دعت موسكو إلى عقد المؤتمر الدولي حول سورية «في أسرع وقت»، وقالت إنها تفضّل أن يتم برعاية دولية من جانب الأممالمتحدة، وحضت الأخيرة على التوصل إلى اتفاق مع النظام السوري لتسهيل عمليات التحقيق في «مزاعم استخدام السلاح الكيماوي». وأجرى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، محادثات في منتجع سوتشي مع الرئيس فلاديمير بوتين تركزت على الوضع في سورية وجهود عقد مؤتمر دولي لتسوية الوضع في هذا البلد عبر الطرق السياسية، كما قال ناطق باسم الكرملين. وكان بان كي مون عقد جلسة محادثات مطولة قبل ذلك مع وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي أعلن في مؤتمر صحافي مشترك معه بعد اللقاء أنه اتفق مع المسؤول الأممي على أن «الحل في سورية يجب أن يكون سياسياً فقط». ودعا لافروف إلى تسريع وتيرة التحضيرات لعقد المؤتمر الدولي، مشيراً إلى أن بلاده «تفضّل أن ينعقد برعاية دولية». وزاد أن بان كي مون يؤيد الاتفاق الروسي - الأميركي في هذا الشأن. وأكد الوزير الروسي أنه لا بد من مشاركة إيران والسعودية وكل جيران سورية في «جنيف 2»، لكنه لمّح إلى الملفات الخلافية مع الغرب، مشيراً إلى ضرورة تحديد الأطراف السورية التي يمكن أن تشارك في هذا المؤتمر. وأضاف: «لا يمكن عقد المؤتمر من دون تحديد ذلك». أما الأمين العام للأمم المتحدة فدعا إلى ضرورة «البناء على اتفاق لافروف - كيري لحل الأزمة السورية عن طريق المفاوضات». وأعرب عن أمله في عقد المؤتمر الدولي في أسرع وقت. لكن بان كي مون لم يبد تفاؤلاً كبيراً، وأشار إلى صعوبة تحديد موعد لعقد المؤتمر، مؤكداً أن مشاورات مكثفة تجري في هذا الشأن. وشغل ملف الشبهات حول استخدام أسلحة كيماوية حيّزاً من النقاش، ودعت موسكوالأممالمتحدة إلى مواصلة جهودها للتوصل مع دمشق إلى اتفاق في شأن التحقيق في استخدام الكيماوي. وقال لافروف إن المعطيات لدى موسكو تشير إلى استعداد «الحكومة السورية التي نعمل معها، للنظر في إجراء تحقيق في عدة مناطق أخرى وهذا بعد إتمام التفتيش في منطقة قرب حلب». وتعهد الوزير الروسي بالمساهمة في التوصل إلى اتفاق بين أمانة الأممالمتحدة والحكومة السورية بهذا الشأن. في المقابل قال بان كي مون إن خبراء الأممالمتحدة مستعدون للتوجه إلى سورية في غضون يومين، وجدد دعوة السلطات السورية إلى السماح لبعثة المفتشين الدوليين للعمل على أراضيها للتحقيق في قضية استخدام الأسلحة الكيماوية. على صعيد آخر، كرر الوزير الروسي موقف بلاده حيال واردات السلاح إلى سورية، وقال إن روسيا لا ترسل أسلحة محظورة إلى هذا البلد، ولا تخفي معلومات عن التوريدات التي نفّذت وفق العقود الموقعة سابقاً. وزاد أن بلاده «تزود سورية بأسلحة دفاعية وأنظمة للدفاع الجوي، لا تلحق ضرراً بميزان القوى في المنطقة ولا تعطي النظام السوري أي تفوق في المواجهة مع المعارضة». وفي شأن موضوع الأسلحة، تجنّب الكرملين، أمس، تأكيد أو نفي صحة معطيات غربية عن قيام موسكو بتسليم دمشق أنظمة صاروخية مجنحة من طراز «ياخونت». وقال الناطق باسم الديوان الرئاسي ديمتري بيسكوف إن روسيا «تفي بالتزاماتها المتعلقة بتوريد أسلحة دفاعية» إلى سورية. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نقلت عن مسؤولين أمنيين أن روسيا زودت سورية أخيراً بنسخ مطورة من صواريخ «ياخونت» المضادة للسفن. ويبلغ طول الصاروخ من هذا الطراز 6.7 أمتار ومداه 290 كلم ويمكنه حمل شحنة ضخمة من المتفجرات أو رأس خارق للدروع. وكانت الطلبية الأولى من هذه الصواريخ - 72 صاروخاً مع منصات الإطلاق وعربات الدعم - قد تم الاتفاق عليها في عام 2007 وبدأت عملية تسليمها في مطلع عام 2011، بحسب ما أوردت الصحيفة الأميركية التي نقلت أيضاً عن مسؤولين دفاعيين أميركيين أن الشحنة الأخيرة التي تم تسليمها أخيراً تضمنت صواريخ مزودة أنظمة رادار أكثر دقة تسمح بتجاوز الدفاعات التي تتمتع بها السفن (الحربية). إلى ذلك، كشفت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» في ملحقها العسكري، أمس، أن روسيا أتمت تسليم أنظمة «أس-300» وقواذفها لسورية. ونقلت الصحيفة عن «مصدر ديبلوماسي - عسكري» روسي إن كل منصّات الإطلاق التي تم التعاقد في شأنها مع سورية في عام 2010 تم تسليمها بالفعل إلى دمشق. ولم يستبعد أن يكون الرئيس فلاديمير بوتين أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أخيراً، بإتمام تنفيذ الصفقة مع دمشق. واللافت أن الصحيفة تحدثت عن تسليم أربع منصات والصواريخ المخصصة للإطلاق منها، في حين أن العقد الموقّع مع السوريين اشتمل على بيع ست منصات و144 صاروخاً من هذا الطراز، ما دفع خبراء تحدثت إليهم «الحياة» أمس إلى توقع أن يكون تسريب المعطيات بهذه الطريقة إلى الصحيفة الروسية، هدف إلى تخفيف الضغط على موسكو وإغلاق ملف «أس-300» الذي أثار ضجة كبرى أخيراً، من دون أن ينفي بعضهم احتمال أن تكون موسكو ماضية في تسليم الجزء المتبقي من الصواريخ ومنصاتها.