يشهد مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية التونسية المنصف المرزوقي تعثراً إثر رفض عدد من الأحزاب والمنظمات المدنية، كاتحاد الشغل، الالتحاق به، إضافة إلى انسحاب أحزاب منه مثل حركة «نداء تونس» التي يرأسها رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي. وبالتالي فقد تحوّل مؤتمر الحوار الوطني الذي يطمح إلى حل عدد من المشاكل السياسية في البلاد إلى أزمة في حد ذاته نظراً إلى تباعد وجهات النظر بين مكونات الساحة السياسية في تونس. وكان المرزوقي أكد خلال افتتاحه الندوة الأولى من مؤتمر الحوار الوطني الأسبوع الماضي على ضرورة الإسراع في التوافقات اللاّزمة لصوغ الدّستور والقوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، معتبراً أن طول الفترة الانتقالية أصبح يشكّل أكبر خطر على الاستقرار في تونس. لكن الجلسة التي جمعت أحزاب «النهضة» و «المؤتمر من أجل الجمهوريّة» و «التكتل» و «التحالف الديموقراطي» و «الجمهوري» و «نداء تونس» و «المبادرة» لم تسفر عنها أية قرارات عملية أو توصيات تذكر، باستثناء جلوس حركة «النهضة» وحركة «نداء تونس» (يعتبرها بعضهم من «فلول» النظام السابق) إلى الطاولة نفسها وهي سابقة منذ تولي «النهضة» الحكم في البلاد عام 2011. وهناك من اعتبر أن الحوار الوطني مجرد واجهة ل «تطبيع العلاقات» بين الإسلاميين ومن يعتبرونهم «فلول النظام السابق». ومن أبرز عوامل فشل مؤتمر الحوار هو مقاطعة الجبهة الشعبية (اليسارية) وعدم توجيه الدعوة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل وهو أكبر المنظمات الاجتماعية في البلاد. وتبرر رئاسة الجمهورية ذلك بأن الحوار الوطني يقتصر على الأحزاب الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي. وعلى رغم أن عدداً من الأحزاب الرئيسة ك «النهضة» و «الجمهوري» و «نداء تونس» استجابت لدعوات الحوار إلا أن ذلك لم يسد الفراغ الذي تركته الجبهة الشعبية واتحاد الشغل وذلك للمكانة الاجتماعية والسياسية المهمة التي يتمتع بهما الاتحاد والجبهة. وكان مؤتمر الحوار الوطني كلف الأمينة العامة للحزب «الجمهوري» مية الجريبي والناطق الرسمي باسم حزب «التكتل» مولدي الرياحي بالاتصال بالمتغيبين قصد إقناعهم بالجلوس إلى طاولة الحوار، إلا أن الجبهة الشعبية واتحاد الشغل شددا في لقاء تشاوري أول من أمس على عدم مشاركتهما في الحوار الوطني واعتبراه غير ذي جدوى لأنه يقتصر على أحزاب دون غيرها وأنه لن يناقش القضايا الرئيسة وهي التصدي لغلاء الأسعار والتفاوت الجهوي، إضافة إلى حل رابطات حماية الثورة. ويتمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها في أواخر العام الماضي، وأعلن أمينه العام حسين العباسي أنه سيفعّل هذه المبادرة مطلع الشهر المقبل. كما أشار العباسي إلى أن مؤتمر الحوار الذي بادر به رئيس الجمهورية «يستبطن نية لسحب البساط من تحت مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل».