سيكون جمهور «الشاطئ الآخر» على موعد لطالما انتظره طويلاً في بيروت، موعد مع الموسيقية الفلسطينية الملتزمة وعازفة العود والمغنية كاميليا جبران. «أهل الشاطئ الآخر» الذين «يتعذّر الوصول إليهم مع أنهم قريبون مرئيون» كما تقول في أغنيتها، سيجتمعون اليوم في نادي «DRM» في شارع الحمرا، للاحتفاء بابنة صانع الأعواد وأستاذ الموسيقى إلياس جبران، ابنة شاطئ عكا والجليل الأدنى. الغناء في بيروت التي تشبه عكا ببحرها وناسها وحاراتها العتيقة، هو حلم جبران وكثر غيرها من أبناء المدينة التي كبّلها الاحتلال الإسرائيلي ومنعها من التواصل مع توأمها بيروت. صحيح أن إسرائيل نجحت في محاصرة المدينة الجميلة وفرض اللغة العبرية في مدارسها، لكنها لم تستطع أبداً قطع ألسنة العرب ولا أوتار الأعواد الأصيلة التي تميّزت بها عائلة كاميليا جبران، ولن تجرؤ على خطف أصوات المغنين العالية. هناك حيث بُترت الأيدي وسرق التاريخ، لا تزال الأغاني ممكنة. بعد رحلة طويلة مع فرقة «صابرين» الفلسطينية التي قدمت أعمالاً من ألحان سعيد مراد وكلمات شعراء عرب، انتقلت عازفة العود الأبرز في الأغنية الفلسطينية المعاصرة، إلى تجربة مستقلة وخاصة مع عازف الترومبيت فيرنر هاسلر، يستمع اللبنانيون إليها مساء اليوم حين يقدم الثنائي مقتطفات من ألبوم «ونبني» الذي صدر في عام 2010. بعد ألبومَي «محطات»، و «وميض» الذي شكل ذروة خطها الجديد وتعاونها مع الموسيقي السويسري فيرنر هاسلر الحاضر معها في بيروت، لجأت كاميليا في «مكان» (2009) إلى العود المنفرد لمرافقة صوتها، متخليةً عن الإلكترونيات. ثم عادت إلى التعاون مع هاسلر في ألبوم «ونبني» (2010). ويقول الموسيقي الفلسطيني فرج سليمان إن محبي جبران قد يعتبرون عنوان نقلتها الموسيقية هو «الموسيقى الإلكترونية». لكنه يعارض هذه التسمية معارضة شديدة، معتبراً أن «الموسيقى الإلكترونية تتصرف في موسيقى كاميليا كأي آلة موسيقية أخرى». ويضيف: «لا تزال هذه الموسيقى تندرج تحت خانة الموسيقى العربية، وبعيدة كل البعد عن أطر الموسيقى الإلكترونية لسبب بسيط، هو أنّ الإلكترونيات لا تمسّ صوت كاميليا، بل تتصرف كإضافة آلاتية لصوتها. إضافة تراوح بين الملائِمة وغير الملائمة، وصولاً إلى المزعجة. عود كاميليا يبقى حياً أيضاً، ولا يلامس الإلكترونيات في معظم حضوره. افتراض أنّ هذه الإضافات كافية لتعريف الموسيقى الناتجة ك «موسيقى إلكترونية» سيؤدي إلى تعريف غالبية الأعمال التي تقدّم اليوم كموسيقى إلكترونية، بدءاً من زياد الرحباني وانتهاءً بموسيقى الأعراس». ويرى سليمان أن «هذا الدمج بين صوت كاميليا ومرافقات فيرنر هاسلر الإلكترونية الذي سنستمع إليه اليوم في «DRM» يلمس نوعاً من «تطوّر شخصية» وبناء ثبات وحضور، فهاسلر وقف مهمّشاً في ألبوم «وميض» (2004). حاول الاقتراب من صوت كاميليا وملاءمة نفسه، بينما نسمعه يفتتح عمل «ونبني» بارتجال موسيقي سبق غناء كاميليا». ويقول: «يمكننا الاختلاف في شأن جمالية ارتجال الترومبيت «المزعج» المغلّف إلكترونياً، لكن تأديته قبل الغناء وبالروح الغنائية التي ستليه، تذكّرنا بمبنى الأغنية الشرقية حيث الارتجال يمهد ويهيّئ الطريق للغناء». يذكر أن جمهور كاميليا جبران سيكون في أيلول (سبتمبر) المقبل، على موعد مع ألبوم «وصل». المشروع الفني الذي يمزج الموسيقى والشعر، يجمع كاميليا جبران، إلى جانب عازفة الكونترباص الفرنسية سارة مورسيا التي سجّلت مع فرقة «صابرين» ألبومها الأخير وشاركت معها في إحياء عروض موسيقية عدة، وعازف الترومبيت والموسيقى الإلكترونية فيرنر هاسلر، إضافة إلى الشاعر الفلسطيني سلمان مصالحة والشاعر المغربي حسن نجمي. تركّز جبران على هذا الاختلاف بين الشاعرين، فواحدهما مشرقي والآخر مغربي، وقد سبق لها أن تعاملت مع نصوص لهما. وبمبادرة ودعم من مؤسسة Royaumont الفرنسية، ستجرى اللقاءات والإقامة في مقر المؤسسة في شمال باريس.