من بين 169 حافظة لأجزاء من كتاب الله، اختار الفرع النسائي في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في حفر الباطن، الشقيقتين منة الله وأميرة كمال الثابت، لتتويجهما «عروستي» حفلة التكريم التي أقامتها أخيراً، في حضور مديرة الشؤون التعليمية في إدارة التربية والتعليم في حفر الباطن خديجة البلوشي، ومديرة الجمعية مها العامر، اللتين كرمتا من أتممن حفظ ما تيسر لهن من القرآن الكريم. ويكمن السر في اختيار منة الله (10 أعوام) وأميرة (11 عاماً) في أنهما أتمتا حفظ القرآن، لتصبحا «أصغر حافظتين» على مستوى الدور النسائية. وتعيش الصغيرتان مع أسرتهما في حي العزيزية، حيث التقت بهما «الحياة» بمعية والدهما كمال الثابت (مصري، مدرس لغة إنكليزية)، الذي أكد حرصه منذ قدومه إلى السعودية منذ تسعة أعوام على أن ينشئ بنتيه على «حفظ القرآن والمداومة عليه». وبدأت مسيرة الصغيرتين منذ عام 1427ه يقول الأب: «كنا حينها نقطن في مدينة رأس تنورة، وفازت ابنتاي في مسابقة القرآن الكريم للبراعم بحفظهما لثلاثة أجزاء، وكانتا تبلغان خمسة وستة أعوام. ثم انتقلنا إلى حفر الباطن. وبدأتا في تكثيف الحفظ، حتى أتمتا في منتصف هذا العام حفظ القرآن كاملاً، خصوصاً أنه في عطلة الصيف الماضية لم يتسن لنا النزول إلى مصر بإصرار منهما على البقاء، فاستغلت الفتاتان ووالدتهما الفرصة لتكثيف الحفظ، حتى أتمتا حفظ القرآن كاملاً». وعن جدول الفتاتين اليومي، تقول أميرة: «نستيقظ لصلاة الفجر مباشرة، ونبدأ في حفظ وجه من القرآن، ومراجعة الحفظ السابق لمدة ساعة، ثم نتوجه إلى مدارسنا، وعند العودة في الظهر نقوم بحل الواجبات والمذاكرة حتى العصر، ونبقى حتى المغرب في دار تحفيظ القرآن ثم نكمل المذاكرة، وبعد ذلك نجلس برفقة الأهل حتى اذان العشاء، ومن بعد العشاء مباشرة نستسلم إلى النوم». وتتسلم منة الله دفة الحديث، قائلة: «كل يوم جمعة نذهب من بعد صلاة الفجر مباشرة إلى إحدى الحدائق العامة، ونجلس هناك حتى ارتفاع الشمس، وهي نزهة تطرد الملل والرتابة». غير أن نقطة التحول في مسيرة الفتاتين كانت في «قضاء شهر رمضان الماضي في الحرم المكي، إذ اسهمت الأجواء الروحانية والإيمانية في مساعدتهما على الحفظ بشكل مكثف، إضافة إلى دروس تفسير القرآن المقامة هناك، ما سهل حفظ القرآن، بعد معرفة تفسيره. وتلفت أم عبدالرحمن (والدة الفتاتين) إلى ان تقارب عمر الفتاتين «لعب دوراً في احتدام التنافس بينهما، فكانتا تتنافسان على الحفظ حتى قبل دخولهما المدرسة، إلى درجة أن كل واحدة منهما كانت تخشى أن تسبقها الأخرى، وعلى رغم مرض إحداهما، إلا أنها كانت تحرص على إتمام الجزء المخصص للحفظ، حتى لا تزيد المسافة بينها وبين أختها، وزاد من حدة التنافس المسابقات التي يجريها والدهما لهما كل شهر لاختبار حفظهما». وتضيف الأم أن «أميرة ومنة الله تحلان مكاني ومكان والدهما، فهما تشرفان على أخويهما الصغيرين عبدالرحمن (ستة أعوام) ومحمد (خمسة أعوام)، اللذين يتنافسان أيضاً على حفظ كتاب الله». ويعود الأب للحديث: «طموح ابنتيّ هو الالتحاق بمجمع مدارس الأزهر، لكن هذا لن يحصل إلا في حال التحاقهما بمدارس تحفيظ القرآن الكريم، بيد أنهما اصطدمتا برفض القائمات على مدارس التحفيظ في حفر الباطن، لوجود نسبة مخصصة للطالبات المقيمات، وإن كان للبنتين من رجاء أو طلب فهو أن يتكرم القائمون على تعليم البنات بتحقيق رغبة البنتين». وأجمعت أسرة كمال الثابت بالتوجه بالشكر والتقدير إلى دار «الفرقان»، وخصوا بالشكر مديرة الدار إيمان الناصر، التي «أولت الفتاتين وأمهما اهتماماً خاصاً، وكانت تفاجئهن كل فترة بتقديم هدايا وجوائز تشجيعية، وتتابع الفتاتين حتى في مدارسهما، وتذلل أي عائق يواجههما، بل حتى تجاوزت ذلك إلى تقديم هدايا إلى الأب، لاهتمامه ورعايته للصغيرتين».