تدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحل أزمة الأسمنت التي تضرب العديد من المناطق السعودية منذ فترة، وتسببت في رفع سعر الكيس إلى 25 ريالاً في بعض المناطق، ووجّه باستيراد 10 ملايين طن أسمنت لتغطية حاجة السوق، فيما رحب مستثمرون في قطاع الأسمنت بالتوجيه، وأكدوا أنه جاء في وقت مناسب، خصوصاً مع وجود عجز تجاوز 4 ملايين طن في السوق حالياً. وأصدر خادم الحرمين الشريفين، أمس، توجيهات عاجلة لمعالجة الطلب المتزايد على الأسمنت وتأمينه لجميع المواطنين في ظل النمو العمراني المطرد وما تم اعتماده من مشاريع للبنية التحتية الحكومية. وأكد وزير التجارة والصناعة توفيق الربيعة أن التوجيه سينهي ما تشهده السوق المحلية حالياً من شح في الأسمنت بإلزام جميع المصانع بسرعة استيراد 10 ملايين طن إضافية لتغطية حاجات الأسواق، إضافة إلى ما تنتجه حالياً، كما يتضمن التوجيه حلولاً طويلة الأجل لتلبية حاجات السنوات المقبلة بسرعة إنشاء ثلاثة إلى أربعة مصانع جديدة وفي شكل عاجل بطاقة إنتاجية 12 مليون طن سنوياً، إضافة إلى اعتماد مبلغ ثلاثة بلايين ريال لدعم هذا البرنامج لثلاثة أعوام. وكانت «الحياة» نشرت قبل أيام، أن لجنة المقاولين في «غرفة تجارة جدة» سترفع دراسة متكاملة عن الإشكالات التي تواجه القطاع إلى وزير التجارة والصناعة قريباً، تتضمن مطالب بإعادة فتح باب استيراد الأسمنت من الخارج لحل تكرار أزمة الأسمنت في منطقة مكةالمكرمة. وأكد أعضاء في اللجنة أن الحل الأمثل للحد من تكرار أزمة شح الأسمنت في منطقة مكةالمكرمة عموماً وجدة خصوصاً، هو السماح لشركات المقاولات التي تنفذ المشاريع التنموية الكبرى مثل مشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد، ومشروع قطار الحرمين وغيرهما، باستيراد الأسمنت من الخارج. وقال رئيس اللجنة الوطنية لمنتجي الأسمنت في مجلس الغرف السعودية زامل المقرن ل«الحياة»، إن هذا القرار سيسهم في حل مشكلة نقص الأسمنت على المدى القصير والطويل، مشيراً إلى أن هذا القرار يؤكد ما عوّدنا عليه خادم الحرمين الشريفين من تدخله المباشر لمعالجة الأزمات التي يشهدها ويعاني منها الوطن والمواطن. وقدّر الزامل حجم العجز في الأسمنت في المملكة بأكثر من 4 ملايين طن، مشيراً إلى أن هذا العجز يأتي بعد أن حذرت اللجنة قبل سنتين من حدوث مثل هذه الأزمة التي تسببت في ارتفاع الأسعار بسبب شح الأسمنت في الأسواق، لافتاً إلى أن الجهات المختصة ذات العلاقة لم تستجب لمطالبات المصانع بالسماح بالتوسع وتوفير الوقود لتلك المصانع. وأضاف المقرن: «استيراد هذه الكمية يحتاج إلى وقت طويل، وسنجتمع مع المسؤولين في وزارة التجارة لمعرفة آليات الاستيراد وكيفية تطبيق القرار»، لافتاً إلى أن استيراد 10 ملايين طن من الأسمنت صعب في الوقت الحاضر، خصوصاً أن هناك عوامل عدة تعترض عملية الاستيراد، منها الموانئ والشحن وغيرهما من العوامل الأخرى، ما يعني أن وصول تلك الكميات يحتاج إلى وقت طويل. وطالب المقرن بحلول جذرية للوضع القائم في المصانع من حيث التوسع وتوفير الوقود، ما يسهم في حل مشكلة العجز في الأسمنت، مشيراً إلى أن السوق ما زالت في حاجة إلى دخول مصانع جديدة. وعن تكليف المصانع بالاستيراد بدلاً من المستثمرين ورجال الأعمال، قال الزامل إن ذلك يعود إلى «معرفة المصانع بالسوق، وامتلاكها خبرات جيدة في هذا المجال، إضافة إلى معرفتها بأنواع الأسمنت والدول التي لديها مصانع جيدة وتنتج أنواع الأسمنت المناسبة للبيئة السعودية». من جهته، رحب المقاول عبدالله بن عوض بتوجيه خادم الحرمين الشريفين، وأكد أن «هذا القرار يسهم في توفير الأسمنت لكثير من المشاريع المتوقفة، سواء أكانت مشاريع خاصة أم مشاريع عامة»، لافتاً إلى أن أسعار الأسمنت ارتفعت خلال الفترة الماضية بأكثر من 10 في المئة في كثير من مناطق المملكة بسبب تلاعب الموزعين والتجار وأصحاب الشاحنات. وشدد على أن قرار خادم الحرمين الشريفين جاء في الوقت المناسب، ويعكس مدى اهتمامه بحاجات المواطنين وما يعانون منه في مختلف المجالات. وطالب بمراقبة السوق وبتطبيق القرار السابق في شكل جذري والذي ينص على أن سعر كيس الأسمنت للمستهلك 14 ريالاً، خصوصاً أن الكثير من الموزعين تلاعبوا بالأسعار ووصل سعر الكيس إلى 25 ريالاً في بعض مناطق المملكة.