حيت مقالة نُشرت في صحيفة لكاتبة إسرائيلية نقاشاً عاطفياً في شأن الحكم الإسرائيلي المستمر منذ 45 سنة للضفة الغربيةوالقدسالشرقية: هل الفلسطينيون الذين يرمون الحجارة على إسرائيليين يمارسون «حقهم الطبيعي» في ممارسة المقاومة للاحتلال العسكري، كما جادلت الكاتبة؟ أم أن رمي الحجارة هو عمل عنفي لا يمكن الدفاع عنه؟ هذا الجدال الحامي - إضافة إلى شكوى أمام الشرطة قدمها مستوطنون في الضفة الغربية ضد كاتبة المقالة - شكّل علامة أخرى على الهوة التي تزداد عمقاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد عقود من الصراع. ويأتي هذا النقاش في وقت يراقب الإسرائيليون أي مؤشرات إلى إمكان اندلاع «انتفاضة» فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال. وخلال السنوات ال 25 الماضية، شن الفلسطينيون انتفاضتين. اندلعت الأولى عام 1987 وتميّزت باحتجاجات ضخمة غالباً ما ترافقت مع رمي الحجارة. وكان الجنود الإسرائيليون يردون بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والاعتقالات الواسعة النطاق. وأدت تلك الانتفاضة إلى مفاوضات أثمرت اتفاقات سلام موقتة. واندلعت الانتفاضة الثانية عام 2000 بعد فشل مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي، وارتفعت وتيرة العنف من الطرفين. استخدم الفلسطينيون البنادق والقنابل، وحتى العمليات الانتحارية. أعادت إسرائيل احتلال أجزاء من الضفة الغربية كانت قد أعادتها في السابق إلى سيطرة فلسطينية جزئية وبدأت في استهداف قادة المجموعات الفلسطينية المسلحة بهجمات صاروخية من طائرات هليكوبتر. وفي مقالة رأي بصحيفة هآرتس يوم الأربعاء، كتبت الصحافية الإسرائيلية أميرة هاس أن إسرائيل شاركت في عنف منظم ضد الفلسطينيين في إطار آلة احتلالها. وتابعت هاس التي تغطي الأخبار الفلسطينية وتعيش في الضفة الغربية: «رمي الحجارة حق طبيعي وواجب على أي شخص يخضع لاحتلال أجنبي». وزادت أن تقليص حدود هذا الحق يمكن أن يتضمن «التمييز بين المدنيين وبين الذين يحملون السلاح». لكن كلماتها جرّت سيلاً من ردود الأفعال الغاضبة في إسرائيل يوم الخميس، بما في ذلك رد أم لطفلة إسرائيلية تبلغ من العمر ثلاث سنوات وأصيبت بجروح خطرة الشهر الماضي نتيجة حادث سير تسبب به رماة حجارة في الضفة الغربية. وأعاد كاتب آخر التذكير بقضية صبي يبلغ سنة واحدة قُتل هو ووالده في ظروف مشابهة عام 2011. كما قام مجلس المستوطنات الذي يشكل مظلة لجماعات المستوطنين اليهود، برفع دعوى أمام الشرطة ضد هاس والمؤسسة التي تعمل لديها وهي صحيفة هآرتس، بتهمة التحريض على العنف ضد الإسرائيليين خلال قيادتهم سياراتهم على طرقات الضفة الغربية. وامتنعت هآرتس عن التعليق الخميس. وهاس معروفة بانتقادها الشديد للسياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين إلى درجة أنها تقع خارج الطبقة السياسية الأساسية في إسرائيلي. وهي قالت لوكالة أسوشيتد برس الخميس إنها تعتقد أن الذين ينتقدونها عمداً يتجاهلون إشارتها إلى حدود المقاومة. وأضافت في رد على سؤال بالبريد الإلكتروني: «خيار عدم قراءة الجمل الواضحة جداً (في شأن حدود المقاومة) هو جزء من ثقافة الإنكار الإسرائيلية للعنف المؤسساتي ضد الفلسطينيين». وكان لافتاً أن يوسي بيلين، أحد مفاوضي السلام السابقين في إسرائيل والمعروف بتأييده القديم لقيام الدولة الفلسطينية، شارك في حملة الانتقادات لموقف هاس، في إشارة إلى إجماع عريض في إسرائيل في شأن هذه المسألة. وكتب بيلين في يومية «إسرائيل حايوم» أن «رمي الحجارة ليس «حقاً بالولادة ولا واجباً» على أولئك الذين يُحكمون (من قبل الآخرين)، ولكنه عمل عنف يمكن أن يؤدي إلى الموت، الإعاقة أو الإصابة بجروح». ودافع غسان الخطيب، وهو مثقف من الضفة الغربية خدم في الحكومات الفلسطينية، عن حق الفلسطينيين الذي لا يقبل الشك في مقاومة الاحتلال، لكنه قال إن الوسائل غير العنيفة أفضل من القنابل والبنادق.