائب علي فياض أكد وقوف الحزب وراء بري في أي خطوة يتخذها. لكنه في المقابل رفض ربط التمديد بالعودة فوراً الى الهيئة العامة للتصويت على قانون جديد. ورأى أن الظروف قد لا تسمح بالعودة الى البرلمان للتصويت ويمكن إذا مددنا للبرلمان لسنتين أن يكون لدينا متسع من الوقت للتفاهم على أي قانون نريده». أما عدوان فجدد رفضه لقانون 1960 وربط التمديد للبرلمان لأشهر عدة بالتصويت على واحد من المشاريع الانتخابية المطروحة، فيما دعا ممثل حزب «الكتائب» في اللجنة النائب سامي الجميل للإفادة من التمديد وتوظيفه لإجراء تعديلات دستورية تسمح باستحداث مجلس شيوخ للمرة الأولى وبتطبيق اللامركزية الإدارية. وكان ممثل «الطاشناق» في اللجنة هاغوب بقرادونيان، أعلن قبل عقدها أن الحزب ضد قانون الدوحة (الستين) ومع التمديد، فيما لفت شهيب الى أن «لا مشكلة لدينا بالتمديد أو بالستين، لأن المهم ألا يكون هناك فراغ». وقال النائب روبير غانم أن التمديد التقني للمجلس وارد. الترشيحات بالتزامن، انطلقت أمس الترشحيات النيابيّة على أساس قانون الستين في وزارة الداخليّة في أجواء وصفتها الوزارة ب «الخجولة». وتقدّم مرشحون بطلباتهم بعدما فتحت الوزارة باب الترشح ضمن مهلة تنتهي الاثنين المقبل. وبلغ عدد المتقدمين سبعة مرشحين وحضر 12 شخصاً للاستفسار عن الاوراق المطلوبة. ومن أبرز المرشحين ميشال مكتّف عن المقعد الكاثوليكي في المتن الشمالي، والنائب السّابق في كتلة «المستقبل» مصطفى الهاشم عن المقعد السني في عكار بواسطة وكيله، وعبد الرحمن يوسف عن المقعد السني في زحلة، ومستشارة جامعة الدول العربية لشؤون البيئة جورجيت حداد عن المقعد الأورثوذكسي في البقاع الغربي وأكدت ل «الحياة» أنّها تؤيد القانون «المختلط»، واصفة إياه ب «العادل» و «اللاطائفي». وتوقعت مصادر في الداخليّة ل «الحياة» أن ترتفع «بورصة» المرشّحين اليوم وغداً فور اتّخاذ الكتل النيابيّة قرارها بشأن التّرشح أو عدمه. وحضر إلى الوزارة مرشّحون يعتبرون أنفسهم فائزين بالتزكية لكونهم ترشّحوا قبل 10 نيسان (أبريل) الماضي أي قبل أن يعلّق المجلس النيابي مهلة الترشح ويمدّدها. وتحدّث باسمهم الرائد ناصر أبو اسبر من باحة الوزارة كاشفاً عن خطوات تصعيديّة ومنع أيّ مرشّح من الترشّح في حال عدم إعلان فوزهم، احتجاجاً على تعليق المهل. وفي السياق، بحث الرئيس ميشال سليمان مع النائب بطرس حرب موضوع الانتخابات وتأليف الحكومة وأوضح بيان صادر عن مكتب حرب ان اللقاء تركز على «التشاور في عدم جواز إبقاء البلاد في حال الفراغ في ظل المخالفات التي يرتكبها وزراء». ونفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أنباء «أوردتها وسائل اعلام عن أن سليمان تلقى تهديداً مباشراً من إسرائيل علماً أن تهديدات إسرائيل وخروقها للبنان لا تتوقف، إلا أنه لم يتم إبلاغ الرئيس من أي جهة مثل هذا التهديد».