لم يكد الرياضيون يستفيقون بعد من مفاجأة فوز فريق الفتح لكرة القدم بدوري «زين» واقتحامه القائمة الشرفية لأبطال الدوري، حتى صعقهم فوز فريق العروبة من الجوف بدوري ركاء لأندية الدرجة الأولى وصعوده إلى «الدرجة الممتازة»، في سابقة جديدة ونادرة في التنافس الرياضي في الملاعب السعودية أن يحقق البطولتان ناديان حديثا عهد بالخبرة الإدارية وبعيدان عن الأضواء والإعلام، وظروفهما في التنافس متشابهة جداً. وعلى رغم أن منافسي الفتح ذوو خبرة وتمرس إلا أنه عرف كيف يطوعهم ويتفوق عليهم، كذلك كان العروبة يقاتل في ركاء بوجود عدد من الأندية التي سبق وكانت لها صولات وجولات في الممتاز، أهمها فريق القادسية الذي توقع الجميع أن يكون أشرس المقاتلين للعودة وأولهم، لكنه فشل وسيبقى للعام الثاني على التوالي في دوري الأولى، وآخرون تراوحت خبرتهم بين صعود وهبوط مثل الأنصار والوطني والخليج وأبها، وآخرون أعتقد الجمهور الرياضي بأنهم ضاعوا في لجة الأولى وأضاعوا طريق العودة إلى الممتاز مثل النجمة والرياض والنهضة والطائي. وشهدت جولات الحسم إثارة وتحدياً حضرت فيها الروح العربية في أبناء العروبة في الدفاع عما في أيدهم من منجز وحمايته والقتال دونه حتى معانقة المجد، وهو ما كان، حيث حسمت البطولة للعروبة قبل ختام الدوري متفوقاً على غيره ممن بقوا يدورون في فلك الأولى كل موسم، وإن غادروها سرعان ما يعودون إليها، وهو الإنجاز الذي عاشه «أهل الشمال» فرحاً طاغياً شارك فيه الجميع بعد أن أصبح لهم في الممتاز سفيراً ب«مرتبة الشرف» ونادياً ب«مسمى بطل»، وهو حلم كان يعتقد أنه صعب المنال، لكن تجربة الفتح الثرية في الإرادة والإدارة كانت نبراساً اقتدى به أبناء «عروبة الجوف» ليحولوا المستحيل إلى واقع يستحق الفخر. قد يكون فريق العروبة بإدارته ومدربه ولاعبيه مجهولين الآن لمعظم الجماهير الرياضية، بل إن مدينة الجوف التي ينتمي لها الفريق ليست عند البعض إلا مجرد اسم على الخريطة ولا يعرف عنها إلا أنها تضم مزارع الزيتون وتصدر زيته الصحي، لكن وجود العروبة في الدوري الممتاز للموسم المقبل سيفتح الآفاق نحوها على نحو لم تعهده من قبل، وسيبدأ موسم الهجرة إلى الشمال إعلامياً وإعلانياً وجماهيرياً عندما يستهل الفريق مبارياته، حيث ستتوافد جماهير المنطقة إلى الملعب، الذي سيحتضن لقاءات الفريق لتشجيعه ولمشاهدة «نجوم الدوري»، وهو ما يعني الكثافة في الحضور وإنعاش الجانبين السياحي والاقتصادي، وهي أحداث جديرة بأن يستعد لها منذ الآن على الأصعدة كافة، من حيث جاهزية الملعب وسلامة طريق الوصول إليه وأماكن الإقامة ومناسبتها، كذلك وسائل النقل التليفزيوني وكفاءتها وحجوزات الطيران ومدى توافرها، فليست المدينة في مكان ناء حتى نقبل أن يحدث أي تقصير. بقي أن أقول إن العروبة بطل دوري ركاء، وأهل الجوف الذين بذلوا جهدهم ومالهم لأجله لم ينالوا من الاحتفاء الإعلامي ما يستحقون، فأين الإنصاف يا إعلام..؟ [email protected] Qmonira@