باشرت وحدات من قوات النخبة التونسية عملية تمشيط واسعة لجبل الشعانبي المحاذي للحدود الجزائرية، في محافظة القصرين غرب البلاد، وذلك بعد سلسلة انفجارات تسببت في جرح قرابة عشرة من عناصر الحرس والجيش وفرقة مكافحة الارهاب، ويُعتقد بأن وراءها متشددين إسلاميين. وذلك وسط انتقادات واسعة لحكومة علي العريض التي تتهم ب «التهاون» في مواجهة الخطر الإرهابي الذي يهدد البلاد. وعاشت تونس منذ الاثنين على وقع أنباء عن انفجار ألغام في محافظة القصرين التي شهدت، بعد الثورة، اشتباكات مسلحة بين قوات حرس الحدود والجيش التونسي من جهة ومجموعات مسلحة من جهة أخرى. وتُعرف هذه المنطقة بأنها ممر لتهريب السلع والمحروقات بين الجزائروتونس قبل أن تتحول إلى أحد أهم ممرات عبور المقاتلين «الجهاديين» وتهريب الأسلحة. وقامت السلطات الأمنية بسحب قوات حرس الحدود من المكان من أجل الافساح في المجال أمام الفرق الهندسية لتفجير الألغام التي تحيط بجبل الشعانبي الذي يُعتبر أطول جبل في تونس، وحيث تعتقد مصادر عسكرية واستخباراتية أن مجموعة من المقاتلين الجهاديين تتحصن فيه. يذكر ان قوات عسكرية تمكنت في كانون الثاني (يناير) الماضي من تفكيك معسكرات قالت وزارة الداخلية إنها تابعة لتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وإنها أُعدّت لغرض تنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد. لكن متابعين وخبراء عسكريين لاحظوا «تطوراً نوعياً» في طريقة عمل المجموعات المسلحة في المنطقة، فهي المرة الأولى التي يتم فيها اعتماد تقنية الألغام الأرضية لمواجهة قوات الأمن، ما يعني أن هناك نية لدى هذه المجموعات لإيجاد «موطئ قدم» في تونس بعدما ظلّت البلاد لمدة طويلة «أرض دعوة» لا يجوز فيها «الجهاد»، بحسب قيادات سلفية جهادية تونسية. وقال خبراء عسكريون إن المجموعات المسلحة المتحصنة زرعت ألغاماً ذات غطاء بلاستيكي يصعب اكتشافها حتى ولو تم استعمال كاشف عادي عن الألغام، وهو ما دفع بالجيش إلى الاستنجاد بفرقة الهندسة العسكرية وفرقة التدخل السريع التي تعتبر لواء النخبة في الجيش التونسي. وقال العميد مختار بن نصر الناطق باسم وزارة الدفاع التونسية ل «رويترز» أمس: «بدأ الجيش حملة تمشيط نارية باعتماد أسلحة خفيفة مثل طلقات نارية ورمانات تفجير خفيفة في جبال الشعانبي بحثاً عن مسلحين». لكنه نفى وجود مواجهات مباشرة مع مسلحين حالياً، قائلاً: «ليس هناك أي مواجهات ولم يظهر اي عنصر منهم حتى الان». وتبقى مواجهة خطر الإرهاب في تونس من أهم التحديات أمام الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية بخاصة وأن العديد من المعارضين يتهمونها بالتهاون مع الجماعات السلفية الجهادية في مناسبات عدة لعل أبرزها أحداث السفارة الأميركية في أيلول (سبتمبر) العام الماضي. وقد زار رئيس الحكومة علي العريض أمس الجرحى العسكريين الذين أصيبوا بتفجير الألغام في جبل الشعانبي.