إيران وعلى رغم ادعاءاتها بالأخوة في الدين وحسن الجوار لمنطقتنا العربية، خصوصاً لدول الخليج العربي، إلا أن سياستها وخطابها الإعلامي يعكسان غير ذلك، وقد كانت إيران في الفترات الماضية تلعب على وتر القضية الفلسطينية والدفاع عنها وعن القدس الشريف، ولكنها على أرض الواقع لم تدخل في مواجهة مباشرة مع إسرائيل بل إن وكلاءها من العرب هم من يقومون بذلك، ومع الأسف من يدفع الثمن البشري والاقتصادي والتأزم وعدم الاستقرار هم نحن العرب، كما حدث في حرب 2006، وبعدها حرب إسرائيل على غزة، إذ حققت إسرائيل الكثير من المكاسب السياسية والأمنية من تلك الحربين، فقد أمنت إسرائيل حدودها مع لبنان وقطاع غزة، أما نحن فقد بقيت لنا الذكريات والشعارات لنتغنى بها. على مستوى التدخلات الإيرانية في دول الخليج فهي معروفة ومكشوفة لمن يريد أن يعرف الحقيقة، وهي تعبر عن أطماع سياسية لإيران تحاول أن تهيمن على منطقة حيوية للعالم أجمع، إيران في مساعيها تلك تحاول أن تعمل على توظيف عامل المذهبية الدينية في منطقتنا وقد ينخدع البعض منا لخطابها الديني لأسباب قد تكشف لنا أننا في مجتمعات تعاني من قيم المواطنة الحقة، فالعنصر المضطهد والمنزوعة حقوقه قد يلجأ إلى الخارج في محاولة للحصول على حقوقه الوطنية وقد يكون صادقاً في داخله، ولكن كما علمنا التاريخ فإن الأجنبي دائماً يلعب بورقة الأقليات القومية والدينية لتحقيق مكاسب سياسية لتلك الدول، وقد تكون آخر اهتماماتها هذه الأقلية أو تلك، فكلنا مثلاً يذكر كيف ضحى الاتحاد السوفياتي في تلك الحقبة ببعض الأحزاب الشيوعية العربية، كما حدث في مصر والعراق مثلاً، مغلباً مصالحه السياسية على أيديولوجيته الشيوعية. فالصراع مع إيران هو صراع مصالح ومحاولة هيمنة ويجب أن يكون في هذا الإطار السياسي، وعلينا نحن في الخليج أن نقوي وحدتنا الوطنية على أساس الحرية والمساواة والعدالة بعيداً من التهميش لأي مكون اجتماعي في دولنا، فهذه السياسة هي الضمانة الحقيقية في وجه إيران وغيرها، فمشاريع الإصلاح السياسي في دولنا يجب أن تخرج من أروقة المؤتمرات والحوارات إلى التطبيق الفعلي، وأن يتم ذلك بطريقة تدريجية وعقلانية وألا نتخوف مما سوف ينتج عنها عن حقيقة مجتمعاتنا وثقافاتها المتعددة لأن ذلك يعطينا الفرصة للتعامل معها على أساس واقعي، أما التأجيل والسكوت عن قضايانا فهو من يعطي الأجنبي الفرصة للتدخل في شؤوننا، فمسألة ترتيب البيت من الداخل هي الضمانة الحقيقية لنا جميعاً في مواجهة هذه المخططات الإيرانية الشريرة. إيران لمن يريد أن يعرف الحقيقية ومن دون مواربة تسعى لمصالحها في المنطقة، ونحن بتشتتنا من يعطيها هذه الفرصة التاريخية، فإيران لديها الكثير من المشكلات الداخلية، خصوصاً الاقتصادية بعد العقوبات المفروضة عليها من القوى الكبرى، وعلى رغم ذلك تسعى إلى امتلاك سلاح نووي تعتقد أنها بامتلاكها تلك القوة سوف تفرض هيمنتها على العالم العربي، وكما نعرف أن دولاً متعددة لديها مثل هذه القوة ولكنها تعيش حالاً من التخلف الاقتصادي، وتعاني من أزمات سياسية عميقة، وعلينا أن نقارن مثلاً بين الكوريتين الجنوبية والشمالية، التي تعيش الأخيرة أزمات تصل إلى حد جوع مواطنيها على حساب قوة لا يمكن استخدامها في عالمنا اليوم، لأنها قد تكون أي نظام. ترى إيران أن العالم العربي يعيش مرحلة تغير جذرية في نظامه السياسي جراء الربيع العربي، وهي تريد أن تعيد تموضعها على أساس نتائج هذه الثورات العربية، فالكل يعرف أن نظام بشار الأسد في سورية هو تاريخياً لا محالة إلى الزوال والذي سوف يؤثر على ثقل بعض القوى التابعة لإيران في المنطقة، لذا تحاول إيران خلق جيوب جديدة تابعة لها في منطقتنا، كما تعمل في اليمن في شماله وجنوبه، وسياساتها في القارة الأفريقية. الشعب الإيراني نفسه يعاني من القمع والاضطهاد والإقصاء في الحريات وتفرد طبقة واحدة بالامتيازات، مثل هذه الظروف تدفع النظام الإيراني من الهروب من مشكلاته خوفاً من ربيع إيراني الذي قد ينفجر في أي لحظة، خصوصاً أنها مقبلة على انتخابات رئيسة في الأشهر المقبلة وقد تكون الاحتجاجات الماضية هي بداية لتغير حقيقي في إيران، لذا تحاول إيران إشعال حروب وفتن طائفية تُبقي نظامها لسنوات وعقود مقبلة. [email protected] @akalalakl