هل لديك عقل شاغر للإيجار؟ لو وجهت هذا السؤال لأي شخص حتماً ستكون إجابته «لا»، وربما يقولها لك وكل علامات التعجب والاستفهام تحوم حول رأسه، استهجاناً واستنكاراً لسؤالك الذي يرى أنه غير منطقي وليس في محله، في الوقت الذي يقوم فيه الملايين من الناس بتأجير عقولهم من دون أن يشعروا بذلك، أو يعلموا أصلاً أن لديهم عقولاً مؤجرة بغض النظر عن كون هذه الأفكار إيجابية أو سلبية. فصاحب العقل الفارغ غير الممتلئ بالفكر الذي لم يثقف نفسه ويغذّي روحه من خلال القراءة والإطلاع والتأمل والتفكر حتماً سيؤهل عقله أن يكون عقلاً «للإيجار» وهو في الوقت نفسه يُعتبر صيداً سهلاً لكل صاحب فكر «أيّاً كان هذا النوع من الفكر»، الذي يبحث عن مثل هذه العقول ليستأجرها ويقوم بصفّ ما شاء بها من أفكار ورؤى حتى ينقلها المستأجر معه أينما حلّ ورحل وربّما يحميها ويدافع عنها أيضاً. فسابقاً كانت العقول المؤجرة تنحصر عند بعض الطلاب بسبب «التلقين»، وعند بعض الشباب بسبب «الاقتداء» وكذلك عند بعض المبتعثين بسبب «التقليد»، الذين يعتبرون أرضاً خصبة للباحثين عن وسائط أو قنوات بشرية تقوم بنقل أفكارهم وذلك بعد أن يتم تلقيحها، «إن صح التعبير»، كمحاولة للمحافظة على نسل تلك الأفكار عبر مرور الزمن وتقادم الأجيال. اليوم وبعد هذا الانفتاح الكبير من خلال الفضائيات، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي أدى بدوره إلى احتكاك الكثير من العقول مع بعضها البعض، نجد أن الكل أصبح مهيأً إلى أن يكون صاحب عقل مؤجر، أو صاحب فكر مُستأجِر، وكثيراً ما نرى مثل هذه النماذج التي تعرفها جيداً وتكتشفها بسهولة من خلال نقاشك معها، لتجدها تُردد مفردات لا تفهمها، أو تستشهد بأقوال مكررة، أو تحاول إقصاء رأيك وإنهاء النقاش بسرعة، لأنها عقول تحمل فقط صناديق مغلقة لا تعلم حقيقة ما بداخلها. أعلم يقيناً أن الأفكار ليست كلها سيئة، فربما يحمل البعض أفكاراً إيجابية رائدة، لكن أنا هنا أتحدث عن طريقة نقلها وتداولها، لأني مؤمن أن حمل الفكر رسالة، والرسالة أمانة يجب أن نؤديها بشكلها الصحيح. فهد الزغيبي @fhhhhd