لا تفكر فاطمة شاكر (أم محمد، 55 عاماً) في التخلي عن مهنة الطهي، والتي أمضت فيها نحو عقدين من الزمن، إلى أن اشتهرت في المنطقة، ولقبها البعض ب «شيخة الطباخين»، على رغم أن صحتها لم تعد تساعدها مثل السابق، فهي تعاني من مرض السكر والروماتيزم. بيد أنها تستعين بعاملتين منزليتين للمساعدة، وتعلل سبب تمسكها بهذه المهنة، والتي تصفها ب «الشاقة»، بأنها «المصدر المادي الرئيس لعائلتي الكبيرة، خصوصاً أن زوجي الموظف على أبواب التقاعد». وتبدي شاكر، التي لا يتجاوز مؤهلها الدراسي المرحلة الابتدائية، ثقة كبيرة بنفسها، لأنها تمكنت من تسديد كثير من ديون أسرتها، ومنها «سلف الزواج لأولادي، ودفع بقية أقساط منزل العمر، وتأمين دخل ثابت، والتمكن من قضاء إجازات جميلة بين وقت وآخر في بعض البلدان العربية المجاورة». وتعود إلى بداياتها، قائلة: «بدأت قبل أعوام عدة، في بيع البخور وأنواع البهارات وورق العنب، في وقت لم تتقن تحضيره كثيرات من ربات البيوت»، وتمضي في القول: «عرفت بذلك بين الأهل والجيران، بخاصة بين طالبات وطلاب المدارس، الذين يهوون ملفوف ورق العنب في الغالب». وتابعت: «أخذت في ما بعد في التوسع في هذا المجال، وبيع الكبة، والتي هي الآن من أشهر أطباقي، إضافة إلى سندويش الفلافل والبيض والهمبرغر، كما عمدت إلى تحضير كل أنواع الفطائر، وكذا الشورما، وأصبح لدي زبائن دائمون». واستطردت بأن «البعض أخذ في تكليفي بتحضير وجبات لعاملات المشاغل، والافطار والرحلات وموائد العشاء، وتلاها طلبات للإعداد لولائم الغداء والبوفيهات». لافتة إلى أن ذروة موسمها التجاري يأتي في كل عام مع إطلالة شهر رمضان الكريم، لذا تعد لهذا الموسم، «في وقت باكر، منذ قدوم هلال رجب». وحول أسعارها، تعترف أم محمد أنها «لا تختلف كثيراً عن أسعار المطاعم، إن لم تكن أغلى منها أحياناً»، مرجعة السبب إلى «الجودة، وارتفاع أسعار السلع الغذائية»، موضحة أنها تبيع «حبة الكبة بريالين، وكذا الثلاث سنبوسات بريالين، في حين أن الست حبات من ورق العنب بخمسة ريالات، وسندويش الشورمة بثلاثة ريالات»، مؤكدة أن هاتفها لا يتوقف عن الرنين، بسبب كثرة الطلبات، كاشفة أن من أهم أسباب نجاحها في هذه المهنة، امتلاكها «مهارة في التسويق، تقوم على الثقة بالنفس والجرأة وعدم التردد في عرض مميزات السلعة، واعتماد أسلوب الإهداء في البدء»، وتضيف أنها نشّأت أفراد أسرتها على «حب ما أصنع في مطبخي، الذي هو ذاته الآن، مشروعي التجاري الناجح، وهم نادراً ما يتناولون طعامهم في الخارج». وتلفت إلى أنها تحاول «شراء كل مستلزمات المهنة عن طريق الجملة، كما أنني أتعامل مع مخابز»، وأشارت إلى أن أهم سلبيات عملها، هو أن «رائحة الطهي لا تفارق منزلي أبداً، بخاصة رائحة الزيوت، على رغم اهتمامي بالنظافة»، معربة عن فخرها بأنه «رغم انخراط أخريات في هذه المهنة، إلا أنهن فشلن جميعاً في منافستي».