دخل قطاع غزة بشكل حذر معركة «الانتفاضة الثالثة» ضد إسرائيل بعدما قصفت «كتائب الأقصى»، الجناح المسلح لحركة فتح، مستوطنة عسقلان جنوب الأراضي المحتلة بصاروخ «جراد»، في تطورٍ هو الأول منذ سريان اتفاقية الهدنة بين المقاومة وإسرائيل بوساطة مصرية عقب عملية «عمود السحاب» في نوفمبر الماضي. في الوقت نفسه اشتعلت مدن الضفة الغربية بالمواجهات بين الشباب الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين. مقدمة للرد بدورها، اعتبرت كتائب الأقصى إطلاق الصاروخ مقدمة للرد على اغتيال الأسير عرفات جرادات، وقالت، في بيانها الذي تلقت «الشرق» نسخة منه، إن «الحرية لن تأتي إلا بالتضحية وعلينا أن نقاوم عدونا بكل الوسائل المتاحة أمامنا». في المقابل، حمَّل رئيس الدولة الإسرائيلية، شمعون بيريز حركة حماس المسؤولية، واعتبر أن «على حماس أن تعي أن الهدوء من جانبها سيُقابَل بهدوء من جانب إسرائيل، وإطلاق النار سيُقابَل بالرد الملائم». من جانبها، سارعت الحكومة الفلسطينية إلى وصف «ادعاءات الاحتلال بسقوط صاروخ على عسقلان بأنها محض افتراء» حسبما ورد عنها. وذكرت الحكومة، وفقاً لتصريحات رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إيهاب الغصين عبر صفحته على موقع «فيسبوك»، أن «هذا الافتراء يأتي للتغطية على جرائم الاحتلال المستمرة بحق المقدسات والأسرى». انفجار سيطول الإقليم في سياقٍ متصل، رأى الخبير الأمني والعسكري الفلسطيني، الدكتور إبراهيم حبيب، أن ما يجري في الضفة الغربيةوغزة هو مقدمات لاندلاع «انتفاضة ثالثة» ضد إسرائيل نتيجة جرائمها في حق الأسرى. وحذر في تصريحاته ل «الشرق» من أن تطول تداعيات اندلاع الانتفاضة الثالثة المحيط الإقليمي «خصوصاً سوريا ولبنان في سياق حرب على المنطقة»، حسب توقعه. واعتبر حبيب أن عملية إطلاق صاروخ من غزة واندلاع مواجهات في الضفة يأتيان في سياق الانتفاضة الثالثة ودخول المقاومة الفلسطينية بشكل منظم إلى المعركة نتيجة عجزها عن الصمت طويلاً وهي ترى أبناء الحركة الأسيرة يُنقَلون بالتوابيت شهداء من داخل السجون الإسرائيلية. دور فتح وحماس ولفت إبراهيم حبيب إلى أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تُفشِل الانتفاضة الثالثة إذا ما تحركت فعلياً على الأرض وقمعت المواجهات في إطار تلبيتها الدعوات الإسرائيلية بإعادة الهدوء إلى الضفة الغربية. واتفق مع هذه الرؤية الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أكرم عطا الله، إذ قال إن «السلطة الفلسطينية وحركة فتح غير معنيين بالتصعيد». ورأى عطا الله، في حديثه ل «الشرق»، أن إسرائيل ليس لديها رغبة في التصعيد بالضفة بدليل إفراجها عن أموال السلطة كحسن نية، وتابع «هي تنظر إلى إطلاق الصاروخ من غزة على أنه عمل فردي، وفي المقابل فإن حماس في غزة غير معنية بتوتير الأوضاع لأنها تعيش مرحلة مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل وبدأت تجني ثمار التهدئة وهي ليست مستعدة للمغامرة». وأشار عطا الله إلى أن إسرائيل اكتفت بتحميل المسؤولية لحماس وأغلقت المعابر التجارية مع غزة وفقاً لمقولة «الأمن مقابل الغذاء» لعدم رغبتها في دفع ثمنٍ سياسي قبل زيارة الرئيس الأمريكي بارك أوباما الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، وأكمل «لكنها ستؤخر شن عملية عسكرية ضد غزة والضفة لردع الانتفاضة بعد مغادرة أوباما». الضفة مفتاح غزة أما الكاتب والمحلل السياسي، حسن عبده، فاعتبر أن الضفة الغربية هي الجهة الوحيدة التي تمتلك مفتاح إدخال قطاع غزة إلى ساحة المواجهة. وقال عبده ل «الشرق» إنه «إذا اشتعلت الضفة وسقط الشهداء فإن غزة ستدخل المواجهة المسلحة مع الاحتلال ولن تستطيع إسرائيل هذه المرة أن تمتلك مفتاح وقف المعركة». ونبَّه عبده إلى تغير محددات العمل العسكري لدى المقاومة الفلسطينية بعد عملية «عمود السحاب» لأن ضرب العمق الاستراتيجي لإسرائيل بات أمراً سهلاً بالنسبة لها، مشدداً على إدراك إسرائيل أن أي اشتباك مسلح سيقود المنطقة إلى حرب في إطار الانتفاضة الثالثة «التي ستؤدي إلى إفشال مخطط إسرائيل في التفرد بالضفة الغربية وعزل قطاع غزة عن ساحة المواجهة»، حسب قوله.