«الكعبي يوفنتساوي، الطيب كذلك... عصام مدريدي ورؤوف هواه ألماني»، هذه التفاصيل تكاد تناقش في شكل يومي من متابعي قنوات «الجزيرة الرياضية»، فالقناة الرائدة في الشرق الأوسط في مجال النقل الرياضي، خصوصاً على صعيد كرة القدم، تحتكر أقوى الدوريات والبطولات العالمية، وتكاد تختصر على المتابع الرياضي عناء التنقل بين القنوات لتجمعها في محطة واحدة، إلا أن الاتهامات بالتعصب والتلوّن بدأت في الآونة الأخيرة تطاول معلقيها أو محلليها، خصوصاً في ظل الهوس العربي الواضح بالأندية الأوربية، الذي برز في الأعوام العشرة الأخيرة. كوكبة من أشهر المحللين والمعلقين العرب يقودون دفة البرامج الرياضية، إضافة إلى بعض الأسماء العالمية اللامعة في مجال كرة القدم، على رغم ذلك لا يكاد ينجو أحد من هؤلا المعلقين أو النقاد من تهمة التعصب والانحياز، فمع تقدم البطولات والمسابقات الرياضية واقتراب مراحل الحسم في معظمها، ترتفع وتيرة الاتهامات، مع نمو الحساسية المفرطة من بعض الرياضيين، حيال كل ما يتعلق بمعشوقهم، فبعضهم يرمي الاتهامات جزافاً ولكل من يخالف اتجاه فريقه، فيما يستند البعض الآخر على أحداث وشواهد كفيلة بأن تلصق تهمة «التعصب» بالمعلق أو المحلل... أو حتى القناة. وإذا ما نظرنا إلى دوري أبطال أوروبا، البطولة الأكبر والأغلى في الوقت الراهن، التي يصاحب مبارياتها جدل واسع في الشارع العربي البعيد قبل صعيدها الأوروبي، وإلى دور ال8 تحديداً، الذي لم «تجف» أحداث مبارياته بعد، واجهت قنوات الجزيرة الرياضية اتهامات كبيرة بالانحياز لفريقي باريس سان جيرمان الفرنسي، وملغا الإسباني المدعومين بأموال قطرية، إذ استعرضت القناة عشية مباراة الفريق الفرنسي مع برشلونة الإسباني برنامجاً خاصاً عن الأخطاء التحكيمية التي استفاد منها الأخير في مسيرته الأوروبية، كما تجاهلت في شكل ملحوظ، تأهل بروسيا دورتموند الألماني على حساب ملغا في إياب «ربع النهائي» الأوروبي في مباراة شهدت أحداثاً دراماتيكية، إذ تحول الاستوديو التحليلي إلى ما يشبه مجلس عزاء بدلاً من الحديث عن «معجزة» الفريق الألماني الذي قلب النتيجة في الدقيقتين الأخيرتين من الوقت بدل الضائع، هكذا على الأقل صوّر عشاق برشلونة ودورتموند الأحداث بعد نهاية المباراة، على رغم أنها كانت لتأتي طبيعية لو لم تعتمد تلك الأندية على الدعم القطري. وتُتهم القناة الرياضية الأبرز في الشرق الأوسط بالانحياز دائماً إلى الفرق التي تمتلك حقوق بث دورياتها، إذ يشتكي أنصار الأندية التي لا تملك الجزيرة حقوق مسابقاتها، خصوصاً الألمانية والإنلكيزية، من عدم الانصاف، فبدلاً من أن يتغنى المعلق أحمد الطيب بتأهل بايرن ميونيخ المميز بالفوز ذهاباً وإياباً أمام يوفنتوس الإيطالي، الذي لم يذق طعم الخسارة منذ 18 مباراة، تفرّغ لمواساة الأخير واستعراض تاريخه ولم يكتم أمنياته بعودة «اليوفي» في المواسم المقبلة إلى المنافسة وتحقيق نتائج أفضل على الصعيد الأوروبي، هذه الخاتمة لمباراة الإياب قادت جماهير بايرن ميونيخ إلى اتهام الطيب بالانحياز إلى أندية إيطاليا بحكم حقوق النقل. تهم التعصب التي طاولت كل مقدمي البرامج الرياضية في القناة لم تتوقف عند وصف المباريات، بل تخطتها إلى قرعة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، التي أوقعت بايرن ميونيخ مع برشلونة، وبروسيا دورتموند في مواجهة ريال مدريد، علّق مقدم الاستوديو التحليلي هشام الخلصي بأن أنصار النادي «الملكي» كانوا يتمنون ملاقاة «البايرن» السهل، قبل أن يرد مراسل القناة بأن استطلاعات الرأي في إسبانيا تؤكد تفضيل أنصار الريال لبرشلونة الذي لا يعيش أفضل حالاته هذا الموسم، إلا أن الخلصي عاد وتوّعد أنصار بايرن ميونيخ في مباراتهم أمام برشلونة. هذه الأحداث تفتح النار مجدداً لنار التعصب العربي «الأوروبي»، في أسطوانة تكرر في شكل ملحوظ في مختلف البطولات، خصوصاً وأن ميول المعلقين الرياضين تجاه الأندية الأوروبية تأتي واضحة وطبيعية، حتى أن بعضهم لا يتوانى في إعلان فريقه المفضّل، وهو ما يشهد تذمراً واسعاً من المتابعين العرب في مواقع التواصل الاجتماعي، على أقل تقدير. قفز المشاهدين إلى الاستنتاجات والخروج بقناعات حول مهنية أو صدقية المعلقين والمحللين لا يعني بالضرورة صحة تلك الاستنتاجات، لكنه يؤكد وفي شكل لا يقبل الجدل، أن التعصب العربي للأندية الأوروبية بات سمة واضحة في الأعوام الأخيرة، خصوصاً في ظل وفرة الألعاب الإلكترونية المحاكية لكرة القدم، لكن هذه النقاشات تفتح الباب واسعاً أمام سؤال مفاده: هل يمكن للمحلل أو المعلّق الرياضي أن يتجرد تماماً من ميوله؟