مهما حاولنا أن نوجد الأعذار لحكام كرة القدم السعوديين عقب كل سقطة، إلا أن «الشق أكبر من الرقعة» كما يقول المثل الشعبي، وأصبحنا في كل موسم نرى العجب من الحكام الذين يتفننون في ارتكاب الأخطاء وتكرارها، حتى أن لجنة الحكام والمسؤولين عنها فاض بهم الكيل وباتوا أكثر شفافية في التعامل مع أخطاء هؤلاء الحكام، على اعتبار أن الأعذار والتبريرات التي أسرفت اللجنة سابقاً في استخدامها استنفذت تماماً بعدما بلغ الأمر مرحلة الأخطاء التي لا يمكن تبريرها أو تمريرها.. وحقيقة لا ألوم رئيس نادي الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد حين طالب بتعيين حكام أجانب لمباريات فريقه في دوري المحترفين السعودي، خصوصاً أن الرجل دفع من ماله ووقته وجهده ما يعتقد أنه كافٍ لتحقيق طموحات أنصار ناديه، قبل أن يفاجأ بأن خطر أخطاء التحكيم كفيل بأن يدفن آماله ويبعثر مجهوداته، وهو الخطر الذي لا ينفع معه مدرب عالمي ولا نجوم خارقين! ويبدو أن أنباء فشل 17 حكماً في اختبارات كوبر من بينهم 10 دوليين كفيل بأن يقض مضاجع رؤساء الأندية ويصيبهم ب«فوبيا» الحكم المحلي، خصوصاً أن الجولة الأولى من بطولة دوري المحترفين لم تكن مطمئنة بعدما تفنن الحكام في ارتكاب أخطاء فاضحة، ولعل من أكثرها إيذاءً للناظر والسامع قيام حكم لقاء الأهلي والرائد «بكامل قواه العقلية» بقيادة مباراة يرتدي فيها الفريقان طقماً موحداً، وفي ذلك ما يبرهن أن الحكم المحلي شخص لا يستطيع اتخاذ القرار الصحيح في اللحظات الحاسمة. وحتى لا نكون متحاملين على الحكم المحلي، يجب أن نتساءل عن أسباب ظهور الحكام السعوديين بهذه الصورة السيئة التي بلغت بهم حد عدم القدرة على تجاوز اختبارات اللياقة، وإحقاقاً للحق علينا أن نعترف أننا لا نقدم للحكم المحلي ما يمنحه الحافز للإبداع والتفوق، وبالحديث عن المميزات المالية التي يحصل عليها الحكم وجدواها بالنسبة لشخص يترك مدينته ويسافر في الأسبوع مرة أو مرتين إلى أكثر من مدينة قاطعاً آلاف الكيلو مترات على حساب وظيفته الأساسية والتزاماته العائلية، نجد مع الأسف أن حكم الساحة يتحصل على مبلغ 2500 ريال مقابل إدارة مباراة في دوري المحترفين، وهو بتقديري مبلغ زهيد! وحتى نحصل على حكام جيدين يجب أولاً أن نؤمن بأهمية الدوري المحلي وقوته، وأن نمنح الحكم من الإمتيازات والمكافآت ما يوازي أهميته التي لا نختلف عليها، على اعتبار أن وجود الحافز سيجعله يهتم بتطوير قدراته ويحرص على بذل المزيد من الجهد، ولن أتساءل عن المبالغ التي يتقضاها الحكام الأجانب في الدوري السعودي، ولكن أتمنى أن يحصل الحكم المحلي على ربع ما يتقاضاه السيد بوكاسا ومعاونوه، فضلاً عن تفعيل برنامج المكافآت والحوافز لحث الحكام على بذل أقصى مالديهم بحثاً عن القرارت الصائبة.. لن نطالب رؤساء الأندية بالصبر على أخطاء الحكام، ولكن نطالب المسؤولين عن الكرة السعودية بالاقتراب من الحكام والاستماع إليهم ومنحهم الأهمية التي يستحقونها بحثاً عن الوصول إلى تحكيم خالٍ من الأخطاء الفاضحة على الأقل. [email protected]