في وقت يمثل إصلاح الاقتصاد، المتضرر بشدة من أزمة الطاقة، احد التحديات الكبرى أمام الحكومة الباكستانية المقبلة برئاسة نواز شريف الذي فاز حزبه «الرابطة الإسلامية» ب 130 مقعداً في الانتخابات البرلمانية التي أجريت السبت الماضي، اختار شريف التكنوقراطي المعروف اسحق دار وزيراً للمال، وهو منصب شغله الأخير مرتين، احدها في الحكومة الثانية لشريف قبل أن يطيحها انقلاب الجنرال برويز مشرف عام 1999. وفي ظل حاجة شريف إلى حوالى 27 نائباً مستقلاً ونسبة من المقاعد المخصصة للنساء والأقليات من اجل ضمان الغالبية البرلمانية المطلوبة لائتلافه الحكومي، أعلن أحد الفائزين المستقلين انضمامه إلى حزب شريف. كما ينتظر أن يعلن 10 نواب منتخبين في مناطق القبائل تأييدهم لشريف. ورفع الإعلان عن اختيار دار وزيراً للمال، قيمة الأسهم في بورصة كراتشي، وسط آمال بأن يعيد برنامج عمل شريف المناسب لأجواء الأعمال إحياء الاقتصاد، علماً أن الدين الخارجي والداخلي لباكستان يتجاوز 170 بليون دولار. ومن أهم الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة المقبلة، تحديث عملية جباية الضرائب من الصناعيين ورجال الأعمال الذين أعفتهم حكومة «حزب الشعب» السابقة من نحو 7 بلايين دولار من الضرائب خلال السنوات الثلاث الماضية. أما على صعيد معالجة أزمة الطاقة، فيتطلع شريف إلى الإفادة من تجربة إبرام حكومة إقليم البنجاب برئاسة شقيقه شهباز اتفاقات مع شركات تركية لإنشاء محطات للطاقة في الإقليم، وتوسيعها إلى باقي الأقاليم. ودعا شريف الذي بات أول شخص في باكستان يتولى رئاسة الوزراء للمرة الثالثة حزب «حركة الإنصاف» بزعامة عمران خان إلى تشكيل حكومة إقليم خيبر بختون خوا وعاصمتها بيشاور (شمال غرب)، حيث فاز حزبه بأكبر عدد من المقاعد. ويواجه ذلك معارضة حزب «جمعية علماء الإسلام» بزعامة الشيخ فضل الرحمن الذي حصد ثاني أكبر قدر من المقاعد في الإقليم، ويطالب بمنحه حق تشكيل الحكومة الإقليمية في مقابل دعم نواب الجمعية لشريف في تشكيل الحكومة المركزية. كما أبدى شريف نيته التعاون مع «حزب الشعب» في تشكيل حكومة إقليم السند التي تضم مدينة كراتشي من اجل تعزيز معالجة المشاكل الأمنية في المدينة. وتعكس رغبة شريف في اجتذاب الأحزاب نضجه السياسي بعدما راجع أخطاءه في الحكم خلال فترة نفيه التي امتدت 8 سنوات، ثم خاض تجربة قيادة المعارضة في السنوات الخمس الأخيرة. وبعدما أشاد شريف بعدم تدخل الجيش لمصلحة أي طرف في الانتخابات، قد يسمح حسن تعاونه مع القيادة العسكرية بإلزام المقاتلين القبليين وقف هجماتهم على المدن، في مقابل وقف الجيش عملياته في مناطق القبائل ووقف الغارات الأميركية عليها. وإذا حصل ذلك فسيضمن شريف على الأقل عدم معارضة واشنطن لخططه الاقتصادية وسياسته الداخلية التي سيركز فيها على إعادة بناء الاقتصاد.