أنسنة التحولات الرقمية والسيطرة على آثارها وتأثيراتها    يمين.. يسار.. تصفيق    مدالله العليان ينضم الى الاتفاق حتى 2028    كأس العالم للرياضات الإلكترونية| فريق T1 الكوري يحقق لقب بطولة League of Legends    مدرج الأهلي ومسلي    «أحُد» ليس بخير    وكيل معهد أبحاث الحج: مبادرة "نسك عناية" ناجحة وهادفة    السياحة العلاجية.. لا تخاطروا بحياتكم    كيف نصل لصاحب المفقودات    290 ألف وثيقة صلح عبر منصة تراضي    «أطباء مصر»: التحقيق في وفاة السعودية «فاطمة العجل» من قبل 3 جهات.. والعقوبة تصل للإيقاف الدائم    أمير المدينة ووزير التجارة يستعرضان الفرص التجارية في المنطقة    3 طبقات صوتية للإناث على المسرح    إساءة إلكترونية من مطلقة لزوجها السابق تثير الجدل    القنصلية السعودية في هيوستن تحذّر رعاياها في تكساس من العاصفة «بيريل»    إعادة تدوير النفايات الطبية بدون سموم    سعوديون يطالبون بتقنيات حديثة لتصميم الأزياء    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية على ارتفاع    الاتحاد يجدد عقد الناشري لموسمين    «لاعبون بلا عقود» يركضون في أبها بحثاً عن فرص احتراف    توطين الكفاءات    2024 الأكثر سخونة تاريخيا    تحرك لحصر ومراجعة أنظمة وقرارات الاستثمار الخارجي المباشر    أصغر ثنائي يجول العالم بدراجة    نتنياهو: دمار غزة دفع حماس لإعادة المفاوضات    محمد رمضان يصفع معجبا    السعودية حريصة على استئناف مفاوضات جدة بين السودانيين    المملكة ثاني دول العشرين بمؤشر تنمية الاتصالات والتقنية    أفضل الأطعمة للتغلب على الحرارة    الكمية الأمثل لتناول التوت وأبرز فوائده    براعة الماتادور بوجه توازن الديوك    «إثراء» يعلن فوز أربع فرق في «الفورمولا 1» استعدادًا للتصفيات العالمية    الأردن : إحباط تهريب 50 ألف حبة مخدرة متجهة للمملكة    «المرور» يوضح إجراءات تسديد المخالفات    فرنسا.. المعسكر الرئاسي يتنفس الصعداء    البيت الأبيض يصف زيارة أوربان للصين بأنها "غير بناءة"    مواطن يُشكل تاريخ الدولة السعودية بأكثر من 18 ألف قطعة ليجو    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سلطانة بنت سعود    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان القيادة الكويتية    أمير الشرقية يستقبل رئيس محكمة الجبيل ونادي الخليج    «القرية الحجازية» نموذج الحياة القديمة والإرث التاريخي    المختبر الإقليمي بالشرقية يجري 186 ألف فحص    "سلمان للإغاثة" يوزع مساعدات إغاثية متنوعة لمتضرري الزلزال في محافظة غازي عنتاب بتركيا    محافظ الطائف يعزي العصيمي    132 محطة و6 مسارات لحافلات طيبة    نائب أمير منطقة عسير يلتقي مدير عام معهد الإدارة العامة    الحجاب والسويد يحتفلان بزواج عبدالله    استمراء الكذب    افتتاح البرنامج الصيفي (بأطفالنا..نُباهي) بتعليم عسير    الطب الاتصالي يعيد قلب مريض إلى الحياة    محافظ الخرج يطلع على منجزات وخطط الجمعية السعودية للفنون التشكيلية    محترف النصر: الكرة السعودية تنمو بشكل كبير    أمير تبوك ل«الشؤون الإسلامية»: اهتموا بالجوامع وهيئوها للمصلين    استقبل السديري والسفير الجزائري.. أمير الرياض يطلع على البرامج الجامعية للبحث والابتكار    وفاة الأميرة سلطانه بنت سعود    أمين الرياض يعلن إطلاق برنامج الامتثال البلدي " مُثل "    تجسيداً للعناية السعودية قيادة وشعباً بأقدس المقدسات.. الكعبة المشرّفة تتوشح بهاء الكسوة الجديدة    هل يُقاس معوجّ بمعتدل؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل النفط والغاز في سورية
نشر في الحياة يوم 24 - 04 - 2013

إذا توافرت ظروف ملائمة يمكن لسورية أن تكتفي ذاتياً من النفط ومشتقاته والغاز الطبيعي وتصدّر الفائض من الغاز، حتى لو زاد عدد السكان بنسبة 50 في المئة. ويمكن أن تتحول إلى عاصمة لأنابيب النفط والغاز، ففي مقدورها استقبال خطوط أنابيب من السعودية والكويت وقطر والعراق وحتى إيران. ولن تشكّل هذه الخطوط مصدراً ضخماً للدخل فحسب بل ستجعل سورية أيضاً دولة إستراتيجية تستطيع استعادة دورها التاريخي في المنطقة كممر يصل بين قارات ومناطق.
قد تكون هناك كميات وفيرة من الغاز في المناطق البحرية، لكن تكلفتها عالية مقارنة بتكاليف الغاز المنتج براً، لذلك قد لا تُطوَّر إلا إذا كان الهدف هو تصدير الغاز إلى أوروبا، ما يتطلب عقوداً طويلة الأمد مع المشترين وبأسعار مجزية، وقوانين استثمار تشجع الشركات الأجنبية على التنقيب عن الغاز وإنتاجه. لهذا فإن تطوير الحقول البحرية يعد ثانوياً مقارنة بما قد تحتويه الأراضي السورية.
