نَشرت خبراً من صحيفة «الحياة»على صفحتي في «تويتر» عنوانه (بعد 10 أعوام من المنع... 20 نادياً رياضياً نسائياً تتسابق لنيل التراخيص). البعض اعتبره قرب انفراج في ما يخص قضية رياضة النساء في السعودية بينما قلل من أهميته آخرون متسائلين عن حاجاتنا الحقيقية لهذه الأندية، ولكن كان اللافت تعليق أحدهم:» الله يكفينا شر من فيه شر، حريم ورياضة، عشنا وشفنا، الله يرحم الأولات....»، مضيفاً أن مكان المرأة بيتها «تريح وترتاح»، وليس خروجها للأسواق والأندية وانضمامها للابتعاث. فلماذا يسعى الغرب لإخراج المرأة المسلمة من بيتها ويجعلها همه الأكبر؟ هذا التعليق أنموذج لآراء البعض في ما يخص الكثير من قضايا المرأة التي يُنظر إليها بعيداً عن واقعها وبطريقة ضيقة وسطحية تتعامل معها كأنثى فقط فتأخذ قضاياها إلى مسارات معقدة. فحتى الخروج لممارسة الرياضة يدخل ضمن «نظرية المؤامرة» التي تستهدف المرأة وأخلاقها! وكأن المرأة ستخرج عن دينها وتفسق أو على أقل تقدير ستمارس هذه الرياضة أمام الرجال، أو ستكوّن فرقاً رياضية معهم، وليس في مكان مغلق مخصص للنساء تفرض عليه الكثير من القيود حتى على الملابس والموسيقى المستخدمة. هذه المعتقدات تأتي نتيجة ثقافة وعادات وتقاليد اجتماعية تُحَرِّم الحلال، فنجدها حَرَّمَتْ رياضة البنات، وعارضت إدراجها في مدارسهن، وغُيبت الأنظمة التي يمكن أن تنظم وجودها. وبالتالي نجد الفرق النسائية الرياضية تُنشأ بمجهودات فردية، والأندية النسائية التي توفر حصصاً وأجهزة للرياضة تفتح بشكل غير نظامي إما تحت مسمى مراكز للعلاج الطبيعي أوفي المستشفيات والفنادق، أو في مبان نسائية خاصة بعيدة عن الرقابة، بأسعار مبالغ فيها، ومع ذلك لا تسلم من قرارات إغلاق بين فترة وأخرى. وإن كان من الصعب أن يتفهم البعض أن ممارسة النساء للرياضة ليس درباً من دروب الانحلال الأخلاقي، وأنه من حق المرأة أن تختار أسلوب حياتها وطريقة ممارسته كإنسان، وأن تتاح لها وسائل مختلفة تمكنها من الاهتمام بصحتها ولياقتها العامة، أو حتى «كمتنفس» للترفيه لمحدودية وسائله، فهل يمكن أن يتفهموا خطورة إنتشار السمنة بين النساء؟ يؤكد استشاري التغذية العلاجية، ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية الدكتور خالد مدني، في دراسة بعنوان (السمنة في السعودية)، ارتفاع نسبة السمنة بين البالغين وخصوصاً السيدات لتمثل أهم المشكلات الصحية في المملكة. ويتراوح معدل انتشار السمنة بين 14- 83 في المئة، ويختلف تبعاً لاختلاف قياس السمنة والعمر والجنس والحالة الصحية. وبالنسبة للنساء، فتزيد السمنة بسبب طبيعة أجسامهن التي تخزن الدهون أكثر من الرجال، إضافة إلى قلة الجهد المبذول، وتكرار الحمل والولادة، وغيرها من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية. وأوصت الدراسة بضرورة تثقيف المجتمع بمخاطر السمنة وارتباطها بالكثير من الأمراض التي تؤثر على الصحة، مشددة على ضرورة رفع مستوى النشاط البدني وخصوصاً بين النساء لاستعدادهن الكبير للبدانة ولدورهن في التأثير على أطفالهن في المستقبل. ممارسة الرياضة لها تأثير إيجابي على صحة الإنسان البدنية والنفسية يعيه جيداً من مارسها. فالانخراط في أي نشاط رياضي لا يقي من الأمراض ويحافظ على الوزن فحسب، بل يساعد على تخفيف الإجهاد والتخلص من الطاقة السلبية التي تسببها ضغوطات الحياة والتزاماتها، كما أنه يؤسس لشخصية أكثر ثقة بنفسها، ويعلم الإنسان الالتزام، ويزيد من قدرته على التحمل وغيره من الفوائد بعيداً عن «المؤامرات» وانحلال الأخلاق. يتمنى كثيرون أن تنفرج هذه القضية وتمارس الرياضة في مدارس البنات، ويبدأ افتتاح الأندية، وتُدعم الفرق النسائية رسمياً. ومن حق غير المقتنع أن يرتاح في بيته يأكل ويشرب وينام، ويرفه عن نفسه بالبرامج التلفزيونية والمسلسلات والأفلام، ويترك غيره يؤسس لحياة صحية تضمن تنشئة جيل لا تنحصر نشاطاته في «لفلفة الأسواق»، وجلسات المطاعم، والتجمعات في المناسبات الاجتماعية. [email protected] @daliagazzaz