اليوم هو ثاني أيام الصيام، واليوم أدركت بحسك الاقتصادي المتقد، أن ما فعلته أو وافقت المدام على فعله في أروقة السوبرماركت، كان فقط «شفاحة» واستلاباً لإغراءات التخفيضات المزعومة على ما يسمى السلع الرمضانية. وبمناسبة السلع الرمضانية كما يقول التجار، هل هناك سلع «حجية» نسبة إلى موسم الحج المبارك، الذي يصوم الناس أيضاً فيه العشر أو يوم عرفة على أقل تقدير، وفيه تؤدى فريضة الحج العظيمة؟ وأيضا هل يوجد شيء اسمه سلع عيدية نسبة للعيد، وسلع جمعية نسبة إلى يوم الجمعة؟ هل رأيت كيف انفض «المولد» الذي كنت تراه في المحال، وكأنها ستقفل مع دخول رمضان، اذهب الآن وانظر إلى الأسعار، إنها تبدأ رحلة الهبوط الاضطراري، خصوصاً إذا كانت من النوع محدود الصلاحية، وعند تاجر نزيه أو شركة محترمة، لأنه كلما زادت حمى المنافسة، تكدست المزيد من البضائع. وعودة إلى متاهتك التي طاولت شراء الغذاء، ثم ها أنت ذا في خضم ملابس العيد النسائية، وتنتظرك الملابس الرجالية، ثم محال الأحذية، وأخيراً محال العطور والحلويات، وللملابس الرجالية وصلنا في هذه الدوامة واكتشفت معلومات ثرية عن أنواع الأقمشة عبر بريد إلكتروني سأعرضه يوم الأربعاء. بقية الملابس الرجالية وهي غالباً الداخلية والشماغ والغترة والطاقية، جلها يأتيك من الصين، سيماه القطن، لكن ملمسه وتجربته يصيبانك بالغبن، فهي ألياف مهجنة لا هي بالطبيعية الصافية، ولا بالصناعية الخالصة، والدليل تلك اللمعة البلاستيكية التي تراها في ثنايا «الفنيلة»، وأنت رجل تعيش في بيئة صحراوية، تحتاج إلى قطن حقيقي. لذا عليك بالأقطان المصرية والشامية، فقد انخفضت أسعارها أخيراً، وزانت صناعتها، وهي للراحة أقرب، أما الشماغ فأقر معظم مستورديه بأنهم يصنعونه في كوريا والصين، وأن الإنكليزي والسويسري والإيطالي كان بعضها حقيقياً، ولم يعد يستطيع المنافسة مع المنتج الآسيوي، وبعضها كان كاذباً، وإياك أن تستمع لنصيحة البائع، لأن البائعين يركزون على الأشمغة التي يعطيهم موردوها عمولة أكبر، أو كميات إضافية على الفواتير التي تسدد نقداً، وأقل الأحوال أنهم سيركّزون على الأصناف الأكثر ربحية. واعلم أن التاجر الشاطر سيحرص على أن تشتري السلعة السيئة في الموسم، أياً كانت، لأن السلعة الجيدة يمكن بيعها في غير الموسم، لذا اعتمد على تجارب الأهل والأصدقاء في الأصناف الجيدة وعلى حدسك، ولا تجعل فرقاً صغيراً في السعر يجعلك تشتري أشياء تستخدمها أيام العيد فقط، وكأنها ملابس «ديسبوزال»، فما تدفعه هو من موازنة الأسرة، والمفترض أن تعتبر ملابس العيد مثل كسوة الصيف، إذا كنت ممن يستطيعون كسوة أهلهم في كل فصل. [email protected]