مزجت الأمسية التي نظمها ملتقى الوعد الثقافي أخيراً وجمعت الشاعرين محمد النبهان (الكويت) ومحمد حبيبي (السعودية) والعازف علي البوري بين الشعر والموسيقى، بين فن الإلقاء والكلمة وفنون النغم. وشدّت الأمسية التي تعد باكورة أنشطة الملتقى لهذا العام وأقيمت على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام وأدارها الشاعر زكي الصدير، انتباه الحضور. في الشهادة التي قدمها الشاعر حبيبي تطرق إلى المناسبة التي تعرف فيها على النبهان خلال مهرجان للشعر في صنعاء، وقال: «لن أنسى هذا الشاعر لطوله الفارع جداً» وذكر الشاعر دخيل الخليفة وتساءل: «لماذا يقدمان نفسيهما على أنهما شاعران من الكويت لا شاعران كويتيان؟». بينما ذهبت شهادة النبهان تجاه النص «واشتغال حبيبي عليه بحضور صور متعددة يبتكرها حبيبي بأناقة مأخوذة من اليومي المعاش لتذهب لمعان وأبعاد أخرى أعيها تماماً». ثم تحدث النبهان في شهادته عن حديث له مع حبيبي يدور حول البيت، «البيت كمكان في ذاكرة الأربعيني الذي لا يمتلك بيتاً، وكان يحكي لي عن البيت والذاكرة والوطن والسور الذي صار له في قصيدة، لو صار لي بيت في يوم ما، لعلقتها على أحد جدرانه وكتبت خاتمتها في بوابة المدخل، لن تعذب بنا وطناً/ أو تعذبنا بوطن». عزف الموسيقي علي البوري، مقاطع للموسيقي المصري الراحل عمار الشريعي، إضافة إلى بعض المقطوعات من تلحينه حازت على إعجاب الحضور وتقديرهما الكبير قبل أن تنطلق الأمسية بتناوب الشاعرين، فبدأ النبهان بقراءة نصوص قصيرة، ومحمد حبيبي في نصوص ومضات تحمل فلاشات لمشاهد حياتية مثقلة بالتعب والأماني. بعدها غادر حبيبي المنصة، بينما الحضور مندهش ومتسائل عن معنى هذا الهروب، فيما تبين أنهما أعدّا مفاجأة لعريف الأمسية زكي الصدير من دون أن يعلم، وقرأ النبهان نصاً طويلاً بعنوان «حكاية الرجل العجوز» وهو الديوان المقبل الذي يعتزم النبهان إصداره وكان النص عبارة عن قراءة للنبهان الشاعر في حياته نفسه وفلسفته الحياتية أيضاً، ترحاله وأسئلته المعلقة من دون إجابات، ثم قرأ النبهان أيضاً «العاشر من أبريل» و«أغنية أخيرة» وغادر القاعة التي عاد إليها حبيبي. قرأ حبيبي «لم أقرأ الشعر لشهرين»، و«الضخم ذو اللحية الحمراء»، و«مشابك»، و«وسام» و«شقيقة» ونصاً طويلاً في عمه يحيى الذي رحل تاركاً الغياب والفقد خلفه. كان العاشر من نيسان (أبريل) يصادف عيد ميلاد الشاعر النبهان، وبينما هو منهمك بالقراءة فاجأه الفنان علي البوري بعزف مقطوعة عيد الميلاد، تحت تصفيق الحضور ودهشة النبهان الذي ضحك كثيراً وتبادل أكل «الكعكة» مع حبيبي وعريف الأمسية والموسيقي البوري. وقّع بعدها النبهان ديوانه الأخير «امرأة من أقصى المدينة» حتى نفدت النسخ، فيما وقع حبيبي ديوانه الأخير «جالساً مع وحدك» على إيقاع الموسيقى التي كانت ختام مسك لأمسية حضرها جمهور كبير من الأحساء والمدن القريبة.