بعد ان فقد احد ساقيه في انفجار لغم في معارك ضد الجيش السوري، كان في امكان جميل البقاء بعيداً عن ساحة المعركة بسبب اعاقته لكنه فضل العودة الى الجبهة بساق اصطناعية. ويثير هذا القائد في الجيش السوري الحر البالغ من العمر 33 عاماً، اعجاب رفاقه في السلاح. ويتذكر الجميع كيف انه ورغم آلامه المبرحة كان يشعر بالقلق وهو على سرير المستشفى على مصير رجاله بعد حادث انفجار اللغم. حصل ذلك قبل اشهر خلال مهمة استطلاع في محافظة اللاذقية (شمال غرب) معقل الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الرئيس بشار الاسد. وكان جميل امر رفاقه في السلاح بالبقاء في مواقعهم في حين تقدم وحده باتجاه قاعدة عسكرية عند قمة تلة تغطيها الاشجار. كان جميل يستمع الى الجنود يتبادلون المعلومات عن الترسانة العسكرية وعدد العسكريين، عندما سار على لغم. وقال انه سمع دوياً قوياً ثم لا شيء. وبعد ان استعاد وعيه وهو ممد على الارض، شعر بألم قوي في ساقه قبل ان يدرك ان الانفجار وضع القاعدة العسكرية في حال تأهب. ولكي لا يقع في الاسر زحف محاولاً الاختباء الى موقع جاء رجاله وسحبوه منه. ولم يدرك انه فقد ساقه الا بعد وصوله الى مستشفى في مدينة تركية حدودية عندما اصيب صبي بخوف شديد لرؤية ساقه الممزقة. وقال جميل "بادىء الامر ظننت ان حياتي انتهت. وقلت لرجالي "في حال لم انج قولوا لزوجتي الحامل ان تسمي ابنتنا مايا" ". واضاف "اقترح الجيش السوري الحر علي تولي المهام اللوجستية في تركيا بعيداً عن المعارك. كان ذلك سيكون اسهل بالنسبة لي". وعوضاً عن ذلك، عاد جميل قبل اسابيع الى اللاذقية والتحق بصفوف كتائب عز عبد السلام، حيث يتذكر كل يوم بالم التحركات التي كان يقوم بها قبل الحادث بسهولة كبيرة. لكن جميل الذي بات ينسق الاستراتيجية العسكرية وعمليات تمويل الكتائب، يقلل من اهمية آلامه في هذا النزاع الذي دخل عامه الثالث. ويقول جميل وهو يجلس على صخرة قرب المقر العام لكتيبته "لا يمكن ان انسى التضحيات الكبرى التي قدمها السوريون العاديون في هذه الثورة. لقد خسروا منازلهم واسرهم". ويضيف "لا يمكنني ان انساهم لانني فقدت ساقي. يجب ان تستمر المعركة حتى الاطاحة بالاسد". وحتى قبل الثورة كان جميل "بطلاً حقيقياً" حسب ما قال احد رفاقه في السلاح. فقد راهن شخص في مدينة اللاذقية بمبلغ 500 ليرة سورية لمن يتجرأ على صفع تمثال حافظ الاسد والد الرئيس الحالي الذي حكم سورية بقبضة من حديد طوال ثلاثة عقود. وكان الرهان جنونياً لانها كانت مجازفة خطيرة وسط هذه المدينة لكن جميل صفع التمثال مستفيدا من لحظة كان الحراس ينظرون فيها الى مكان اخر. وقال احد مقاتلي المعارضة "صفع التمثال واخذ المال وبدأ يركض كالمجنون لكي لا يتم توقيفه".