حدد صندوق النقد كيفية سير الاقتصادات المتطورة من طريق تقسيمها إلى ثلاث سرعات مختلفة. فالدول النامية تسير بسرعة كبيرة، تليها الولاياتالمتحدة التي تسير بسرعة مقبولة بفضل خطط الإنعاش النقدي الضخمة، ثم أوروبا التي تسير ببطء لا سيما منطقة اليورو التي ستواصل التعايش مع حال الكساد الاقتصادي هذا العام لتعرقل نمو اقتصاد العالم. ويرى محللون سويسريون أن حالة التعب التي يمر فيها اقتصاد منطقة اليورو، والمخاوف من موجة ثالثة من الشح الائتماني، يدفع الأسر والشركات الأوروبية إلى التريث في الإنفاق أو الاستثمار. ويعتقدون أن الناتج الإجمالي لدول الاتحاد الأوروبي يستمد 80 في المئة من قوته من إنفاق الأسر واستثمارات الشركات. وبما أن هذه القوة استنزفت، لا يبقى على أوروبا إلا البحث عن بدائل سريعة. ويعتبر هؤلاء أن أوروبا تواجه خطر الوقوع في انكماش الأسعار. واليونان تعاني رسمياً من هذه الظاهرة حيث تراجعت الأسعار 0.2 في المئة في سنة واحد، وهو ما لم تره منذ العام 1968. ويتوقف خبراء الاقتصاد في جامعة برن عند ما يحصل اليوم في الاتحاد الأوروبي من تراجع في أسعار التجزئة الذي عاشته اليابان عام 1990، عندما انهار نظامها المصرفي. وأخيراً، قررت الحكومة اليابانية تطبيق خطة إنعاش نقدي يعمل المصرف المركزي الياباني من خلالها، على شراء 700 بليون دولار من سندات الخزينة، كل سنة. بمعنى آخر، سيضخ المصرف في سوق المال اليابانية في السنوات الثلاث المقبلة مبالغ يقدرها الخبراء السويسريون بإجمالي الناتج القومي لدولة أوروبية كإيطاليا. ويتمحور تحرك حكومة طوكيو حول إعادة التضخم مجدداً إلى سقفه الأدنى، بهدف رفع كلفة المعيشة نحو اثنين في المئة وبالتالي استعادة ثقة المستهلكين. ويذكر أن ظاهرة انكماش الأسعار لا تؤثر في أسواق الاستهلاك فحسب، بل في الدخل السنوي وحركة الإيرادات الضريبية وغيرها. ويدرك المصرف المركزي الأوروبي أخطار انكماش الأسعار إنما يرفض الإفصاح عنها كي لا تعيش البورصات الأوروبية حالاً من الهلع. ويجمع أخصائيو الشؤون المالية على أن ما حصل في اليابان قبل 15 سنة يحصل اليوم في منطقة اليورو. ولا بد من القول إن تحرك أوروبا لاتباع النموذج الاقتصادي الياباني، سيسعى إلى رفع سقف التضخم قليلاً، ويساعد في حل الكثير من الأمور المعقدة.