أعلن قائد الجناح العسكري ل «حزب العمال الكردستاني» مراد كره يلان، بعد شهر على تبادله رسائل وسجاله مع زعيم الحزب المعتقل عبدالله أوجلان، أن قواته ستبدأ في 8 أيار (مايو) المقبل، انسحاباً نهائياً من تركيا إلى شمال العراق، ضمن خطة من ثلاث مراحل أقرّها أوجلان مع حكومة رجب طيب أردوغان، تنتهي بتسوية سلمية للقضية الكردية وإطلاق زعيم الحزب. ورد ذلك في مؤتمر صحافي عقده كره يلان في جبال قنديل في كردستان العراق، حيث معسكرات الحزب، ووسط حشد إعلامي وفي ظروف أمنية مشددة أدت إلى تأجيل المؤتمر الصحافي ساعات، بعدما لاحظت قيادات «الكردستاني» تحليق طائرات تركية من طراز «هيرون» الإسرائيلية الصنع، فوق المنطقة، واشترطت ابتعادها عن المكان. وأشار كره يلان إلى أن مسلحي حزبه «سيبدأون في 8 أيار، انسحاباً تدريجياً، في مجموعات، يكتمل في أسرع وقت ممكن»، من دون تحديد موعد لإنجازه. وحذر من أن «الانسحاب سيتوقف فوراً»، إذا تعرّض مقاتلوه ل «أي هجوم، عملية أو قصف، وستردّ قواتنا، مستخدمة حقها المشروع في الدفاع عن النفس والرد»، لافتاً إلى أن قواته «ستتمركز في جنوب كردستان» في شمال العراق. وأضاف أن «الانسحاب يأتي تلبية لتعليمات الزعيم أوجلان الذي يجب أن ينال حريته في نهاية هذا المسار»، معتبراً أن «خطة السلام التي وضعها الاخير، بالاتفاق مع الحكومة التركية، ستكون «نموذجاً يُحتذى للسلام في الشرق الأوسط، لتؤكد أن السلاح ليس السبيل الأفضل لتسوية الخلافات السياسية». وطلب كره يلان مساندة دولية لهذه المسيرة، من الولاياتالمتحدة وأوروبا وروسيا وأميركا، إذ رأى أن نجاحها سيؤثر في القضية الكردية إقليمياً، معتبرا ان ثمة «نقاطاً مهمة يجب التنبّه إليها خلال الفترة المقبلة، لإنجاح المسيرة»، بينها أن مسلحي «الكردستاني» سيسلكون الطريق ذاته الذي دخلوا منه إلى تركيا، وأن ثمة لجنة لم يحددها، ستتابع الانسحاب، مشيراً إلى «اتفاقات لن يُعلن عنها، أبرمها أوجلان والحكومة التركية، لإنجاح الانسحاب»، توقّع من أنقرة «التزاماً تاماً بها»، إذ اعتبر أن زعيم الحزب «وفى بمسؤولياته، والآن دور الحكومة التركية، ودورنا». وتوقّع كره يلان تعاون إقليم كردستان العراق في استقبال المسلحين المنسحبين، والاعتراف بهم رسمياً وحسن معاملتهم خلال إقامتهم «الموقتة»، في إشارة غير مباشرة إلى رغبة القيادات العسكرية في العودة مجدداً إلى تركيا مستقبلاً. وحدّد كره يلان للمرة الأولى، «واجبات» على الحكومة التركية تنفيذها لإحلال السلام، قائلاً إن «الجزء الأول من مسيرة التسوية يشمل الانسحاب من تركيا، لتبدأ المرحلة الثانية التي تقع على الحكومة التركية في شكل كامل، لوضع دستور جديد يسوّي القضية الكردية في شكل جذري». يتبع ذلك مرحلة ثالثة ل «التطبيع، يتآلف خلالها الأكراد والأتراك ضمن الدستور الجديد»، رجّح أن يتم خلالها العفو عن مسلحي «الكردستاني» وإطلاق أوجلان وعودة القيادات العسكرية للحزب إلى تركيا. وقال: «التفكيك الكامل للأسلحة ونزع سلاح المقاتلين، سيكون ضمن جدول الأعمال حين ينال الجميع حريتهم، بينهم قائدنا أوجلان». وأضاف: «مهم وضع دستور ينتهي إنكار الشعب الكردي، ويقبل وجود الشعب الكردي وحريته، ويضمن الحقوق والحريات لكل الهويات والمعتقدات والطوائف». وكشف أن أوجلان اشترط إصدار البرلمان قرار الانسحاب، وتشكيل لجنة حكماء مدنية ولجنة برلمانية، معتبراً أن «مرحلة السلاح انتهت، وستبدأ تسوية القضية الكردية، بوسائل سلمية وسياسية». ورحب نواب من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بإعلان كره يلان، فيما اعتبرت المعارضة أن تصريحاته تؤكد «اتفاقاً سرياً» بين الحكومة و «الكردستاني»، «يهدد أمن تركيا ومستقبلها». وقبل ساعات من إعلان الانسحاب، جُرح 15 شخصاً في جامعة أنقرة، إثر صدامات بين طلاب قوميين يعارضون التسوية مع «الكردستاني»، ومؤيدين لها.