بعد مضي سنة تماماً على توليه رئاسة الجمهورية الفرنسية، جمع فرانسوا هولاند أمس وزراءه في قصر الإليزيه، في مسعى يهدف إلى تفعيل الحصيلة البائسة لما حققه وفريقه الحكومي حتى الآن. والمطلوب من هولاند، الذي يجد نفسه هدفاً لمعارضة ضارية ليس فقط على يمينه بل أيضاً إلى يساره، أن يعطي انطلاقة جديدة لنهج التعامل مع المشكلات الخانقة في فرنسا. فالبطالة ارتفعت إلى مستوى غير مسبوق وبلغت 11 في المئة، في ظل مؤشرات تحمل على القول بأن سوق العمل تتجه نحو المزيد من الانكماش والأزمة الاقتصادية مستمرة في تقليص القدرة الشرائية للفرنسيين. وترتب على ذلك انخفاض قياسي في شعبية هولاند مقارنة مع أسلافه، وبات عدد مؤيديه يقتصر على 24 في المئة من الفرنسيين، الذين لم يقتنعوا بأن توجهاته من شأنها أن تؤدي إلى تحسن في أوضاعهم. وساهم في تردي الثقة عدم التجانس داخل الصف الحكومي حيال التوجهات والقرارات التي اعتمدت إلى الآن، مما ولد لدى الرأي العام الانطباع بأن أسلوب هولاند يتسم بالتشوش والإبهام. ويعتبر كثيرون في الوسط السياسي أنه ينبغي على هولاند القيام بتغيير حكومي وإحاطة نفسه بشخصيات أكثر قدرة من فريقه الحالي على استعادة اللحمة مع الفرنسيين، لكن المقربين من الرئيس الفرنسي أكدوا مراراً أن التغيير احتمال مطروح وإنما مؤجل حالياً. وبالتالي فإن اجتماع الأمس يمكن أن يمثل فرصة أخيرة معطاة لرئيس الحكومة جان مارك أيرولت ووزرائه «لإحراز نتائج» ملموسة وفقاً لما أكده هولاند لدى افتتاحه الاجتماع. ولفت هولاند إلى أنه وحكومته غير مسؤولين عن الأوضاع البالغة الصعوبة، بالقول إن البطالة في ارتفاع مستمر منذ خمس سنوات، أي منذ عهد سلفه اليميني نيكولا ساركوزي، الذي أورثه مديونية قدرها 600 بليون يورو. وأكد أن حكومته انكبت على العمل منذ اليوم الأول للنهوض بالوضع وتحسينه، واضطرت إلى اعتماد المزيد من الأعباء الضريبية، وأن «ما من حكومة في العالم تزيد الضرائب» يمكن أن تكون «موضع عطف» من قبل المواطنين. وفي ظل أجواء وصفت بأنها «مرتاحة ومثابرة»، عمل كل من الوزراء على عرض جدول أعمال وزارته للأشهر المقبلة، ثم نوقش عدد من المواضيع الرئيسية، ومنها طبعاً البرنامج المتعلق بتحريك سوق العمل ورهانات المؤتمر الاجتماعي المقرر عقده في 20 حزيران (يونيو) المقبل والاستراتيجية من اجل تشجيع الاستثمار. ونظراً إلى جدية الأزمة التي تجتازها البلاد، لم ينظّم أي احتفال لمناسبة مرور سنة على تولي هولاند الاشتراكي للحكم بعد حوالى 17 سنة من الحكم اليميني، خصوصاً أن هذه الذكرى صادفت غداة التظاهرة التي شهدتها باريس الأحد بدعوة من زعيم «جبهة اليسار» (المتطرف) جان أوك ميلانشون. وانتقد ميلانشون الذي يفترض أنه حليف الاشتراكيين، أداء هولاند وفريقه، وقال إن سياسة التقشف التي يعتمدها هولاند والضرائب العديدة التي فرضها حتى الآن «تفرغ الأمة تدريجياً من دمها». ومن منطلق مختلف، رأى رئيس كتلة حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» (اليمين المعارض) أن فرنسا تبدو اليوم مثل «سفينة تغرق» في ظل وجود رئيس «لا يزال غير قادر على العمل». ووصفت زعيمة «الجبهة الوطنية الفرنسية» (اليمين المتطرف) مارين لوبن، هولاند بأنه يفتقر «اللون والرائحة والمذاق».