في 12 حزيران (يونيو) 2009، نُظمت انتخابات رئاسية كانت مجرد محطة في مسار سلكته إيران منذ الثورة عام 1979، لكنها أوجدت استقطاباً حاداً بين الإصلاحيين والمحافظين. أربع سنوات مرّت، والاستقطاب على حاله، على رغم وهن الإصلاحيين، فيما يبدو أن الرئيس محمود أحمدي نجاد لم يعدْ ذاك التلميذ النجيب للثورة، في نظر المحافظين الذين باتوا تيارات متباعدة، يغنّي كلٌّ على ليلاه. في 12 حزيران 2009، فوجئت إيران، والعالم، باحتجاجات امتدت من شوارع طهران إلى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت مساحة للتعبير بالنسبة إلى الإصلاحيين. لكن التجربة تلك لم تعد حكراً على المعارضة، بل استلّ مرشحون في انتخابات الرئاسة المقررة في 14 حزيران المقبل، «سيوفاً» في «الفضاء الافتراضي» يتبارون بها، لعلّ أبرزها موقع «تويتر» الذي اختاره أولئك للترويج لأنفسهم والتعبير عن أفكارهم وطرح مشاريعهم الانتخابية. وجد ثلاثة مرشحين بارزين، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني ورئيس مركز الدراسات في المجلس حسن روحاني، وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، في «تويتر» أداة تواصل دائم مع محيطهم، أوّلهم روحاني الذي فتح حساباً في 5 الشهر الجاري، باللغتين الفارسية والإنكليزية، يتواصل عبره مع صحافيين ليبلغهم، مثلاً، عدم انسحابه من السباق الانتخابي وأنه سيشكّل جبهة مع رفسنجاني، بحيث يبقى أحدهما في المعركة حتى النهاية. ويورد معلومات عن حملته، نشرتها وكالات أنباء إيرانية، إضافة إلى مقابلة مع موقع «كلمة» الإلكتروني التابع للمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية السابقة مير حسين موسوي. وكتب روحاني أن أبرز مشكلة في إيران تتمثّل في «سيطرة الحكومة على 85 في المئة من الاقتصاد»، معتبراً أن السبيل للتغلّب على ذلك هو «الخصخصة وتأمين انتخابات حرة ونزيهة». ورأى أن «الأحزاب السياسية وحرية الصحافة، حيويّان في الإشراف على أداء الحكومة وممارساتها»، وحضّ الرئيس العتيد على السعي إلى إطلاق مير حسين موسوي ومهدي كروبي، (المرشح الثاني الخاسر في انتخابات 2009) والخاضعَين لإقامة جبرية منذ شباط (فبراير) 2011. أما رفسنجاني ففتح حسابه في 12 الشهر الجاري، بكلمتين: «هاشمي آمد»، أي «وصل هاشمي». ويورد كلاماً له ومواضيع تنشرها عنه الصحافة، إضافة إلى تصريحات مؤيدة له، ولكن أيضاً مناهضة له، أدلى بها خصوم انتخابيون، مثل رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف والرئيس السابق لمجلس الشورى (البرلمان) غلام علي حداد عادل، أو رجل الدين المتشدد مهدي طائب الذي اعتبر أن تقدّم رفسنجاني في السنّ «يمنعه من إدارة البلاد». وبين رحلة من طهران إلى اسطنبول، وجلسة محادثات مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وعودة إلى العاصمة الإيرانية، يَجِد جليلي وقتاً لإغناء حسابه الذي يمكن اعتباره الأكثر إثارة للاهتمام، إذ يتضمن آراءه في السياسة والفكر والحياة، وحتى الرياضة، منبرياً للدفاع عن إبقاء المصارعة الحرة التي يبرع فيها الإيرانيون، في دورة الألعاب الأولمبية. يُعرِّف جليلي عن نفسه بأنه وُلد في مدينة مشهد، لأم أذرية ووالد من مدينة بيرجند في محافظة خراسان. ويشير إلى أنه يحمل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق، ويتقن اللغتين الإنكليزية والعربية. جليلي الذي فتح حسابه على «تويتر»، يوم تسجيله ترشحه للرئاسة، في 11 الشهر الجاري، يصف نفسه بأنه «جندي سابق، ديبلوماسي حالي»، مُذكّراً بأنه فَقَدَ قدمه اليمنى خلال الحرب مع العراق (1980-1988). كما ينشر صوراً مجهولة له، إحداها خلال الحرب، وأخرى مُلقياً خطاباً ويظهر رفسنجاني وراءه. ويتساءل سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي: «لماذا ننتخب جليلي: لأنه يتكلم أقل ويعمل أكثر». ويشدد على «سجله الأبيض في كل موقعٍ شغله»، معلناً سعيه إلى «الأخلاق في الحياة الشخصية والسياسية». جليلي الذي «يغرّد» باللغات الفارسية والعربية والإنكليزية، كتب: «إذا كان هدف كل المرشحين للانتخابات، مصلحة الشعب الإيراني، فلا أهمية لمَنْ يربح». وانتقد «الساسة الذين يبدّلون آراءهم بين ليلة وضحاها، في سبيل مصالحهم الشخصية»، متحدثاً عن «مفهوم العدالة» وأهمية «تقنية المعلومات» في حياتنا. ولا تغيب سورية عن بال جليلي، إذ كتب أن رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بنظير بوتو «اعترفت صراحة عن أفغانستان: درّبنا جماعات إرهابية، لكنها في النهاية تحوّلت كارثة بالنسبة إلينا!». وزاد: «سألني (الأمين العام السابق للأمم المتحدة) كوفي أنان: ما هي فكرتك لتسوية الأزمة في سورية؟ قلت: إنها كلمة واحدة: الديموقراطية». جليلي لا يتبع أحداً على «تويتر»، فيما يتبع رفسنجاني شخصين فقط، وروحاني 98.