يجب أن نوجّه جميعاً التحية لشركة «كودو» السعودية التي قدمت خدمة خاصة للمكفوفين، هي إيجاد قائمة الطعام في جميع فروعها بطريقة «برايل»، وهي الطريقة التي من خلالها تتم قراءة الأصناف وأسعارها وقيمتها، وذلك عن طريق حاسة اللمس. ربما يتبادر للذهن أن هذا ما يجب على الجميع، لكن إعلان الشركة يقول إنها الأولى بين المطاعم، والقدوة هناك جميلة وتحتذى، وهي دعم مهم للمكفوفين في سبيل إيجاد حياة أسهل لهم، سينتقون طعامهم كالمبصرين، خطوة صغيرة في طريق آمالهم. ومن هذا المطعم إلى مطعم السرايا التركي في الرياض، الذي وضع إعلاناً دعا خلاله الجائعين - غير القادرين - إلى تناول وجبتهم من المطعم مجاناً، في بادرة لاقت استحسان النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تناقلوا صورة للإعلان الذي جاء فيه: «ضيفنا الكريم إذا كنت جائعاً ومحتاجاً لوجبة ولا تملك قيمتها فلدينا وجبات مجانية للمحتاجين طوال العام فطوراً وغداء وعشاء». وفي جدة بادر مخبز نعمة ودعا إلى أخذ الخبز مجاناً لمن لا يستطيع دفع ثمنه، وربما هناك مبادرات أخرى لم تصلنا، لأنها لم تعلن، لكن كلها جميلة، وكلها على حد وصف أكاديمية سعودية تعلّق على وجبات الفقراء، تعبّر عنا فهي تقول: «هذا نحن، نحن المسلمين، ونحن السعوديين». البعض منكم يأتيه هاجس أن هذه أعمال تسويقية، حسناً لا ضير في تسويق ينفع المجتمع وينفع المنشآت، والنوايا في النهاية لا يعلمها إلا الرحمن. تذكرون فنجان القهوة على الحائط في أحد مقاهي البندقية في إيطاليا، إنها باختصار أن يقوم بعض من يطلب القهوة بالطلب لنفسه ثم بالطلب لغائب مجهول فقير بفنجان قهوة يوضع على الحائط، ويدفع ثمن الجميع، ويقوم النادل بلصق ورقة على الحائط مكتوب فيها «فنجان قهوة» فإذا أتى من لا يستطيع دفع قيمة القهوة نظر إلى الحائط فيطلب فنجاناً من الحائط لا يدفع ثمنه، والطرفان لا يعرفان بعضهما، والنادل سعيد بكل هذا. إطعام الجائع من أرقى أنواع التعاون الإنساني، ومن أهم ما يدعو له الإسلام، ويثيب عليه الرب، ونحن نستطيع أن ندعم مبادرات المطاعم والمخابز، ونضع وجبات على الحائط، يأتي الفقير المسكين الجائع يأكلها، ويكون ممتناً أن مبادئنا لا تزال تحيطه بالحنو، وأن مثلنا العليا التي تشكل لب مفهوم الإسلام لا تزال بخير. بفعل ذلك سنرفع جرعات الحنان، ونعلّم أطفالنا كيف هو الإسلام، وستصبح أوراق الوجبات، والخبز، وحتى فناجين القهوة على الحوائط بمثابة دروس عملية للثقافة الإسلامية، ورموز جمال وبهاء وسناء لروحنا الإنسانية. [email protected] @mohamdalyami