أكد مجلس الشورى أهمية تضافر الجهود الدولية لإدارة موارد المياه لتحقيق الأمن الغذائي، ومنع نشوء أزمات غذائية قد تؤدي إلى الفقر والجوع، وبالتالي حدوث اضطرابات اجتماعية، قد تهدد الأمن والسلم العالميين. وأشار إلى أن التحدّي الذي يواجهه المجتمع الدولي في القرن ال21 يتمثّل في إعطاء الماء أولوية دائمة، وجعله في صلب قراراته، سواء أكانت على المستوى المحلي أم الإقليمي أو الدولي، فالماء ليس قطاعاً يعمل منفصلاً بمعزل عن بقية قطاعات التنمية، بل هو عنصر يؤثر في جميع القطاعات الأخرى، ولذلك فهو يحتاج إلى تضافر جهود جميع الأطراف المعنية بالماء، لإدارة هذا المورد إدارة مستدامة واحتواء الخلافات الإقليمية أو الدولية التي قد تحدث نتيجة إساءة استخدامه أو التقليل منها وتعظيم الاستفادة من الماء لجميع الأطراف المستهلكة له. جاء ذلك في ورقة العمل التي قدمها مجلس الشورى في الجلسة الرابعة لأعمال الاجتماع الرابع لرؤساء برلمانات دول مجموعة ال20 الذي اختتم في العاصمة المكسيكية مكسيكو ستي أول من أمس. وشارك مجلس الشورى في أعمال الاجتماع برئاسة رئيسه الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ. وأوضح المجلس في ورقته التي ألقاها نيابة عن رئيس المجلس عضوه الدكتور منصور الكريديس أن جميع مظاهر التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على النظم البيئية تعتمد بشكل أساسي على الماء، فزيادة عدد السكان مع التحسن المستمر لمستوى معيشتهم أدى بشكل ملحوظ إلى زيادة الضغط على الموارد المائية لتلبية متطلبات الأمن الغذائي، التنمية الصناعية، وتوليد الطاقة والاستخدامات البلدية؛ مشيراً إلى أن هذه كلها عوامل متسارعة وغالباً ما تكون متغيرة، وهو ما يخلق حالاً من عدم اليقين لدى المشرعين والمسؤولين عن إدارة هذا المورد. وعرض المجلس أهم المؤتمرات التي عقدتها الأممالمتحدة في مجال المياه التي أكدت حق البشر جميعاً في الحصول على الماء لتلبية حاجاتهم الأساسية، وطالبت بتوفير الماء للقطاعات المستهلكة له، وشددت على ضرورة إدارته إدارة راشدة تكفل استدامته، لأن ندرة الماء وسوء استخدامه خطران على التنمية المستدامة وسلامة البيئة. وأكد المجلس أن المظاهر المرتبطة بالماء مثل صحة الإنسان ورفاهيته، والأمن الغذائي، والتنمية الصناعية والنظم البيئية جميعها مُعرضة للخطر ما لم تتم إدارة الموارد المائية والأرضية إدارة فاعلة لضمان تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل. وعد المجلس التغيّر المناخي أحد العوامل المؤثرة في الاستفادة من الماء، وبالتالي فإن له دوراً محورياً في الجهود الدولية المبذولة نحو الإدارة المستدامة للمياه، فقد وجد أن متوسط ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 2°م فقط، سيكلّف العالم سنوياً 70 - 100 بليون دولار خلال الفترة من 2020 إلى 2050، ومن هذه الكلفة قُدِّر أن ما بين 13.7 إلى 19.2 بليون دولار مرتبط بقطاع الماء، وبما أن الماء يعتبر العنصر الأساسي للأمن الغذائي ونتيجة للزيادة السكانية، فقد توقعت الدراسات أن يزداد الطلب على الغذاء بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030 وبنسبة 70 في المئة بحلول عام 2050. كما قدّرت منظمة الأغذية والزراعة أن القطاع الزراعي يستهلك 69 في المئة من جملة الاستهلاك العالمي للماء، يليه القطاع الصناعي الذي يستهلك 23 في المئة، ثم القطاع البلدي الذي يستهلك 8 في المئة، في الوقت الذي قُدرّ أن ينمو سكان العالم من 6.9 بليون نسمة في عام 2010 إلى 8.3 بليون نسمة في عام 2030، وإلى 9.1 بليون نسمة في عام 2050. ورأى المجلس أن الماء والطاقة عنصران متلازمان، فإن إنتاج الماء يحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة، وإنتاج الطاقة يحتاج إلى كمية كبيرة من الماء، لاستخراج النفط والغاز والفحم ونقلها ومعالجتها، مشيراً إلى زيادة الطلب على الماء أخيراً بشكل لافت ومقلق في ري المحاصيل الزراعية التي تُستخدم في إنتاج الوقود الحيوي، ولذلك فإن أخذ خيار استخدام الماء في إنتاج الطاقة يحتاج إلى مراجعة، فالبيانات الأخيرة الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة تفيد بأن كمية الماء العذب المستخدمة في إنتاج الطاقة ستتضاعف بحلول عام 2035، وأن 52 في المئة من ذلك الماء سيستخدم في إنتاج الكهرباء بواسطة الفحم، ونحو 30.4 في المئة منه سيستخدم في إنتاج الوقود الحيوي. كما أن الخيار المفضل الذي ينبغي على الدول تبنِّيه هو تقليل استخدام الماء في إنتاج الكهرباء والتوجه إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة حرارة الأرض.