أخلت سلطات التحقيق في مصر سبيل مقدم البرامج الساخر الشهير باسم يوسف بضمان مالي قدره 15 ألف جنيه مصري على ذمة التحقيقات معه في أربعة بلاغات قدمها مؤيدون للرئيس محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين» تتهمه ب «إزدراء الدين الإسلامي وإهانة الرئيس» عبر برنامجه «البرنامج» على فضائية «سي بي سي» الخاصة، ما اعتبره فريق الدفاع عنه «مؤشراً مقلقاً». وكان يوسف الذي صدر أمر من النائب العام طلعت عبدالله بضبطه وإحضاره سلم نفسه طواعية أمس إلى سلطات التحقيق، مستنكراً عدم استدعائه طبقاً للقانون قبل إصدار قرار التوقيف. وتوجه وسط حشد من زملائه وجمهوره إلى دار القضاء العالي التي اعتصم معارضون أمامها احتجاجاً على قرارات النائب العام بضبط ناشطين وحبس آخرين وللمطالبة بإقالته خصوصاً بعد حكم قضائي ألغى قرار تعيينه. ويوسف من أكثر الإعلاميين انتقاداً لمرسي وتيار الإسلام السياسي عموماً، ونال شعبية جارفة في مصر، خصوصاً أنه قدم برنامجه في قالب ساخر لم يعتده المصريون، وخرج عن النمط التقليدي لبرامج «التوك شو». وأظهرت بيانات المشاهدة أن برنامجه الذي يحمل اسم «البرنامج» من أكثر البرامج مشاهدة في مصر، حتى أن موقع «يوتيوب» العالمي صنفه ضمن مقاطعه الأكثر مشاهدة على مستوى الشرق الأوسط. ولباسم يوسف أكثر من مليون و200 ألف متابع لحسابه على موقع «تويتر». وطالما دأب الإعلامي الشهير على إظهار مواقف غريبة للرئيس المصري في خطاباته أو حواراته أو لقاءاته وجعلها مادة لسخرية لاذعة لا تخلو من إطار كوميدي. وبعد تحقيقات استمرت ساعات أجراها المحامي العام في المكتب الفني للنائب العام محمد سيد خليفة تقرر إخلاء سبيل باسم يوسف بضمان مالي قدره 15 ألف جنيه. وقال ل «الحياة»المحامي حسام السنهوري المكلف الدفاع عن يوسف إن النيابة أخلت سبيل يوسف بكفالة 15 ألف جنيه موزعة على ثلاثة بلاغات تم التحقيق فيها، فيما البلاغ الرابع لم يتم التحقيق فيه لأن النيابة العامة لم تستوفه. وشدد على أن إخلاء سبيل يوسف بضمان مالي «لا يعني إدانته، وإن كانت البلاغات لا تستدعي هذه الكفالة، غير أن هذا الإجراء قانوني ويجري العمل به». وقال ل «الحياة» المحامي الإسلامي منتصر الزيات الذي حضر التحقيقات مع يوسف إن جلسة التحقيق شهدت عرض أربع حلقات من برنامج يوسف وردت في محاضر الشاكين»، لافتاً إلى أن «المحامي العام كان في منتهى الأريحية خلال التحقيق». لكن الزيات أعرب عن قلقه بعد صدور القرار، قائلاً إن «القرار ليس مريحاً بالنسبة إليّ ولا يترجم سير التحقيقات أو يعبر عنه... رأيت النيابة متفهمة جداً والاتهامات جزافية وعبثية، وردود باسم يوسف كانت قوية جداً... استغرب إطلاقه بضمان مالي». ورداً على سؤال عما إذا كان شعر بتربص بيوسف، قال الزيات: «طوال التحقيقات لم أكن أشعر بذلك. في البداية كنت قلقاً، لكن بعد بدء التحقيق شعرت بالارتياح من سير التحقيق، لكن بعد صدور القرار عاد القلق، لأن جلسة التحقيق لم يكن فيها ما ينبئ بصدور مثل هذا القرار». وصدور قرار بإخلاء سبيل يوسف بضمان مالي يعني إمكان إحالته على المحاكمة. وقال الزيات: «بعد هذا القرار من الممكن أن يحال على المحكمة، لكن يحق للنيابة أيضاً حفظ التحقيقات... كل الاحتمالات واردة، لكن القرار يعتبر مؤشراً غير مريح». وكانت النيابة أمرت بضبط وإحضار يوسف للتحقيق معه في تهم «إهانة رئيس الجمهورية، ونشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير السلم العام، وازدراء الدين الإسلامي». وردد متظاهرون أمام دار القضاء العالي هتافات مؤيدة ليوسف ومعارضة للرئيس مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين». وكتب يوسف تدوينات متلاحقة عبر حسابه على موقع «تويتر» خلال توجهه إلى مقر دار القضاء وقبل بدء التحقيقات قبل أن يحذفها من على حسابه ويكتب: «للأسف هناك بعض الصفحات التي تكتب أشياء من داخل التحقيق وكلها غير صحيحة. برجاء عدم نشر أخبار خاطئة». ويعتصم أعضاء في «حركة 6 أبريل» أمام دار القضاء العالي الذي رفعوا على بوابته الرئيسة لافتة كُتب عليها: «مغلق حتى العثور على نائب عام شرعي»، في إشارة إلى حكم محكمة استئناف القاهرة بإلغاء قرار تعيين عبدالله. وأعلنت «6 أبريل» الاعتصام أمام دار القضاء العالي بسبب قرار النيابة حبس أربعة ناشطين في الحركة تم توقيفهم خلال تظاهرة أمام منزل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم مساء الخميس الماضي. ورفع المعتصمون لافتات تنتقد الرئيس محمد مرسي والنائب العام والشرطة. واضطر قضاة إلى دخول دار القضاء العالي من بوابة خلفية بسبب غلق المعتصمين بوابته الرئيسة، لمنع عبدالله من الدخول. وفجر أمس، سُمع صوت إطلاق نار في محيط دار القضاء العالي، فاستنفر المتظاهرون، خشية الهجوم عليهم. كما هجم مسلحون مجهولون على ميدان التحرير فجراً وضربوا المعتصمين فيه وأحرقوا خيامهم، قبل أن يغادورا الميدان ليعود المعتصمون إليه بخيام جديدة. من جهة أخرى، قررت النيابة العامة في الإسكندرية إخلاء سبيل 13 ناشطاً احتجزتهم الشرطة من أمام قسم شرطة الرمل واتهمتهم بالعنف بعد خطف عناصر في «الإخوان» مصوراً صحافياً ينتمي إلى حزب «الدستور» المعارض.