تبنت جمعيات خيرية في السنوات الأخيرة، مشاريع إعادة تدوير المواد المستخدمة، وغير المرغوب فيها، من أوراق، وزجاج، وحديد، وتفعيلها كمشاريع تدر عليها دخل ثابت، يغطي بعض احتياجات الفقراء والحالات التي ترعاها الجمعيات. إلا أن جمعية «العطاء الخيرية» في القطيف، أطلقت أخيراً، مبادرة تدوير من نوع مختلف، عبر دعوة إلى «جمع إطارات النظارات الطبية والشمسية، وتسليمها إلى مقر الجمعية، بدلاً من التخلص منها، لإعادة تدويرها، واستخدامها مرة أخرى، لمن هم في حاجة إليها». وانطلقت المبادرة من فكرة عملت عليها بشكل شخصي، طبيبة العيون في مستشفى القطيف المركزي الدكتورة خلود المسيري، التي عملت على جمع النظارات منذ 14 سنة. وقالت: «إن من حق الفقير أن يتمتع بنظر سليم، من دون الحاجة إلى أن يخير نفسه بين أن «يرى أو أن يأكل»، مضيفة «كنت أصف نظارات طبية للمرضى كالمعتاد، وأفاجأ بعدم شرائها من بعضهم. وكنت أحسب ذلك من باب الإهمال». وبعد بحث المسيري، وسؤالها تبين أنهم «عاجزون عن دفع كلفة النظارة»، وبدا لها شعور بالعجز أمام «احتياجات الفقراء الكثيرة، تارةً لعدم قدرة الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية على سد واستيعاب جميع احتياجاتهم، وتارةً لأن بعض الفقراء تأبى نفوسهم العزيزة الإفصاح عن بعض مشاكلهم». ما دفع طبيبة العيون، إلى الإعلان عن فكرتها في التبرع بالنظارات، «فكان المتبرع يسلم نظارته القديمة، وأضعها في صندوق، فيأخذها المحتاج، ويقوم بتغيير العدسات في محال النظارات، وفق مقاس درجة نظره، ما يخفض كلفتها، فيتمكن من شرائها». ووصفت حال نظارات المتبرعين ب «الجيدة جداً، فأغلبهم ممن يهوى تغيير نظارته بشكل مستمر ودائم، مواكبة للموديلات الجديدة». وأكدت المسيري، أنه «استفاد من الفكرة كثير من المحتاجين من المسنين والأطفال، خصوصاً الأسر التي تعول أكثر من طفل، ولا تقدر على شراء أو تغيير نظارات الجميع، فقد تكون مكلفة بالنسبة لهم»، موضحة أن هناك من «تمنعه عزة نفسه من قبول أي مساعدة، بأي شكل من الأشكال». ولم يوقف مشروعها الصغير سوى موقف صادفته من «رجلٍ مسن بدا لي من هيئته الحاجة والعوز، فعرضت عليه الصندوق، حين وجدت منه عدم اعتناء بشراء النظارة التي صرفتها له خلال فترات زياراته الدورية للعيادة. وشرحت له أن عليه تغيير العدسات واستبدالها بما يناسبه، وأنها ستكون أقل كلفة بالنسبة له. وظهر لها أن الرجل شعر بغصة الحاجة، وهو يقلب في صندوق النظارات، فبكى وأبكاني». وإثر هذا الموقف، تركت المسيري عرض أي نظارة قديمة على أي مسن محتاج. وتساءلت «ألا يستحق هذا الرجل المُسن في آخر عمره وكبره وعوزه، أبسط الأشياء»، مشيرة إلى أن الفقر «ما زال متفشياً، والغلاء في ازدياد، وأصبحت متطلبات الحياة أصعب، لدرجة أن ميسور الحال يشق عليه ذلك، فكيف بالضعيف والمحتاج». إلا أن فريق الصحة والبيئة في جمعية «العطاء النسائية الخيرية» في القطيف، قرر تبني مشروع «إعادة تدوير إطارات النظارات»، في بادرة هي الأولى من نوعها على مستوى محافظة القطيف. وتستفيد منه شرائح المجتمع كافة، من رجال ونساء وأطفال، من ذوي الدخل المحدود، بحيث توفرها للأسر التي يرهقها اقتناء النظارات بأنسب الأسعار. وينفذ فريق الصحة والبيئة في الجمعية، المشروع بالتعاون مع محل متخصص في بيع النظارات وإصلاحها، بحيث يعيد صيانة الإطارات التي تم تجميعها. ويعرضها بشكل جيد في معارضه، تحت شعار يكتب بجانب حامل العرض «هنا تحصل على إطار بدون مقابل لا تحتار تقدم واختار». وأوضح الفريق، أن «المشروع ما زال في أولى خطواته التنفيذية. وتم نشر الحملة الإعلانية على المواقع الإلكترونية كافة والمحال العامة والخاصة، بهدف تجميع أكبر عدد ممكن من الإطارات»، متمنين أن يحقق المشروع الهدف الخيري في «خدمة أفراد المجتمع المعوزين».