أطل العنف الطائفي مجدداً على مصر، إذ تسببت اشتباكات وقعت بين مسلمين وأقباط شمال القاهرة في سقوط خمسة قتلى وعدد من الجرحى إضافة إلى إحراق منازل. وعمّقت الأحداث التي استمرت طوال ليل أول من أمس، الانفلات الأمني، إذ استخدم الطرفان الأسلحة النارية، إضافة إلى الزجاجات الحارقة، الأمر الذي رسّخ مخاوف من اقتتال أهلي يلوح في الأفق، كما برزت تساؤلات عن دور الأمن الذي غاب عن المشهد. وكانت الأحداث بدأت عندما رسم مجموعة من الصبية صليباً معقوفاً، وكتبوا مجموعة من العبارات على جدران مسجد في منطقة الخصوص العشوائية التابعه لمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، فما كان من إمام المسجد إلا أن نهرهم على كتابة عبارات مسيئة على مكان مقدس، فاستجاب الصبية وبدأوا في طمس تلك العبارات، فذهب إليهم شباب من أقباط المنطقة، اعتقدوا أنهم يمسحون رسم صليب، ليحدث تجاذب كلامي بين الجانبين، تطور إلى اشتباكات لفظية، ومن ثم اشتباكات في ما بينهم سقط على إثرها شاب مسلم، ليتوافد أهالي الشاب القتيل على مبنى كنيسة مارجرجس وحاصروها محاولين اقتحامها، فوقعت اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة النارية بين المسلمين والأقباط، الأمر الذي أدى إلى سقوط اربعة قتلى وعدد من الجرحى، ناهيك عن تهشيم جدران الكنيسة وإحراق منزل قبطي. وكانت السمة الأساسية للأحداث هي غياب الأمن، على رغم استغاثات أطلقها كاهن كنيسة مارجرجرس. ولم تصل الحشود الأمنية سوى مع الساعات الأولى للصباح. وأوقفت قوات الشرطة 15 من الطرفين، قبل أن تعرضهم على النيابة للتحقيق. وأكد مصدر أمني أن الوضع داخل منطقة الخصوص مستقر حالياً بعد السيطرة على الأحداث ومنع تفاقمها بين المسلمين والأقباط، مشيراً إلى أنه تم إلقاء القبض على 15 شخصاً من المتهمين بالتسبب في الأحداث وإثارة الشغب، ورأى المصدر أن سبب الأزمة بين الطرفين لا يستحق أن يموت فيها أو يضرب بسببها أي من الطرفين، فبعد أن كان مشاعاً أن السبب قيام بعض الأقباط بكتابة عبارات مسيئة للمسلمين على جدران أحد المعاهد الأزهرية تبيّن غير ذلك، مضيفاً أنه بعد تمكن قوات الأمن من الدخول لموقع الأحداث اكتشفت أن المشكلة بدأت عندما وجد شيخ المعهد الأزهري شابين مسلمين يكتبان اسميهما على جدار المعهد، ويرسمان شكل «الصليب المعقوف» فنهرهما بأن هذا لا يليق أن يكتب على جدار مكان مقدس كهذا، فما كان منهما إلا أن قاما بمحاولة محو ما كتباه، وحدثت مشادة بينهما وبين أقباط مجاورين للمعهد وتطورت إلى مشاجرة ومعركة بالأسلحة النارية. واعتبر كاهن كنيسة مارجرجس القمص سوريال يونان، أن المنطقة المحيطة بالكنيسة تشهد الآن «حال هدوء قد يكون كالذي يسبق العاصفة»، مشيراً إلى أن مبنى الكنيسة تعرض للهجوم، وأضرمت فيه النيران حيث تم إحراق الكنيسة المعمدانية وتدمير حضانة ملحقة بالكنيسة، إضافة إلى عدد من بيوت الأقباط، محملاً الشرطة مسؤولية تفاقم الأحداث لعدم تمكنها السيطرة على الهجوم. وبدأت النيابة العامة في القليوبية أمس السبت التحقيق مع 15 موقوفاً في الأحداث، وانتقل فريق من النيابة لإجراء معاينة لمسرح الأحداث، وصرح بدفن جثة أحد الضحايا، عقب عرضه على الطب الشرعي لبيان سبب الوفاة. واستنكر شيخ الأزهر أحمد الطيّب الأحداث، وأوضح بيان لمشيخة الأزهر أن الطيب أوفد ممثلين عن بيت العائلة المصرية للذهاب فوراً إلى مكان الحادث لفهم حقيقة ما جرى واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تفاقم الوضع. وأشار الأزهر في البيان إلى أن حماية النسيج الوطني الواحد من الفتن الطائفية والدعوات العنصرية ودعوى الجاهلية واجب ديني ووطني، وأن دماء المصريين جميعاً معصومة وأغلى من أن تراق. من جهة أخرى، وصف رئيس حزب الحرية والعدالة الحاكم سعد الكتاتني اشتباكات الخصوص بأنها «فتنة طائفية»، مشدداً على أن ما يحدث غير مقبول وخطير. وقال الكتاتني، في تعليق على «فايسبوك»، إن «هناك من يريد إشعال مصر وافتعال أزمات»، وطالب عقلاء المنطقة باحتواء الأزمة والجهات الأمنية باتخاذ كل التدابير لوقف الفتنة الطائفية. في غضون ذلك، أمرت النيابة المصرية بإخلاء سبيل رئيس جامعة الأزهر (المقال) الدكتور أسامة العبد من سراي النيابة، وذلك بعدما تم الاستماع إلى أقواله حول ملابسات واقعة التسمم الغذائي الجماعي للمئات من طلاب المدينة الجامعية الأزهرية أخيراً، وأنحى العبد -خلال التحقيقات- باللائمة على مدير عام المدينة الجامعية محمد رضا مصطفى خليل، واللجنة المكلفة بتسلم الأغذية والأطعمة بالمدينة الجامعية، في وقوع حالات التسمم الغذائي للطلاب، مؤكداً أن هذا الأمر هو مسؤولية مباشرة لهم، باعتبار أنهم مسؤولون عن الأطعمة في المدينة الجامعية بشكل كامل. من جانبه نفى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي نيته الترشح لمنصب شيخ الأزهر، مؤكداً عمق العلاقة ومتانة الروابط التي تجمعه مع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.