منذ عامين ونحن نعيش المعركة السورية، بين جيش يشهد انشقاقات يومية ولكنه لا ينكسر، لاسيما مع دعم عناصر حزب الله، خصوصاً في حمص وجنوبها، وعناصر الحرس الثوري الإيراني، التي يبدو أن أمر دمشق ومطارها أوكلت لها، مع مشاركة لا بأس بها من عناصر شيعية من العراق وباكستان وأفغانستان، قيل إن مهمتها حماية السيدة زينب، وبين جيش حر يبدو جلياً أن الدعم لم يقف عنه، بل ازداد كماً ونوعاً. ولكن المحللين في الشأن السوري أصبحوا أشبه بالمنجمين، فعلينا ألا ننسى أن جميع وسائل الإعلام ممنوعة من الدخول، وحتى وفود الأممالمتحدة لم تزر سورية منذ أشهر، ورفض النظام آخرها وهو الوفد الذي أنيط به التحقق من استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي من عدمه، ولكن تقسيم المحافظات كان حدثاً جديراً بالتفكر. يبدو هذا التقسيم مستهدفاً بشكل رئيس، عزل البادية والعشائر عن الحضر، عبر عزل «تدمر» شرقاً عن «حمص» التي تتبعها قبيل التقسيم، ويستهدف النظام بالطبع الفصل الطائفي والإثني، عبر فصل «القامشلي» عن «الحسكة» شمال شرق سورية، والقامشلي غالبية سكانها من الأكراد، بينما الحسكة هي أوفر الأراضي النفطية السورية، وآخر ما يفكر في التفريط فيه، وكذلك الأمر في فصل ريف حلب عن المدينة. النظام السوري أشعر الإعلام بأن دمشق محاصرة، وأن الجيش الحر قاب قوسين أو أدنى من القصر والمطار وكل مراكز العاصمة، وهذا صحيح على الأرض، ولكن في نهج نظام لا يقيس المعركة بكمية الدم بل بالضربة القاضية، فقد حشد عناصر كبيرة من حزب الله والحرس الثوري، قد تكون مهمتها الانطلاق لتطبيق الانشطار الجديد بين المدن السورية الكبيرة لا سيما حلب وحمص، بمساندة من صواريخ سكود التي لا تهدأ، وربما مع السلاح الكيماوي الذي لم يعد مقلقاً للغرب كما زعموا. النظام السوري أدرك أن الغرب تعامل مع سورية طول الوقت بقاعدة: «حتى لا يموت الذئب ولا تُفنى الغنم»، ولأن الأسد يعلم جيداً أنه ليس «ذئباً» بل «هرٌ»، فقد أدرك أن سيناريو دولة علوية على الساحل متاخمة لقاعدة طرطوس ليس الحل الأمثل، فشرع إلى زيادة المحافظات السورية إلى 17 بدلاً من 14 محافظة، حتى يستطيع الهر المراوغة في الأزقة الصغيرة. * كاتب سعودي. me@aaltrairi @aAltrairi