يقول مقاتلون ونشطاء إن الحكومة السورية ترسل أعضاء من ميليشيات غير نظامية للتدريب على حرب العصابات في قاعدة سرية في إيران بهدف دعم قواتها المسلحة التي استنزفت بعد عامين من القتال والانشقاقات. وتوصف برامج التدريب بأنها سر علني في المناطق الموالية للرئيس بشار الأسد الذي يحاول سحق تمرد ضد حكم أسرته المستمر منذ أربعة عقود. والتقى مراسل وكالة «رويترز» مع أربعة مقاتلين ذكروا انهم تدربوا على القتال في إيران إلى جانب مصادر من المعارضة قالت انها توثق مثل هذه الحالات. وقال مدير الاستخبارات الإسرائيلية وديبلوماسي غربي إن إيران الداعم الرئيس للأسد تساعد في تدريب 50 ألفاً من اعضاء الميليشيات على الأقل وتهدف الى رفع العدد إلى 100 ألف لكن لم يذكرا مكان التدريب. ولم يتسن الاتصال بأي من العاملين في وزارة الخارجية الإيرانية للتعليق غير انه سبق أن نفى مسؤولون إيرانيون أن سورية ترسل مقاتلين إلى ايران التي تقول ان مساعداتها تقتصر على معونات إنسانية ودعم سياسي للأسد. ونفى مصدر أمني سوري طلب عدم نشر اسمه ارسال مقاتلين سوريين الى إيران. وقال: «ندرب قواتنا الخاصة على هذا النوع من المهام القتالية، منذ 2006 لدينا وحدات مدربة على حرب العصابات فما حاجتنا لارسال افراد الى ايران؟». وإذا صدق ما يذكره المقاتلون السوريون عن تدريب مقاتلين في إيران فذلك ينم عن اتساع نطاق الصراع خارج حدود البلاد وقد يمتد لفترة أطول حتى بعد انتهاء الصراع على السلطة يين الأسد ومعارضيه. وينتمي المقاتلون على ما يبدو الى الأقليات التي ساندت الأسد للتصدي للانتفاضة ومعظم قادتها من السنّة. ويمكن لهذه الخطوة ان تؤدي الى تفاقم البعد الطائفي الخطير للصراع الذي راح ضحيته أكثر من 70 ألف شخص. وترى إيران، الغريم الشيعي لدول خليجية سنّية داعمة للمعارضة، سورية دولة محورية لدعم نفوذها في المنطقة. كما كانت سورية همزة الوصل مع «حزب الله» اللبناني. وقال سامر، وهو مسيحي من الميليشيات الموالية للأسد التي تقاتل في المناطق الريفية في محافظة حمص ، «كان برنامج تدريب على القتال داخل المدن مدته 15 يوماً. وقال المدربون انه البرنامج نفسه الذي يخضع له مقاتلو «حزب الله» عادة». و»يشمل التدريب الجوانب المهمة لحرب العصابات مثل الاساليب المختلفة لحمل البندقية واطلاق النار وأفضل سبل للتصدي لهجوم مباغت». وذكر المقاتلون الذين التقت بهم «رويترز» في حمص أن معظم من يذهبون لتلقي التدريب من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. ويوفد عدد أقل من الدروز والمسيحيين، والطائفتان منقسمتان في شأن الانتفاضة وإن كانت الغالبية تدعم الأسد بسبب المخاوف من ارتفاع نبرة الخطاب الإسلامي بين صفوف المعارضة. وقال سامر: «دأب الايرانيون على ترديد ان الحرب ليست ضد السنّة بل من أجل سورية لكن العلويين المشاركين في برنامج التدريب كرروا أنهم يريدون قتل السنّة واغتصاب نسائهم انتقاماً منهم». ويقول مواطنون سوريون يقيمون في مناطق يسيطر عليها الجيش او الميليشيات ان القوات غير النظامية اصبحت تكتسب صفة نظامية متزايدة في الشهور الاخيرة وتطلق هذه المجموعات على نفسها اسم «جيش الدفاع الوطني» ويبدو انها تعمل كقوة موازية للقوات المسلحة وهي مزودة أسلحة خفيفة ولا تخضع لرقابة