ولعبت أمور كثيرة دوراً في انخفاض إنتاج النفط السوري في السنوات الأخيرة، وفي عدم ازدهار قطاع الغاز في شكل يتلاءم مع جيولوجيا المنطقة. ففيما تحكمت الجيولوجيا بالنفط الموجود، لعب الفساد الإداري وضعف الحوافز للاستثمار الأجنبي الدور الأكبر في خفض الإنتاج خلال عقود. وكانت شركات النفط العالمية تصنف سورية من ضمن الأسوأ في العالم لتطوير حقول النفط والغاز. وهذا لا يعود إلى حرص الحكومة السورية على ثروات الوطن، بل إلى انتشار الفساد الإداري على نطاق واسع والقوانين الصارمة التي بدت مصممة للمساعدة في تحكم بعض الأشخاص بثروات سورية النفطية والغازية.
لكن الاكتفاء الذاتي لن يتحقق في الظروف الحالية والتي تشمل سيطرة أفراد على حقول النفط المحررة وإنتاجه بطرق لا تتواءم من متطلبات الحفاظ على المكامن، أو حتى على الصحة والبيئة. وتناولت هذه الزاوية الأسبوع الماضي جزءاً من المشكلة وهي انتشار الإشعاعات وتلويثها للبشر والتراب والماء لمئات السنين. وسيكلف ما يقوم به سارقو النفط حالياً من إنتاج وتكرير، سورية مئات البلايين من الدولارات في المستقبل، سواء في خسارة الاحتياطات التي لن يعود الإنتاج ممكناً منها، أو التلوث الذي سيؤدي إلى إغلاق مناطق تماماً حتى تُنظَّف بتكاليف باهظة. وهذا سيجبر الحكومات المقبلة والقطاع الخاص على استيراد النفط ومشتقاته، بكميات أكبر من ذي قبل، وبعملات صعبة قد يندر وجودها. وهكذا فإن سرقة النفط الآن هي إجرام بحق شعب كامل، لا يختلف كثيراً عن إجرام آل الأسد.
وبغض النظر عن الأضرار الصحية التي ستصيب سارقي النفط نتيجة تعرضهم لغازات سامة وإشعاعات قاتلة، فإنهم عرضة للمساءلة القانونية، فحقوق الدولة وحقوق الغير لا تسقط بمجرد تغيير الحكومة أو تغيير النظام، وحقوق الشركات الأجنبية المشاركة في الحقول لا تسقط أيضاً، وفق القانون المحلي والدولي، ووفق العقود الموقعة. وإذا كان بعض سارقي النفط يستبعدون مقاضاتهم ومحاسبتهم لعدم توافر أدلة، فهم مخطئون، إذ يكفي دليلاً شريط فيديو أو شهادة أشخاص. وإذا تبنت الحكومة الجديدة القانون الحالي كما هو، يمكن بسهولة مساءلة أي شخص حسب مبدأ «من أين لك هذا؟» الذي يقضي بأن يقوم المتهم، وليس المدعي العام، بتأمين الأدلة لإثبات براءته. والتهم في هذه الحالة لا تقتصر على سرقة المال العام، بل قد تمتد لتشمل تكاليف تنظيف التلوث الذي سببه هذا الشخص، والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى قيمة النفط المسروق بأضعاف.
أما على النطاق الشرعي، فالأمر مفروغ منه بعدما أصدرت هيئة الشام الإسلامية فتوى مرتين في ما يتعلق بموضوع السيطرة على آبار النفط وسرقة النفط. وأوردت في فتواها الثانية «أن قيام بعض الكتائب أو الجهات الثورية ببيع الأملاك العامة كالصوامع أو المصانع، أو بيع ما فيها من آلات أو معدات أو تخريبها، أو بيع منتجاتها كالنّفط والقمح وغيره إلى خارج سورية مع حاجة الناس الماسة إليها، يعد من الخيانة والإفساد في الأرض الذي يستحق فاعله العقوبة الشديدة الرادعة لأمثاله، قطعاً لدابر الفتنة والإفساد في الأرض، وحفاظاً على موارد الدولة وثروات الأمة».
وحضت الهيئة على «تكوين هيئات مستقلة عن الكتائب العسكرية، من أصحاب الوجاهة والعلماء والمحاكم الشرعيَّة ومن العاملين في هذه المنشآت لإدارتها وتسييرها، حفاظاً على مقدّرات البلد وثرواتها من أن تضيع، أو يُساء استخدامها». وجعلت الهيئة ذلك مشروطاً بقولها: «أما آثار ذلك في البيئة والصحة، فتستدعي اتخاذ أقصى وسائل الحماية والحذر في عملية الاستخراج، والتعامل بالتصفية والتكرير، وما يحتاج إليه ذلك من الاستعانة بالخبراء والأخصائيين، دفعاً للضرر الحاصل منها، ووقاية لمستقبل البلاد والعباد».
إن مستقبل سورية النفطي رهن سارقي النفط المعتدين على الحق العام والخاص، والمخالفين للأعراف الاجتماعية، والقانون والشرع. وإذا لم يوضع حد لهذا «الإجرام» فإن مستقبل النفط الموعود سيتأخر بضعة عقود. وقد لا يحتاج الأمر إلى تدخل لإنهاء المشكلة لأن النفط بسمومه وإشعاعاته قد ينهي حياة سارقي النفط حتى قبل أي تدخل.
 اقتصادي في شركة «إن جي بي» الأميركية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.