واجهت جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرامية لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية أمس ضربة كبيرة عندما أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن المصادقة على إقامة نحو 294 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «بيت إيل» قرب رام الله. وجاء الإعلان بعد يومين فقط من نشر أنباء في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قرار الحكومة وقف طرح عطاءات استيطانية جديدة. وقللت وزيرة العدل الإسرائيلية المسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين تسيبي ليفني من اثر هذا القرار بعد لقائها كيري في روما. وقالت للإذاعة العسكرية الإسرائيلية: «أُعلمت بالإعلان (عن بيت إيل) بعد خروجي من الاجتماع (مع كيري) وتحققت منه ... وقمنا بإبلاغ الأميركيين فوراً. لا يوجد حاجة لتضخيم الأمر». وتابعت: «لقد استمعوا وفهموا ولم يقوموا بأي رد فعل». وأوضحت أن بناء هذه الوحدات هو نتيجة لاتفاق تم التوصل إليه في حزيران (يونيو) عام 2012 مع المستوطنين الذين كانوا يقيمون في بؤرة عشوائية (أولبانا) قرب المستوطنة، إذ وافقوا على ترك المنطقة من دون عنف في مقابل وعد ببناء نحو 300 وحدة سكنية لهم. وطمأن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون مستوطني الضفة المحتلة بأن السلطات الإسرائيلية أقرت حملة واسعة من المشاريع الاستيطانية التي سيبدأ بتنفيذها قريباً، معتبراً المصادقة على المخطط الأخير لبناء 296 وحدة سكنية في الضفة انطلاقة لهذه الحملة التي ستشمل مستوطنات الضفة والقدس. وقوبل القرار الإسرائيلي بإدانة وتحذير شديدين من الرئيس محمود عباس الذي اعتبر الناطق باسمه نبيل أبو ردينة القرار بأنه «تخريب لجهود الإدارة الأميركية، خصوصاً جهود الرئيس أوباما ووزير خارجيته الذي يتحرك بشكل مكثف بالمنطقة». وأضاف في بيان: «الرئاسة تقرأ هذا القرار بأنه رسالة للإدارة الأميركية، وضرب لعملية السلام ضمن مخطط كان أبرز معالمه اقتحام المستوطنين الأربعاء للمسجد الأقصى المبارك». وأضاف: «إن الحكومة الإسرائيلية تهدف من وراء هذه القرارات جر المنطقة إلى العنف بدل السلام والاستقرار، وهذا يدل إلى أن حكومة (بنيامين) نتانياهو غير معنية نهائياً بإحلال السلام في المنطقة». وأعلن مكتب عباس أنه تلقى أمس اتصالاً هاتفياً من كيري يعتقد أن موضوع القرار الإسرائيلي كان في صلبه. ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأميركي فلسطين وإسرائيل في 21 و22 الجاري ضمن جهوده الرامية لتقديم صيغة مقبولة لدى الطرفين لإعادتهما إلى طاولة المفاوضات. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل «الحياة» إن فرص حدوث أي تقدم في أي مفاوضات مع حكومة نتانياهو قريبة من الصفر، مضيفاً: «مع حكومة يمينية استيطانية مثل هذه، فإن لا فرصه لأي تقدم». وقال المسؤول الذي شارك في المفاوضات السابقة إن نتانياهو رفض في المحادثات التي جرت برعاية أميركية وأردنية البحث في ملفي القدس والحدود مع الأردن ضمن ملف الحدود». وكان كيري طلب في وقت سابق تمديد المهلة الزمنية التي منحها لنفسه لتقديم أفكار لاستئناف المفاوضات لأسبوعين آخرين ينتهيان مطلع الشهر المقبل. وأصدرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي بياناً دانت فيه المشروع الاستيطاني الجديد، واعتبرته «تصعيداً مدروساً» من قبل من وصفته ب «حكومة الاستيطان». وقالت إن القرار «يشكل صفعة ورداً واضحاً على الجهود والمبادرات الدولية لإيجاد مساحة لعملية سياسية، وتحديداً محاولات الإدارة الأميركية وجولات كيري في المنطقة»، محملة الحكومة الإسرائيلية «مسؤولية إفشال هذه الجهود بسب انتهاكاتها المتعمدة لقواعد القانون الدولي». ودعت اللجنة الرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى استخلاص العبر، وقالت: «ندعو المجتمع الدولي إلى التعرف على طبيعة الاحتلال وجوهر منطق القوة والتمرد على القانون، والفرق بين ما تقوله إسرائيل خلف الأبواب المغلقة ووجهها وممارساتها الاستعمارية الحقيقية». وأضافت: «إن إمعان قوة الاحتلال في عدوانها على أراضي دولة فلسطين، وتحديها لإرادة المجتمع الدولي، وإن تكثيف الهجمات المتكررة والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى من المجموعات المتطرفة تحت حماية قوات جيش الاحتلال، والاعتداءات المتواصلة على أبناء شعبنا، وتهجير السكان قسرياً، وهدم المنازل المتواصل، خصوصاً في مدينة القدس ومحيطها، هي دليل على أن حكومة الاستيطان تشكل بؤرة توتر واستفزاز ممنهج من شأنه جر المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف وعدم الاستقرار». وفي تعقيب لها على تقرير مركز «بيتسيلم» عن سقوط المدنيين الفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، قالت عشراوي: «هذا دليل آخر على جرائم الاحتلال ضد الإنسانية، ولقد آن الأوان لرفع الغطاء السياسي والقانوني عنه، واتخاذ التدابير الحاسمة لردع انتهاكاته المستمرة، والعمل على ضمان انتهاء الاحتلال باعتباره الحل الوحيد للسلام والاستقرار في المنطقة». من جهة ثانية، هدمت السلطات الإسرائيلية أمس 11 منشأة تجارية في قرية برطعة جنوب غربي جنين شمال الضفة الغربية. وتقع المنشآت التي جرى هدمها خلف جدار الفصل الإسرائيلي.