أثار كلام الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله حول وقوف حزبه الى جانب المقاومة في الجولان السوري المحتل واستعداده للتعاون والتنسيق معها، ولتسلُّم سلاح نوعي كاسر للتوازن من سورية للدفاع عن لبنان، ردود فعل عدة على الصعيد اللبناني الداخلي أمس، جاء أبرزها من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي قال من دون أن يسمي نصرالله أو «حزب الله»، إن «ما يحمي لبنان هو اعلان بعبدا الذي نص على الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والتصور الاستراتيجي، الذي نص على وضع سلاح المقاومة بتصرف الجيش للدفاع عن لبنان ضد أي اعتداء اسرائيلي على أرضه فقط». وانعكس كلام نصرالله على جهود تشكيل الحكومة، بعدما حسم الموقف من صيغة التمثيل فيها بتأكيده أن تتمثل القوى السياسية وفق أحجامها البرلمانية، ما يعني حصول فريق 8 آذار على الثلث المعطّل في الحكومة الجديدة، الأمر الذي يرفضه الرئيس المكلف تمام سلام الذي كان ينتظر جواباً على إصراره على أن تتوزع الحصص على ثلاث متساوية بين 8 آذار و14 آذار والوسطيين، أي 8 وزراء لكل فريق بحيث لا يحصل أي من الكتل على أكثر من الثلث، إلا أن الجواب جاءه سلباً من نصرالله. وأشارت مصادر مواكبة لاتصالات سلام، إلى ان موقف نصرالله «بات يضعه أمام خيارات مختلفة يقوم بدرسها، تبدأ بخيار الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة، انتهاء بإمكان تأليف حكومة مصغرة من 14 وزيراً تضم أصدقاء لجميع الفرقاء، يعرضها على رئيس الجمهورية ميشال سليمان لكنها تتطلب موافقة رئيس كتلة «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط لضمان حصولها على موافقة أكثرية البرلمان، وهو الأمر الذي كان جنبلاط نصح بعدم اللجوء اليه. وقالت مصادر سلام إنه ما زال ينتظر عطلة نهاية الأسبوع لعلّها تأتي بجديد يشكل مخرجاً لجمود التأليف، من خلال اتصالات يقوم بها جنبلاط مع رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يصر على حصول فريق 8 آذار على الثلث + 1 في الحكومة عن طريق إعطائه حق تسمية وزير اضافي لحصته، عبر إنقاص حصة الرئيس سليمان من 3 وزراء الى وزيرين. إلا أن مصادر «جبهة النضال» أكدت أن الأمور ما زالت مقفلة على هذا الصعيد، ما يعني وفق مصادر سلام أنه سيكون عليه اللجوء الى الخيارات البديلة قبل الجلسة النيابية المقررة الأربعاء المقبل والمخصصة للبحث في قانون الانتخاب. وكان سلام، وفق مصادر متعددة، ينوي إعلان موقف حاسم اليوم السبت، إلا أن جهوداً بذلت معه أدت الى تأجيله ذلك الى مطلع الأسبوع المقبل. وكانت ردود الفعل على كلام نصرالله عن سورية والوضع الداخلي شملت حملة من نواب في كتلة «المستقبل» اعتبر بعضهم أنه «تجاوَزَ المؤسسات اللبنانية واتخذ قراراً بأنه سيجر لبنان الى الحرب»، فيما اتهمه آخرون بأنه «ينفذ أوامر إيرانية». وقال عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي الذي يتزعمه العماد ميشال عون، النائب ألان عون، إن التحالف مع «حزب الله» قائم على ورقة تفاهم فيها «التزام بأن سلاح المقاومة هو من أجل الدفاع عن لبنان، وكل موضوع آخر بحاجة الى نقاش حوله». وفي هذه الأجواء تتدافع الاستحقاقات اللبنانية، حيث يقترب العد العكسي لاتفاق القوى السياسية على اجراء الانتخابات النيابية في موعد قريب وعلى القانون الذي ستجرى على أساسه، من نهايته، بعد أشهر من الخلاف المتواصل حول القانون، وبات الخيار بين طرح بري في جلسة الأربعاء المقبل النيابية مشروع «اللقاء الأرثوذكسي»، وبين التوافق على قانون مختلط يجمع بين النظامين النسبي والأكثري، فإذا نجح الأول يقود الى تفتيت قوى 14 آذار، لأنه يكون قد أيده حزبا الكتائب و «القوات اللبنانية» مقابل الاعتراض الشديد عليه من تيار «المستقبل»، فضلاً عن أنه سيخضع للرد من قبل الرئيس سليمان أو للطعن أمام المجلس الدستوري. وفيما تسعى قوى عدة لتجنب «كأس» المشروع الأرثوذكسي، استناداً الى دعوة البطريركية المارونية الى البحث عن توافق على القانون المختلط، فإن الاتصالات تكثفت لهذا الغرض بين «القوات اللبنانية» و «المستقبل» من أجل التفاهم على توزيع الدوائر التي تجرى فيها الانتخابات على أساس نسبي، مع أخذ رأي جنبلاط في الاعتبار. وأكدت مصادر واكبت الاتصالات حول قانون الانتخاب أن لا مشكلة على توزيع الدوائر على النظام الأكثري (26 دائرة) وأن البحث يدور على توزيعها بالنسبة الى اختيار جزء من النواب على النظام النسبي، حيث تقترح «القوات» أن تكون من 6 محافظات بينما يفضل تيار «المستقبل» جعلها 9 أو 10 محافظات، ما يعني تقسيم كل من الجنوب والبقاع والشمال الى محافظتين، وجبل لبنان الى ثلاث دوائر بحيث يبقى الشوف وعاليه في دائرة واحدة كما يطالب النائب جنبلاط. وينتظر أن تتضح نتائج هذه الاتصالات بالتزامن مع انعقاد هيئة مكتب البرلمان الإثنين لتحديد مشاريع اقتراحات القوانين على جدول الأعمال بحيث لا تقتصر على المشروع الأرثوذكسي. إلا أن مصادر نيابية أوضحت أن المسألة الأهم ستكون الاتفاق خلال جلسة الأربعاء، التي يمكن أن تمتد 4 أيام، على مدة تأجيل الانتخابات النيابية. على صعيد آخر، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس في شأن المفاوضات للإفراج عن المخطوفين اللبنانيين في أعزاز قرب حلب، أن هناك خطوات ايجابية تحققت في الساعات الماضية في هذا الصدد، وأوضح ابراهيم ان الملف على الطريق الصحيح والأمور بخواتيمها وأنه سيزور سورية قريباً. وكان وزير الداخلية مروان شربل أعلن أنه تلقى من الخاطفين عبر السلطات التركية لائحة بأسماء نسوة سوريات معتقلات في السجون السورية يطالب الخاطفون بالإفراج عنهن مقابل اطلاق اللبنانيين التسعة المحتجزين لديهم. والمرجح أن يحمل اللواء ابراهيم اللائحة الى دمشق لهذا الغرض.