أعلنت دائرة التنمية الاقتصادية في أبو ظبي أن العمال الأجانب ما زالوا يشكلون الجزء الأكبر من القوى العاملة المحلية ويتمركزون في الصناعات المرتبطة بالنفط والإنشاءات، ما أدى إلى تحديات تتمحور حول توفير الفرص الملائمة للمواطنين للتحول إلى القطاع الخاص. وأضافت أن حكومة أبو ظبي وضعت أهدافاً طموحة لمواجهة هذه التحديات وتكريس الفرص المتاحة لمواطنيها، لافتة إلى أن عدد العمال الإماراتيين عام 2011 بلغ 130 ألفاً من أصل 1.4 مليون، أي أن نسبة العمال الأجانب تجاوزت 90 في المئة، بحسب بيانات «مركز أبو ظبي للإحصاء». وأشارت الدائرة في أول تقرير أصدرته أمس عن التنافسية في أبو ظبي، إلى أن الإمارة تعمل على تطوير القوى العاملة المحلية التي تتمتع بالمهارات اللازمة بغية تنشيط اقتصادها، ما يتطلب جهداً كبيراً خلال السنوات المقبلة. وأوضحت أن أبو ظبي استقدمت عدداً كبيراً من العمال الأجانب، ولكن معظمهم تمركز في القطاعات التي تتطلب مهارات متدنية، مثل البناء أو القطاعات ذات القيمة المضافة المنخفضة، مؤكداً أن التركيز يجب أن يتحول إلى جذب المهنيين ذوي الخبرة والقادرين على المساعدة في التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة، على رغم أن تدفق العمال الأجانب يفيد القطاع الصناعي لجهة أجورهم المقبولة. وأكد التقرير الاعتماد فقط على جلب المهارات إلى المنطقة غير كافٍ، بل يجب تطوير قدرات القوى العاملة المحلية وتنمية رأس المال البشري لضمان حصول المواطنين على الدعم والموارد المتاحة ليتفوقوا ويصبحوا مشاركين فاعلين في اقتصادهم، كما جاء في «رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030»، من خلال تطوير وسائل التعليم والتدريب وابتكار أساليب أخرى لزيادة توظيف المواطنين وإنتاجيتهم، خصوصاً في القطاع الخاص حيث يعمل نحو أربعة في المئة فقط من إجمالي القوى العاملة الإماراتية. وأشار إلى إن أبو ظبي تحقق نجاحاً جيداً بحسب المقاييس الأساس للتحصيل العلمي وخصوصاً التعليم العالي، إذ تحتاج الإمارة إلى التركيز على زيادة أعداد خريجي الجامعات المؤهلين، مبيّناً أن نسبة الإناث في القوى العاملة منخفضة جداً مقارنة بها في المنطقة. ولفت إلى أن البطالة بين الإماراتيين ما زالت تشكل مصدر قلق، خصوصاً في مدينة العين التي تعاني نسبة البطالة الأعلى، ولذلك عمل «مجلس أبوظبي للتوطين» وغيره من مؤسسات القطاع العام، على زيادة مستويات التوطين في الإمارة. وأوصى بالعمل على تفعيل مبادرات التدريب على المهارات الوظيفية في القطاع الخاص والمساعدة المتزايدة لرواد الأعمال الشباب. وأضاف التقرير أن حكومة أبو ظبي وضعت الشركات الريادية ضمن أولوياتها بهدف التحول إلى اقتصاد مستدام ومتنوع يشجع الشركات والمشاريع الناشئة، مشيراً إلى أن تهيئة الظروف المثالية لأصحاب المشاريع الريادية تشكل تحدياً للإمارة. وتابع أن 94 في المئة من الشركات في الإمارات، والبالغ عددها 300 ألف، صغيرة ومتوسطة وتساهم ب60 في المئة من الناتج المحلي و84 في المئة من اليد العاملة. واعتبر أن الخطوة الأولى لدعم المشاريع الصغيرة تتمثل في تحسين حصولها على تمويل، إذ أن المصارف المحلية توفر حالياً معظم أنشطة الإقراض ويتردد المستثمرون من القطاع الخاص في تحمل الأخطار الكبيرة للمشاريع الصغيرة. وأوضح أن أبو ظبي استثمرت كثيراً لتحسين قدرتها على الابتكار، خصوصاً في مجال العلوم والتكنولوجيا والمعلومات، منوهاً ببرنامج «تكامل» الذي يساعد على رفع مستوى الوعي بحماية الملكية الفكرية وطلبات براءات الاختراع. وشدد على أهمية تعزيز التنويع الاقتصادي في ما خص التنافسية، إذ أن أبو ظبي تتمتع بأحد أقوى معدلات الناتج المحلي الإجمالي للفرد في العالم، إلا أن نسبة كل القطاعات في الناتج تبلغ 41.5 في المئة، أي أن الاعتماد الأكبر هو على النفط والغاز. وأفاد بأن القطاعات غير النفطية، مثل الخدمات والتجارة والإنشاءات وغيرها، لا تساهم كما يجب في الناتج المحلي بحسب معايير التنافسية، ما يضعف التصدير أو تقديم خدمات القيمة المضافة. وأوضح أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تُعتبر من مؤشرات التنافسية، كما أن الإمارة نجحت في توظيف أكثر من أربعة بلايين دولار من هذه الاستثمارات في قطاع العقارات الذي مازال يعكس سيطرة رأس المال والإنفاق على البنية التحتية. وتابع أن أبو ظبي شهدت نمواً كبيراً في قطاع التمويل والتأمين نتيجة نمو برنامج «تكافل»، وهو شكل من أشكال التأمين الإسلامي، مشيراً إلى أن هذا القطاع احتل المركز الثاني بعد العقارات، لجهة استقبال استثمارات أجنبية مباشرة عام 2009، إذ استقطب أكثر من ستة بلايين درهم (1.6 بليون دولار). واعتبر أن هذا الاستثمار ما زال متدنياً نسبياً، إذ يبدو أن لدى القطاع إمكانات واعدة بعدما نجا من الأزمة المالية ونما ثمانية في المئة بين عامي 2005 و2011.