في موقف كبير للسيارات بالقرب من نهر إيست ريفر في نيويورك، تثبت أدريانا ألتاري قدميها على الأرض مترددة ثم تنطلق بدراجتها الهوائية بهدوء وبطريقة متعرجة. فتكاد لا تصدق عينيها لأنها كانت أصيبت بالخيبة، بعدما سقطت مرات عدة عن دراجتها عندما كانت في الثامنة من العمر. انضمت أدريانا وهي مهندسة تبلغ من العمر 32 سنة إلى مجموعة من 20 راشداً مبتدئاً، غالبيتهم من النساء وهدفهم تعلم فن ركوب الدراجة الهوائية. فهي تريد أن تكون مستعدة لاستقبال دراجات الخدمة الذاتية «سيتي بايكس» في نهاية أيار (مايو) في نيويورك... وهذه الدراجات التي ستنشر بالآلاف في المدينة، ستؤثر إيجابياً في حركة السير وفي المشهد المديني. وتروي أدريانا أنها قرأت منذ ستة شهور عن تفاصيل البرنامج الذي أجّل مرتين والذي تقرر انطلاقه في 27 أيار. ثم علمت بأن منظمة «بايك نيويورك» تعلّم الراغبين في ركوب الدراجة الهوائية مجاناً. وبما أنها لم تجد مكاناً شاغراً في شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضيين، انتظرت شهرين قبل أن تتمكن من الاستمتاع بتلك الحصص التي يتعلم خلالها المبتدئون في غضون ساعتين ركوب الدراجات كالمحترفين. وتقول وهي تبتسم: «الأمر مخيف لكنه مرح. كل ما عليّ فعله هو أن أتمرن قليلاً بعد». وبالقرب منها، يجرّب عدد من سكان نيويورك دراجات «سيتي بايكس» الزرقاء المتينة التي استوحي اسمها من الجهة الراعية لها وهي مصرف «سيتي بنك». وقبل أسبوعين من إطلاق هذه الخدمة، جُهّزت غالبية محطات التأجير في مانهاتن وبروكلين. واستاء بعض السكان لأنهم فقدوا المساحات التي كانوا يركنون فيها سياراتهم. لكن منذ بداية نيسان الماضي، تسجل أكثر من 8 آلاف شخص في هذه الخدمة السنوية مقابل مئة دولار تقريباً. وبالتالي، ستصبح نيويوركالمدينة الثالثة في العالم من حيث عدد الدراجات الهوائية المخصّصة للإيجار، بعد مدينة هانغدجو الصينية (حوالى 60 ألف دراجة) وباريس (حوالى 20 ألف دراجة). والمبدأ هو نفسه في معظم المدن التي اعتمدت في السنوات الأخيرة الماضية وسيلة النقل هذه، أي أن المواطن يشتري تذكرة يومية أو أسبوعية أو سنوية ليقوم برحلات مجانية مدتها 30 أو 45 دقيقة، على أن يدفع مبلغاً إضافياً إذا تعدى هذه المدة. وبغية استقطاب السكان، تُنظّم حصص نظرية لتعليم قيادة هذه الدراجات. وغالبية الحصص أصبحت محجوزة بالكامل. وبعد أن جرب الفنان دايفيد دارتلي البالغ من العمر 38 سنة، إحدى تلك الدراجات الزرقاء، قرر استخدامها من اجل القيام بكل تنقلاته المهنية في مانهاتن. ويقول: «إنها افضل من سيارة الأجرة أو المترو. يمكنني أن اذهب لاحتسي كأساً في المساء في الحانة من دون أن اقلق بشأن الدراجة إذ إنني استطيع تركها هناك». وفيما يجد البعض صعوبة في تقبل فكرة ركوب الدراجات بين زحمة سيارات الأجرة الصفراء، يبدو دايفيد متفائلاً. ويقول: «يبالغ الناس في خيالهم. قد تكون الفكرة مخيفة، لكن عندما يكون عدد الدراجات كبيراً، يضطر سائقو السيارات إلى ضبط انفسهم قليلاً ويصبح الجميع بأمان أكثر، حتى المشاة». أما إليزابيث حداد وهي كاتبة تبلغ من العمر 26 سنة، فتشعر ببعض الخوف لكنها تريد خوض هذه المغامرة. وتقول: «سأضع خوذة، فالأمر يستحق العناء». وتضيف إليزابيث التي سُرقت دراجتها الهوائية أخيراً، أنها سعيدة بهذا البرنامج الذي «يسمح لها بترك دراجتها أينما كان من دون الشعور بالقلق». لكنها تتأسف لأن دراجات نيويورك ليست مزوّدة بسلة في الأمام، مثل الدراجات في فرنسا.