رُشِقَ الرئيس الباكستاني السابق الجنرال برويز مشرف الذي عاد الأحد من منفاه الاختياري في دبي، بحذاء خلال جلسة عقدتها المحكمة العليا في إقليم السند وأفضت إلى تمديد إطلاقه بكفالة أسبوعين، بالتالي إرجاء النظر في 3 دعاوى مرفوعة ضده، أهمها التآمر لاغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو العام 2007. وتجمع حوالى 20 محامياً معارضين لمشرف داخل قاعة المحكمة منادين بشنقه، قبل أن يرميه أحدهم بحذاء لم يصبه بعد انتهاء الجلسة. ولا يزال محامون كثيرون في باكستان غاضبين من قرار مشرف إقالة أبرز القضاة العام 2007، أي قبل سنة من إجباره على الاستقالة من الرئاسة. وتزيد الحادثة التساؤلات حول المستقبل السياسي لمشرف ودوره مع اقتراب الانتخابات العامة المقررة في 11 أيار (مايو) المقبل. ولا يستبعد كثيرون انسحابه من المنافسات ومغادرته البلاد، قبل صدور الأحكام في الاتهامات الموجهة إليه. وكان مشرف أكد قبل يومين عدم جاهزية حزب «الرابطة الإسلامي» الذي يتزعمه لخوض الانتخابات، كونه لم ينجز لوائحه الانتخابية ولم يعقد تحالفات حزبية، ما أوحى بإمكان انسحابه. لكن آسيا صديقي، الناطقة باسم حزب مشرف، قالت ل «الحياة» إن الرئيس السابق «سيخوض الانتخابات في دائرتين بمدينة كراتشي تضمان عسكريين سابقين، ومدينة تشترال (شمال)، حيث يؤيده ناخبون كثيرون». لكنها أقرت بأن إمكانات الحزب لا تسمح بكسبه مقاعد كثيرة في البرلمان المقبل. وفيما نفى مشرف بعد عودته إلى باكستان إبرامه صفقة مع السلطات الحالية، أو دول صديقة لباكستان ساهمت في عودته ومنحه فرصة خوض الاقتراع، يستبعد مراقبون عودته إلى الحياة السياسية بالقوة التي يريدها أو يوحي بها. ويرى هؤلاء أن حزب مشرف ما زال يفتقد الجذور العميقة في الشارع، بدليل أن عدد مستقبليه لدى عودته لم يتجاوز ألف شخص. كما أن تجربته «غير الديموقراطية» في الحكم، عبر محاولة فرض الرأي الأوحد في القرارات، وبينها توريط البلاد ب «الحرب الأميركية على الإرهاب»، وزجّ الجيش في مناطق القبائل الباكستانية ومعارك داخلية، لا توفر أرضية مناسبة له في الشارع الباكستاني الذي يعاني رد فعل الجماعات المسلحة على العمليات العسكرية التي أطلقها في أنحاء البلاد. وإذا كان سياسيون باكستانيون كثيرون يتطلعون إلى نيل رضا الولاياتالمتحدة لبلوغ السلطة، فالأكيد أن واشنطن لن تراهن على «حصان خاسر» في الانتخابات، خصوصاً بعدما انتقدت «مراوغاته» خلال تحالفه معها. ويرجح أن تنأى الإدارة الأميركية بنفسها عن القضايا التي يواجهها مشرف أمام المحاكم الباكستانية، ما قد يشكل تهديداً له إذا لم يستطع العودة إلى منفاه الاختياري قبل محاكمته.