رأى عدد من رؤساء البلديات في مناطق المملكة أن عدم تخصيص بنود لترميم التراث العمراني في ميزانيات الأمانات والبلديات يمثل عائقاَ أمامهم لتنفيذ مشاريع التراث العمراني مما يضطرهم إلى الاستعانة ببنود مالية أخرى للقيام بمشاريع الترميم. ودعوا إلى دعم جهود البلديات في أعمال الترميم والتأهيل لمواقع التراث العمراني التي تنفذها بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، من خلال تخصيص بنود في الميزانيات لترميم المواقع التراثية، مشيرين إلى أن دعم مشاريع التراث العمراني هو استثمار يعود بالنفع المالي والاقتصادي على المجتمعات المحلية ويسهم في توفير فرص العمل. وناقش الأمناء ورؤساء البلديات في ورش عمل ضمن زيارة استطلاع التجربة الإسبانية في التراث العمراني التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخرا، عددا من المعوقات التي تواجههم في تنفيذ مشاريع تأهيل أواسط المدن التاريخية والمواقع التراثية. وقال رئيس بلدية المجمعة المهندس بدر الحمدان : إن قناعات رؤساء البلديات نحو المحافظة على التراث العمراني وترميمه قد تبدلت وتطورت في الفترة الأخيرة نتيجة الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وصار لدى رؤساء البلديات الحماس لتنفيذ مشاريع الترميم والتأهيل، مؤكداً أهمية وجود بنود وميزانيات مخصصة لذلك. ونبه رئيس بلدية العيينة المهندس سعود السلمي إلى أن التراث العمراني لا توجد حتى الآن جهة تحتضنه ماليًا بالشكل المأمول وهو ليس ملكا لهيئة السياحة مثل الآثار التي تمتلكها الهيئة وتخصص لها ميزانيات ، بل إن أكثرها ملك عام أو لأشخاص مما يصعب مهام مشاريع تأهيل وترميم هذه المواقع . وأضاف أنه لا توجد حتى الآن أنظمة وإجراءات إدارية محددة لدى البلديات للقيام بأعمال الترميم ، بعكس ما رأيناه في أسبانيا من قيام البلديات بمعظم أعمال الترميم وتخصيص ميزانيات لها . ورأى رئيس بلدية الأفلاج المهندس سليمان العايد أن ما جعل إسبانيا وغيرها من الدول المتقدمة تنجح في مجال ترميم التراث العمراني واستثماره سياحيًا واقتصاديًا هو الدعم المالي الكبير المقدم لها وأسهم ذلك في نجاح اسبانيا في هذا المجال وتطويرها لمواقع تراثية أصبحت الآن مقصدًا لملايين السياح حول العالم ، وقال :" نحن بلاشك نلمس اهتماما ملحوظا من الدولة بالتراث العمراني ومتفائلون بنتائج ذلك الدعم في المستقبل القريب ". وعدَ رئيس بلدية محافظة القطيف المهندس خالد الدوسري أن المرحلة الأولى المتمثلة في نشر الوعي بأهمية التراث العمراني ودوره في حفظ التاريخ وتحقيق العوائد الاقتصادية قد تحققت لدى معظم رؤساء البلديات لاسيما بعد مشاركة الكثير منهم في زيارات استطلاع الخبرة العالمية التي تنظمها الهيئة العامة للسياحة والآثار، والكثير منهم الآن بدأ في تحقيق هذه التطلعات بتنفيذ مشاريع للتراث العمراني أصبحت تشهدها مناطق المملكة ، إلا أن جهود البلديات في هذا المجال هي جهود ومبادرات شخصية فلا توجد حتى الآن أنظمة تلزم بالترميم ولا توجد ميزانيات مخصصة له . أما المشرف العام على مركز التراث العمراني الدكتور مشاري النعيم رأى أن هيئة السياحة والآثار ووزارة الشؤون البلدية والقروية قطعتا شوطًا كبيرًا في الإقناع لدعم المحافظة على التراث العمراني ، خصوصًا بعد أن تبين لهذه الجهات الجدوى الاقتصادية الكبيرة التي يمكن أن تجنيها الاقتصادات المحلية من تشغيل هذه المواقع التي ستوفر وظائف مباشرة وغير مباشرة وستسهم بشكل فاعل في التوظيف ، مشيرًا إلى أن الاتفاقيات التي وقعتها الهيئة مع الصناديق التمويلية الحكومية أسهمت في تقديم قروض لتمويل مواقع وبلدات ومباني تراثية ، ومثال ذلك تمويل بلدة الغاط التراثية وقرية رجال ألمع بمبلغ سبعة ملايين لكل موقع من خلال بنك التسليف ، والاتفاقية التي وقعتها الهيئة مع البنك السعودي للتسليف والادخار لرعاية قطاع المنشآت الصغيرة والناشئة في مجال السياحة والآثار، تمثل انطلاقة جديدة ومهمة نحو دعم المشاريع السياحية والتراثية ، حيث تم تمويل 44 مشروعًا سياحيًا وتراثيًا العام الماضي بقيمة تجاوزت 35 مليونا و673 ألف ريال. وخلص النعيم إلى أن المحافظة على التراث العمراني هو عمل جماعي ويتطلب تكاتف الشركاء جميعا بدعم من الدولة حتى يتشجع الملاك والقطاع الخاص للاستثمار فيه، وتأكد أن هذا الاستثمار مجد على المستوى الاقتصادي و يمثل رصيداً ثقافياً كبيراً لا يمكن التفريط به ".