تجتمع الدول العربية على أشياء كثيرة أهمها اللغة والدين، ولكنها تختلف في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» من حيث التوجّه والمتابعة، فقائمة أعلى المتابعين في السعودية تختلف عنها في مصر، كما تختلف في فلسطين عن لبنان. «تويتر» أصبح «مرآة» تعكس اهتمامات الشعوب، فحين يعتلي قائمة الأكثر متابعة في السعودية «الدعاة»، فهذا يعني شيئاً ما. والجميع يتفق أنه لا يشترط في مَن يتابعك أن يحبك، فالدكتور محمد العريفي على سبيل المثال يتابعه أكثر من 4 ملايين و600 ألف متابع، ومع ذلك فهو أحد أكثر مشاهير «تويتر» «هشتقةً». قائمة الأكثر متابعة في السعودية يتصدرها بجانب العريفي، الدكتور عائض القرني والدكتور سلمان العودة وإمام مسجد قباء الشيخ صالح المغامسي، وهؤلاء جميعاً يعرّفون أنفسهم على أنهم «دعاة»، إضافة لهم يأتي في القائمة أهل التلفزيون أحمد الشقيري أعلى مذيع عربي متابعةً ومن ثم بتال القوس وتركي الدخيل، ومن الرياضة في قائمة العشرة الأكثر متابعةً يأتي وحيداً رئيس نادي الهلال عبدالرحمن بن مساعد. والملاحظ في هذه القائمة أنه يغلبها مغردون يحملون «الصفة الدينية»، وهي كما يقول أستاذ الإعلام السياسي محمد البشر في دراسته «قادة الرأي في المجتمع السعودي»: «الصفة الدينية أبرز سمات قادة الرأي التي يمكن ملاحظتها في المجتمع السعودي، بوصفه مجتمعاً متديناً يخرج المؤثرون فيه من أنساق المجتمع المرتبطة جميعها بالعامل الديني المهيمن على ثقافة المواطن السعودي». ولا يعود أمر ارتفاع أعداد متابعين «الدعاة» إلى الثقافة الدينية في السعودية فقط، بل يحسب للدعاة تفاعلهم الذكي مع متابعيهم، فالعودة يشارك المغردين في «هاشتاقاتهم» اليومية، ويعلق على الأخبار المحلية ويرد على متابعيه. أما العريفي فيُشرك متابعيه في اختيار مواضيع خطب الجمعة التي يلقيها في مسجده وحلقات برامجه ويخبرهم بأماكن وجوده، فمتابع العريفي يستطيع أن يقول لك الآن أين هو وفي أي مدينة، وهذا بلا شك رابطة قوية استطاع صنعها مع متابعيه. كذلك الأمر مع المتابع الكويتي، فقائمة الأعلى متابعة في الكويت يعتلي على عرشها أربعة دعاة، يتقدمهم نبيل العوضي بأكثر من مليونين متابع، ومشاري العفاسي والدكتور طارق السويدان والدكتور محمد العوضي. فيما وضعت الأحداث السياسية الساخنة في مصر الساسة في مقدمة «تويتر» المصري، إذ احتل رئيس حزب الدستور محمد البرادعي قائمة الأكثر متابعة، ويعود ذلك إلى أنه من أوائل السياسيين المصريين الذين اتجهوا للتواصل مع جمهورهم عبر «تويتر». تلاحق الأحداث في مصر وسرعة تطور الوضع السياسي خلقت صعوبة في التواصل الإعلامي الدائم بين الساسة والشارع، فحملت تغريداتهم رؤيتهم للأحداث، واعتد بها رأياً سياسياً يعبر عن صاحبه، إذ أصبحت تغريداتهم مادة صحفية تنشر على أنها تصريحات سياسية، وكسر الداعية الديني عمرو خالد سيطرة السياسيين وحل ثانياً بفارق بسيط عن البرادعي، ويحظى خالد بشعبية كبيرة بين الشباب لطريقته البسيطة في مناقشة القضايا الدينية، ما جذب إليه قطاعاً كبيراً من المتابعين. ولو أن اختيار الرئيس في مصر يأتي عبر «تويتر» لحل الرئيس المصري محمد مرسي ثالثاً، كما هو ترتيبه في قائمة الأكثر متابعة في «تويتر» المصري، وتلخص صفحة الرئيس طريقة تعامل المصريين مع «تويتر»، فدائماً ما تحمل صفحته تعليقات من المعارضين له والمؤيدين أيضاً، ويحرص الرئيس مرسي على تذييل كل تغريدة يكتبها بنفسه ب«هاشتاق» الرئيس. وخرج من رحم الثورة جيل صعد بسرعة كبيرة إلى مصاف النجوم، إذ نال مقدم البرامج الساخر باسم يوسف شهرة واسعة على مستوى العالم العربي فأتى بفارق بسيط خلف الرئيس المصري، وأيضاً الناشط السياسي وائل غنيم. وعلى رغم وجود عدد كبير من الفنانين على «تويتر»، إلا أنه لم يدخل ضمن القائمة سوى الفنان عمرو دياب واكد، الذي لم يتحرج من الحديث في السياسة منذ بداية ثورة 25 كانون الثاني (يناير) والتي كان حاضراً فيها بقوة خلال ال18 يوماً في ميدان التحرير، ومع النجومية الكبيرة التي يحظى بها عمرو دياب على مستوى العالم العربي، إلا أن المطرب الشاب حمزة نمرة تفوق عليه في عدد المتابعين، وهذا يثبت أن تواصل الفنان مع متابعيه وطرح آرائه أحد أبرز أسباب زيادة أعداد متابعيه في «تويتر»، إذ تخلو صفحة عمرو دياب من أي ضجيج سياسي، ويكتفي بالتغريد على فترات متباعدة في ما يخص فنه. وفيما تتقارب الأوضاع بين مصر ولبنان من حيث الساحة السياسية المشتعلة والأحزاب المتناحرة، إلا أن الساسة لم يحظوا بنجومية «تويتر» كما الحال في مصر، إذ لم يدخل ضمن قائمة ال10 الأكثر متابعة من سياسي لبنان سوى رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، الذي حل عاشراً على رغم من وجوده الدائم وطرح أفكاره ورؤاه السياسية للوضع اللبناني والعربي. وسيطرن الفنانات في شكل كبير على القائمة اللبنانية، وحفظ الفنان راغب علامة للرجال حضورهم ضمن القائمة، إذ حلّ في المرتبة الرابعة خلف هيفاء وهبي ونانسي عجرم، وحلت إليسا أكثر اللبنانيين متابعة وثاني أكثر الفنانين العرب «أكثر من مليون متابع» بفارق بسيط خلف المطربة الإماراتية أحلام، ويعود تفوق أحلام في أعداد المتابعين إلى تواصلها الدائم مع جمهورها من خلال تغريدات تكتبها بنفسها، وفي شكل شبه مستمر، فمن الممكن أن تطلق تغريدتين في ساعة واحدة. وفي «تويتر» الإماراتي يحضر أيضاً ضمن قائمة الأكثر متابعة الفنان حسين الجسمي «نحو 500 ألف متابع»، الذي يكتفي في معظم تغريداته بتوجيه الشكر لمعجبيه، فيما تصدر رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المغردين الإماراتيين.