او محاسبة. ومنذ العام 2011 شكلت قوات الامن مجموعات اطلقت عليها «لجان شعبية» لحماية الاحياء عُرفت في ما بعد باسم «الشبيحة». واتهمت مجموعات «الشبيحة» بارتكاب بعض ابشع المذابح ضد المدنيين من بينها مذبحة الحولة في حمص حيث قتل أكثر من مئة شخص نصفهم من الاطفال. واتهمت السلطات المعارضة بارتكاب المجزرة. ولم يتضح عدد «الشبيحة» الذين تم إيفادهم للتدريب في إيران لكن بعضاً ممن التقت بهم «رويترز» ذكروا انه يجري تنظيم مجموعات من نحو 400 شخص ويسافرون إلى ايران بأعداد محدودة. ويعتقدون ان عرض التدريب متاح لكثير من الميليشيات الموالية للاسد والعاملة في انحاء سورية. ويقول الشبيحة إن إيران تدرب سوريين داخل سورية وتدعم القوات هناك من ثم لا يوجد سبب واضح لبرامج التدريب في إيران. وذكر المقاتلون أنهم يعتقدون ان التدريب يشي بأزمة ثقة متصاعدة بين القوات الإيرانية والجيش السوري الذي يعاني من فساد وانشقاقات. وقال نبيل وهو مقاتل مسيحي من حمص إن المدربين الإيرانيين حذروهم من ارتكاب أعمال السلب والنهب وهي جريمة يرتكبها المقاتلون من الجانبين. وتابع: «في أول ايام التدريب قال الضابط الايراني المشرف على برنامجنا، اعلم تماما ما يجري في سورية وأود ان اقول شيئا واحداً: اذا كان انضمامكم الى جيش الدفاع الوطني من اجل السلب وليس للدفاع عن البلاد ستلقون ميتة بشعة وتذهبون الى الجحيم». وقال المتدربون انهم يقسمون الى مجموعات ويجري تدريب البعض كقوات برية على استخدام البنادق والمدفعية المحمولة المضادة للطائرات وكقناصة. وتطير المجموعات من القاعدة الجوية في اللاذقية إلى مطار طهران الدولي ثم تنقلهم الحافلات مباشرة لمكان مجهول. وقال سامر: «فور وصولنا ركبنا حافلات اسدلت الستائر على نوافذها وجرى التنبيه علينا بألا نرفع الستائر... واستمرت رحلة الحافلة ساعة ونصف الساعة تقريبا قبل الوصول الى المعسكر، انتقلنا من المطار الى المعسكر مباشرة وغادرنا المعسكر الى المطار ولم نر سواه». وروى المقاتلون الاربعة الذين ينتمون الى بلدات وميلسشيات مختلفة الشيء نفسه كلاً عل حدة. وذكروا ان المتدربين قُسموا الى مجموعات تضم كل منها نحو 60 شخصاً وقام بتدريبهم ضباط ايرانيون يتحدثون العربية ويعاونهم مترجمون إيضاً. وقال المتدربون انهم شاهدوا مقاتلين لبنانيين. وقال سمير وهو من حمص: «كانت هناك مجموعات من «حزب الله» تتدرب في القاعدة نفسها ولكن لم يكن هناك اتصال مع مجموعاتنا... اعتقد ان برنامجهم كان أقوى». وتدعم إيران الجيش السوري وتساعد في تدريبه بموجب اتفاقات تعاون عسكري قديمة لكن المشاركة في تدريب قوات شبه عسكرية قد يقلق غرماء في المنطقة لا سيما اسرائيل التي تخشى بشكل خاص التنسيق المتزايد بين مجموعات سورية و»حزب الله». ويصف المقاتلون التدريب بأنه يتفوق كثيراً على ما تدربوا عليه من مهارات داخل سورية. وقال سامر: «في السابق كان احتمال اصابتي للهدف لا يتجاوز 50 في المئة لكنه تحسن الان إلى 90 في المئة». واضاف: «في سورية يعطون الأولوية للدفاع عن المكان الذي نتمركز فيه مهما كان الثمن. في ايران قالوا اننا نحافظ على ارواحنا، فإذا فقدت موقعك وبقيت على قيد الحياة يمكنك ان تعيد تنظيم صفوفك واستعادته في اليوم التالي. إذا مت فسيضيع موقعك إلى الأبد».