أطلق العمال في يومهم العالمي أمس، شعارات مختلفة، أهمها معارضة الظروف السيئة لممارسة مهنهم في آسيا، والتي تسببت في مقتل أكثر من 400 منهم وفقدان 149 آخرين بانهيار مبنى ضم مصانع للنسيج في بنغلادش الشهر الماضي، والتظاهر ضد سياسات التقشف وللمطالبة بمكافحة البطالة في أوروبا. وكان لافتاً إدانة البابا فرنسيس «استعباد» العمال الضحايا في بنغلادش والذين تقاضى بعضهم 38 يورو شهرياً، وقال: «تطاول العبودية في العالم اليوم شيئاً منحنا إياه الله، هو القدرة على الابتكار والعمل والكرامة. وزاد: «عدم دفع الأجر بنزاهة، وعدم توفير العمل لأسباب تتعلق بالمردود المالي فقط والرغبة في تحقيق الربح، أمور تخالف تعاليم الله». وحمّل البابا الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العالم مسؤولية تراجع أوضاع العمال «لأنها تختار استغلالهم»، فيما اعتبر البطالة «عبئاً على ضميرنا، لأنه حين لا يكون المجتمع منظماً لمنح الجميع فرص العمل فهو غير عادل». وشهدت بنغلادش تظاهر عشرات الآلاف للمطالبة بشنق مالكي مصانع النسيج في المبنى المنهار، على رغم الدعوات إلى الهدوء التي أطلقتها رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، والتي شددت أيضاً على ضرورة فتح مصانع النسيج التي يبلغ عددها 4500 أبوابها المغلقة منذ أسبوع. ورفع المتظاهرون في شوارع دكا ومدن أخرى في البلاد لافتات وأعلاماً حمر هاتفين: «اشنقوا مالكي المشاغل القتلة»، علماً أن السلطات أوقفت سبعة متهمين بالقتل غير المتعمد، بينهم مالك مجمع «راما بلازا» ومهندسون سمحوا بعودة العمال إلى المبنى المنهار على رغم ظهور تشققات فيه. وهم مثلوا أمام القضاء مرتدين سترات واقية من الرصاص. وأعلنت الحكومة خطة لتفقد المصانع دورياً، لكنها نفت الاتهامات بالإهمال في عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث المدفونة تحت أطنان من الإسمنت والحديد. وفيما ضم المبنى المنهار خمسة مشاغل مرتبطة خصوصاً بالعلامة الإسبانية «مانغو» والبريطانية «برايمارك»، تعهدت «برايمارك» دفع تعويضات إلى ضحايا الكارثة الذين عملوا لحساب الشركة المزودة لها، خصوصاً الأطفال الذين فقدوا معيلاً. وأعلنت مجموعة «لوبلو» الكندية لتوزيع مواد الغذاء عزمها على تقديم مساعدة ضخمة إلى عائلات الضحايا الذين يعملون لحساب الشركة المزودة لها أيضاً، وتشجيع إدخال تغييرات لتجنب تكرار حادث مماثل. وأعلن الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لدكا في سوق الملابس، إنه يدرس اتخاذ إجراء تجاري مع بنغلادش للضغط عليها من أجل تحسين معايير السلامة في العمل. وتجد واردات الملابس من بنغلادش سوقاً رائجة في دول الاتحاد الأوروبي بسبب إعفاء الواردات من الرسوم الجمركية، لكن أي إجراء من الاتحاد الأوروبي لإلغاء إعفاء بنغلادش من الرسوم والحصص يتطلب موافقة كل الدول الأعضاء في الاتحاد، ما قد يستغرق أكثر من سنة. وناشد الاتحاد في بيان السلطات في بنغلادش العمل فوراً لضمان التزام مصانعها معايير العمل الدولية»، علماً أن حوالى 3.6 مليون شخص يعملون في صناعة الملابس ببنغلادش، ثاني أكبر مصدر للنسيج في العالم بعد الصين. في كمبوديا، سلم العمال البرلمان عريضة تطالب بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 150 دولاراً شهرياً في مصانع الألبسة. وتجمع آلاف في الفيليبين للمطالبة بزيادة ثلاثة دولارات إلى الحد الأدنى للأجر اليومي البالغ 11 دولاراً. صدامات في تركيا في أوروبا، أحيا آلاف من العمال في اليونان عيدهم بتنظيم إضراب عن العمل احتجاجاً على الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها الحكومة لتلبية إجراءات التقشف الصارمة التي تطلبها الجهات المانحة. وتجمع محتجون وسط أثينا أمام البرلمان ووزارة المالية، ملوحين بأعلام ورافعين زهور القرنفل. وألغت سفن الركاب والسكك الحديد خدماتها، بينما لم يذهب المدرسون وموظفو الحكومة والبنوك إلى أعمالهم. كما شارك في الإضراب حراس الأمن وموظفون في آثار الأكروبوليس الشهيرة، ما منع السياح من دخولها. وتلحظ إجراءات الحكومة خطة غير مسبوقة لتسريح 15 ألف موظف بحلول 2014، وفرض مزيد من الضرائب العقارية وزيادة ساعات العمل للمدرسين، وخصخصة كيانات مملوكة للدولة وإغلاق هيئات تابعة للدولة في مقابل موافقة منطقة اليورو على منح اليونان 2.8 بليون يورو لإنقاذ دين اليونان. ورفعت الإصلاحات إلى 27 في المئة مستوى البطالة، ما دفع اليونانيين إلى القول إنهم يتعرضون لضغوط تفوق قدراتهم وتصفية حقوقهم. وشهدت إسبانيا وإيطاليا وقبرص وفرنسا تظاهرات لرفض سياسات التقشف ومكافحة البطالة، فيما اندلعت مواجهات بين عشرات المتظاهرين اليساريين والشرطة التركية في حي بيشكطاش بإسطنبول، حيث استخدمت قوات مكافحة الشغب خراطيم مياه وقنابل مسيلة للدموع ضد متظاهرين رشقوا حجارة، ورددوا «الموت للفاشية» احتجاجاً على منع تجمعهم في ساحة تقسيم الرمزية بحجة أنها تخضع لعملية ترميم بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وجرح أشخاص كثيرون بينهم غورسيل تيكين، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، المعارض الرئيسي في تركيا، ومصور وشرطيان في الصدامات التي أدت أيضاً إلى توقيف الشرطة 20 متظاهراً. وفي روسيا، شارك حوالى 90 ألف روسي في تظاهرة عمالية وسط موسكو، بينما احتشد حوالى 5 آلاف شيوعي تحت تمثال مؤسس الاتحاد السوفياتي السابق فلاديمير لنين قبل التوجه إلى الكرملين، تعبيراً عن حنينهم لاستقرار العهد السوفياتي. واختلط غينادي زيوغانوف، زعيم الحزب الشيوعي والمرشح السابق في انتخابات الرئاسة بالحشود مهنئاً بعيد العمال، وقال إن «مستقبل البلاد يتوقف على انطلاق الناس إلى الشوارع للفت أنظار الحكومة». وفي كوبا تظاهر نصف مليون شخص للمطالبة ب «اشتراكية مزدهرة ومستدامة».