انطلقت في اسطنبول اعمال مؤتمر "مجموعة اصدقاء سورية" بحضور عدد من وزراء خارجية الدول الكبرى، وسط اجواء تدل على التوجه نحو "تعزيز دعم المعارضة السورية المسلحة"، التي تقاتل نظام الرئيس بشار الاسد، بعد اعلان واشنطن نيتها زيادة "المساعدات العسكرية غير القاتلة". في الوقت نفسه، يتوقع ان يجدد الائتلاف السوري المعارض الممثل بوفد رسمي في الاجتماع طلبه من "الدول الصديقة" تزويد المعارضة بأسلحة مباشرة وفعالة. في وقت، أكد وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله انه "يتعين على المعارضة السورية ان تنأى بنفسها عن القوى الارهابية والمتطرفة"، اعلن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية في بيان ان "اللقاء سيبحث في تعزيز الدعم المقدم للشعب السوري، وسبل تمكينه من الدفاع عن نفسه، وانهاء معاناته بالاسراع في إسقاط النظام". ويضم وفد المعارضة السورية رئيس الائتلاف احمد معاذ الخطيب، ورئيس الحكومة السورية المؤقتة المكلف غسان هيتو ونواب رئيس الائتلاف جورج صبرة ورياض سيف وسهير الأتاسي والامين العام للائتلاف مصطفى الصباغ ورئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم ادريس. واوضح بيان الائتلاف ان "وزراء خارجية احدى عشرة دولة من مجموعة أصدقاء الشعب السوري سيشاركون في اللقاء، وفي مقدمتهم وزراء خارجية الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر". وكان مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية يرافق وزير الخارجية جون كيري افاد في وقت سابق ان كيري "سيعلن في نهاية الاسبوع ان الولاياتالمتحدة تنوي تقديم مساعدة اضافية غير قاتلة الى المجموعات المعتدلة في المعارضة وخصوصا ائتلاف المعارضة السورية، والمجلس العسكري الاعلى السوري". واضاف الدبلوماسي ان "قيمة وتفاصيل هذه المساعدة لم تحدد بعد وادارة (الرئيس باراك اوباما) ستعمل مع قادة المعارضة على تحديد احتياجاتهم". وبحسب وسائل اعلام اميركية، فإن هذه "المساعدة قد تشمل سترات واقية من الرصاص وعربات ومناظير ليلية". وتتردد واشنطن ودول غربية اخرى في تقديم اسلحة نوعية الى المعارضة المسلحة، خشية وقوعها في ايدي مسلحين اسلاميين متطرفين معادين للغرب اجمالاً. وكان كيري قال امام مجلس الشيوخ الاميركي "نحاول التقدم بحذر للتأكد من اننا لا نسبب مزيدا من الفوضى"، مضيفاً ان "المتطرفين الذين يحصلون على الاموال ويشاركون في المعركة يشكلون بالتأكيد خطراً، وعلينا ان نحاول استبعادهم اذا كان ذلك ممكناً". واعلنت واشنطن خلال الاجتماع الاخير لاصدقاء سورية في روما في شباط/فبراير الماضي للمرة الاولى عن مساعدة مباشرة للمعارضة السورية تبلغ قيمتها ستين مليون دولار، لكنها استبعدت تزويد المعارضة بأي تجهيزات "قاتلة". وكانت فرنسا وبريطانيا دعتا الى "رفع الحظر على الاسلحة الذي فرضه الاتحاد الاوروبي على سورية"، مؤكدتين انه الاجراء الوحيد الكفيل بترجيح كفة الميزان العسكرية لمصلحة المعارضة. لكن باريس تراجعت معتبرة ان الشروط على الارض "لم تتوفر" لتسليم اسلحة، لا سيما وان هذه الدعوة تلتها بعد اسابيع مبايعة جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة التي تقاتل النظام في سوريا، لزعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري. وقبل ساعات من انعقاد الاجتماع، انتقد الائتلاف السوري المعارض تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي اعتبر ان "مجموعة اصدقاء سورية تلعب دوراً سلبياً" في النزاع المستمر منذ سنتين، والذي اودى باكثر من سبعين الف شخص. وقال الائتلاف على صفحته على موقع "فيسبوك" على الانترنت، "حين تعزل روسيا نفسها عن دول أصدقاء الشعب السوري وهي أكثر من مئة دولة بينها الدول الصناعية السبع الكبرى وجميع دول الاتحاد الاوروبي، وعن عشرين دولة عربية مرتبطة بأعمق الوشائج مع الشعب السوري، فانها تتخذ موقفاً معزولاً عن المجتمع الدولي يقف على النقيض من قيم الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الانسان الاساسية". واضاف ان "وقوف روسيا بوجه توق السوريين الى الحرية والديموقراطية، يثبت مرة اخرى ان الادارة الروسية تعيش خارج اللحظة التاريخية، وبعكس تيار التحرر الانساني". من جهة اخرى، سيحاول "اصدقاء الشعب السوري" في اجتماعهم السبت اعطاء دفع لسلطة رئيس الحكومة الموقتة غسان هيتو الذي كلفه الائتلاف الشهر الماضي تشكيل حكومة "لادارة المناطق المحررة". ويواجه هيتو معارضة لمهمته داخل الائتلاف وعلى الارض حيث اعلن الجيش الحر رفضه له. اما الاتراك الذين يستضيفون الاجتماع ويواجهون تدفق اللاجئين السوريين الى اراضيهم مع الدول الاخرى المجاورة لسورية، فسيحرصون خلال الاجتماع على زيادة الضغط على النظام. وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في وقت سابق ان "عدد صواريخ سكود التي اطلقتها دمشق على حلب في الاشهر الثلاثة الماضية بلغ 205 صواريخ"، مضيفاً "سنسأل السبت لماذا تلتزم الاسرة الدولية الصمت". ميدانياً، تدور اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في قرى ريف القصير يشارك فيها "حزب الله" اللبناني الى جانب قوات النظام، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، فيما ذكر مصدر امني لبناني ان "ست قذائف سقطت على منطقة الهرمل داخل الاراضي اللبنانية من دون وقوع اصابات". واضاف المصدر نفسه ان "احدى هذه القذائف سقطت في ضواحي مدينة الهرمل الشيعية التي تعتبر معقلاً لحزب الله من دون تسجيل وقوع اصابات، الا ان المحلات اقفلت ابوابها وفضل السكان عدم مغادرة منازلهم". وقال علي شمص، البالغ الخمسين من العمر ومن سكان الهرمل "الوضع لم يعد يحتمل وعلى الجيش الرد على مصادر النيران". واضاف المصدر الامني ان "قذيفتين سقطتا في منطقة سهلة الماء في حين سقطت ثلاث اخرى في مدنية القصر وحولها". وذكر المرصد ان "القوات النظامية تمكنت السبت من السيطرة بشكل كامل على قرية الرضوانية في ريف القصير حيث تحتدم المعارك منذ اكثر من اسبوعين". وتستمر العمليات العسكرية في قرى وبلدات عدة في ريف دمشق حيث افاد المرصد عن مقتل 69 شخصاً خلال اربعة ايام معظمهم من الرجال والمقاتلين في اشتباكات وقصف واطلاق نار في بلدة جديدة الفضل التي تحاول القوات النظامية السيطرة عليها.