عكس اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة الثماني في لندن امس عمق الانقسام الذي لا يزال قائماً بين الدول الكبرى حول الملف السوري، بعدما اقتصر البيان الختامي للاجتماع على ابداء القلق العميق ازاء الازمة الانسانية المستفحلة في سورية، وتجنب اي اشارة الى تسليح المعارضة، في حين تحدث بيان ل «الإئتلاف الوطني السوري» عن اتفاق مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري على «اطلاق عملية سياسية تبدأ برحيل (الرئيس السوري) بشار الاسد». في موازاة ذلك، استمرت الردود على مبايعة «جبهة النصرة» الاسلامية زعيم تنظيم «القاعدة» ايمن الظواهري الذي دعا الى «اقامة دولة اسلامية في سورية»، في ما بدا انها مؤشرات الى «اعادة تموضع» داخل صفوف المعارضين، في حين طلبت وزارة الخارجية السورية من مجلس الامن ادراج «النصرة» على لائحته السوداء ل «التنظيمات والافراد والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة». واعرب بيان مجموعة الدول الثماني الكبرى عن «القلق العميق ازاء المأساة الانسانية المتفاقمة» في سورية. وقال وزراء الخارجية انهم «مصدومون لمقتل اكثر من سبعين الف شخص في النزاع فضلا عن وجود اكثر من مليون لاجىء سوري»، واكتفوا بدعوة «كل الدول» الى التجاوب قدر الامكان مع طلبات المساعدة من جانب الاممالمتحدة، وتقديم «مساعدة اكبر للشعب السوري على المستوى الانساني». ودان البيان استخدام الاسلحة الثقيلة ضد المناطق السكنية، واكد ان «اي استخدام للاسلحة الكيماوية سيستوجب رداً دولياً حازما»، مشدداً على وجوب حماية وتأمين مواقع تخزين هذه الاسلحة. واعترف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع بأن المجتمع الدولي اخفق في التوصل الى تسوية عاجلة للازمة السورية نتيجة استمرار موسكو وبكين في عرقلة التوصل الى قرار حازم في مجلس الامن ضد نظام بشار الأسد، مجددا الدعوة الى قيام فترة انتقالية في سورية بعد التخلص من حكم الاسد في أقرب فرصة ممكنة، لكنه تجنب الاشارة الى اي مساعدات عسكرية طالب بها ممثلو المعارضة السورية الذين التقوا عددا من الوزراء خلال اليومين الماضيين. وكان وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلله اعرب عن تحفظه عن «موضوع التوريد المباشر للأسلحة الى سورية، لأنني لا أرى حتى الآن كيف يمكن منع وصول تلك الأسلحة إلى الأيدي الخطأ»، مؤكدا أن الحل السياسي هو الحل الجيد لسورية. وافاد بيان اصدره «الائتلاف الوطني» بان الاتفاق كان «كاملا» بين اعضاء الوفد ووزيري الخارجية الاميركي والبريطاني لدى اجتماعهم في لندن على «وجوب ان يرحل الأسد». ونقل البيان عن كيري تأكيده انه «لا يوجد أي غموض في ما يتعلق بموقف السياسة الخارجية بخصوص هذا الأمر، وأن هناك إجماعاً كاملاً بين أركان الإدارة الاميركية عليه. كما تم الاتفاق على ضرورة اطلاق عملية سياسية تبدأ برحيل الأسد الذي لا يوجد له أي مكان في سورية المستقبل». وبعد أن قدم الوفد السوري رؤيته ل «الأسباب الموجبة لتعاون المجتمع الدولي في شكلٍ سريع وفعال على رحيل الأسد وتسريع عملية إسقاط نظامه بكل رموزه وأركانه، أكد الجانبان الأميركي والبريطاني اهتمامهما البالغ بالرؤية المذكورة التي تحمل في طياتها تطوراً واضحاً في عمل المعارضة السورية ووحدتها، خصوصا مع تشكيل الحكومة السورية الموقتة وما سمعه الطرفان وباقي المسؤولين الدوليين عن مخططات هذه الحكومة، الأمر الذي سيؤخذ في الاعتبار بشكلٍ كبير في تقويم الطرفين للخطوات المستقبلية المتعلقة بتأمين أشكال الدعم المتنوعة للشعب السوري في جميع المجالات»، بحسب بيان «الائتلاف». في هذا الوقت، نأت «لجان التنسيق» التي تعكس رأي النشطاء المدنيين بنفسها عن بيان الظواهري واكدت تمسكها ب «الدولة المدنية» بعد سقوط النظام، في حين رفض عبد القادر صالح قائد «لواء التوحيد» القريب من جماعة «الاخوان المسلمين» في مقابلة مع قناة «العربية» إدراج «النصرة» في قائمة الإرهاب الأميركية «لأننا لم نرَ منها أي إرهاب». وطلبت الخارجية السورية من مجلس الامن ادراج «جبهة النصرة» على لائحته السوداء ل «التنظيمات والافراد والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة»، وحذرت في رسالتين الى المجلس والى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من ان «تغاضي المجتمع الدولي عن جرائم الإرهاب التكفيري المرتبط بالقاعدة الذي تمارسه جبهة النصرة وحلفاؤها من الكتائب الاسلامية وما يسمى الجيش السوري الحر الذي أعلنت العديد من كتائبه الولاء لجبهة النصرة اخيراً والتغاضي عن قيام عدد من الدول في المنطقة وخارجها بانتهاك التزاماتها القانونية في مكافحة الإرهاب عبر توفير الدعم المادي واللوجستي والسلاح والتدريب والايواء لهذه المجموعات الإرهابية، سيكون دافعا لانتشار الإرهاب في كامل منطقة الشرق الأوسط وخارجها وتصاعد نشاطات التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة».