مرت 3 أشهر على أبي محمد في سجنه من دون أي ذنب ارتكبه سوى خوفه على شقيقه من دخول السجن، فأخذ على عاتقه أن يكون «سنداً» لأخيه ليحل محله في السجن، بسبب قضية ديون تكالبت على شقيقه، وأودعته السجن ثلاثة أعوام. ليخرج بعد صدور «صك إعسار». ويشغل أبومحمد مكانه في السجن، لأنه منح شقيقه «كفالة». وتقول أم محمد: «لم نقم بزيارته منذ أن أودعوه السجن في الرياض»، متسائلة: «هل ألومه على طيبة قلبه التي شتتت شمل أسرتنا؟». وتوضح ما جرى لهم: «سجن شقيق أبي محمد منذ 3 أعوام بسبب تراكم الديون عليه، فعملهم يقوم على استئجار العمارات السكنية لإسكان الطلبة في الرياض، ولم يكن زوجي شريكاً في العمل، فلا يتعدى كونه موظفاً لدى شقيقه، وطالما وقع بينهما الخلاف على تأخير راتبه». وتراكمت الديون على شقيق زوجها، فقام مالك البناية بتقديم شكوى ضده، مطالباً بمبلغ يقدر ب450 ألف ريال، فسجن 3 أعوام. وكان أبومحمد يسعى خلالها لمساعدة شقيقه بشتى الطرق، إذ كان موجوداً في الرياض محل سجن شقيقه أكثر من وجوده في مسقط رأسه (القطيف)، حتى تمكن من استخراج «صك إعسار»، وتكمل الزوجة أن «الخطأ الفادح الذي ارتكبه زوجي في حق نفسه وحقنا هو قبوله التوكل عن شقيقه، إذ لم يكن واعياً أنه بموافقته وتوقيعه على ذلك سيتحمل الديون أيضاً». وبعد صدور صك الإعسار وإطلاق سراح شقيقه بفترة، تم «إلقاء القبض على أبي محمد، ومطالبته بسداد كامل المبلغ»، وقارنت أم محمد بين ما قام به زوجها، من أجل شقيقه، وبين أفعال الأخير بعد إطلاق سراحه، وتحدثت بحسرة: «نستجديه منذ 3 أشهر، ولن أنسى جملته الأولى حين سُجن أبومحمد «سجنت ثلاثة أعوام، فليجرب هو السجن أيضاً». إذ نسي كل ما قام به شقيقه من أجله، وتركنا للحاجة، فلم نكن في حاجة إلى أحد، على رغم ضآلة الراتب، وسكننا في شقة مستأجرة، وعددنا 13 شخصاً، ومر به ابني الأكبر طالباً مساعدته، فقال: «مرني غداً»، لكنه سافر بعدها، من دون أن يكترث لأوضاعنا». وتحاول أم محمد للشهر الثاني الحصول على إعانة من الضمان الاجتماعي، إلا أنهم طلبوا منها «رفع خطاب لمقر سجن زوجي، حتى يرسل السجن خطاباً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وإلى الآن لم يصلهم الرد». وأكثر ما يؤرق أم محمد حالياً «اقتراب موعد زواج ابنتي، من دون وجود ريال واحد من مهرها، الذي كان مودعاً في حساب والدها، وانتهت صلاحية بطاقات الصراف الآلي، ولم يتمكن من تجديدها، هذا في حال لم يتم تجميد حسابه، وسحب المبلغ المودع فيه». وتقول أم محمد: «لا أتمنى سجن زوجي، أو حتى شقيقه، إلا أنني أشعر بألم يعتصر قلبي حين أرى أبناءي حولي، وتمر علينا أيام لا أملك توفير ما يلبي لهم أبسط حاجاتهم الأساسية والضرورية. فيما المدين الأصلي حر طليق، من دون أن يؤنبه ضميره، أو يفكر في مساعدة أخيه». ويبلغ عمر أكبر أبناء أبي محمد 25 عاماً، إلا أن أمه تقول: «راتبه لا يتعدى 4 آلاف ريال، فهل سيكفي لإيجار الشقة في ظل ارتفاع المعيشة؟ وهل أمد يدي إلى الناس وأنا منذ ولادتي إلى الآن لم أقدم على ذلك؟».