أصبحت دمشق غير آمنة للمدنيين بعد سقوط عشرات قذائف الهاون على مناطق مختلفة منها أطلقتها المعارضة على المراكز العسكرية وقصور الرئاسة. وأمس قتل 15 طالباً وأصيب عدد آخر بجروح في سقوط قذائف هاون على كلية الهندسة المعمارية التابعة لجامعة دمشق وسط العاصمة السورية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن رئيس الجامعة عامر مارديني. وأفاد ناشطون أن مقاتلي المعارضة سيطروا أمس على محطة النقل في حي العباسيين، وعن أن طائرات «ميغ» عادت إلى التحليق على علو منخفض فوق مناطق حساسة من العاصمة. وتحدث رئيس الجامعة بعد ظهر أمس عن «ارتفاع عدد الشهداء الذين وقعوا جراء سقوط قذيفة هاون أطلقها إرهابيون على مقصف كلية الهندسة المعمارية في دمشق إلى 15 طالباً». وكان الإعلام الرسمي أفاد في وقت سابق عن مقتل 12 طالباً جراء الهجوم الذي استهدف الكلية القريبة من ساحة الأمويين، مشيراً إلى أن القذيفة «سقطت على مقصف الكلية». وأشارت «سانا» إلى أن ستة طلاب أصيبوا بجروح. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل، مشيراً إلى أن «العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» في بيروت أن الضحايا من الطلاب، وأن ثلاث قذائف سقطت داخل حرم الكلية، وقذيفتين بالقرب منها. وعرضت قناة «الإخبارية» السورية صوراً من الكلية ومقصفها، بدت فيها آثار دماء على الأرض وكراس وطاولات مبعثرة. كما عرضت القناة نفسها صوراً من المستشفى الذي نقل إليه المصابون، من دون أن تحدد اسمه. وبدا في الصور عدد من المصابين المضرجين بدمائهم، في حين يحاول أطباء ومسعفون إنعاش أحد المصابين الذي بدا ممداً على سرير أسود اللون. وقال عبد الرحمن ل «فرانس برس» في بيروت إنه «بسبب تزايد سقوط قذائف الهاون على منطقة البرامكة وأحياء أخرى من دمشق، لم يعد السكان يشعرون بالأمان وهم يتنقلون في الشوارع أو في حياتهم اليومية». وأضاف أن «النظام أمضى شهوراً في إقناع سكان دمشق أن العاصمة آمنة، لكن هؤلاء باتوا يخشون الخروج». وتابع أن ثمة عدداً من المراكز الأمنية في المنطقة «لكن هذه القذائف عمياء، وغالبية الضحايا في دمشق من المدنيين». وتشهد العاصمة السورية في الأيام الأخيرة تصاعداً في أعمال العنف، مع تكرار سقوط قذائف الهاون على مناطق في وسطها، لا سيما بالقرب من ساحة الأمويين التي تضم العديد من المباني الرسمية. وأفاد المرصد أن اشتباكات عنيفة تدور على أطراف العاصمة، لا سيما في حي القابون (شمال شرق) والأحياء الجنوبية. وقال: «تدور اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية على أطراف دمشق التي تشهد تصاعداً في أعمال العنف في الأيام الأخيرة. وتحدث المرصد في بريد إلكتروني عن «اشتباكات عنيفة عند الفجر بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب المقاتلة في حي القابون»، مشيراً إلى أن الاشتباكات «ترافقت مع قصف من القوات النظامية على أطراف الحي». وأفاد المرصد عن اشتباكات عنيفة فجراً في شارع الثلاثين الواقع بين مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوبدمشق وحي الحجر الأسود المجاور له، إضافة إلى حي القدم القريب منهما، بحسب المرصد. وقال عضو المكتب التنفيذي للهيئة العامة للثورة السورية أحمد الخطيب ل «فرانس برس» عبر سكايب أن «الاشتباكات على أطراف دمشق شهدت تصعيداً في الأيام الأخيرة». وتحدث الخطيب عن «اشتباكات مستمرة في محيط ساحة العباسيين» الواقعة في شرق العاصمة، على مقربة من حي جوبر الذي يشهد اشتباكات في شكل دائم. وأشار إلى أن «التصعيد زاد بعدما التف مقاتلو المعارضة من بلدة عدرا» في ريف دمشق، التي يتسللون منها إلى داخل العاصمة. وتشن القوات النظامية السورية في الفترة الأخيرة حملة عسكرية واسعة في محيط العاصمة السورية للسيطرة على معاقل لمقاتلي المعارضة يتخذونها قواعد خلفية لهجماتهم تجاه دمشق. وأفاد ناشطون أن مقاتلي المعارضة سيطروا أمس على محطة النقل في حي العباسيين في دمشق، التي تعتبر المحطة الرئيسية للحافلات بين العاصمة وباقي المدن في البلاد. وأشاروا إلى عودة طائرات «ميغ» إلى التحليق على ارتفاع منخفض في سماء دمشق بعد توقف لفترة، وتعرض عدد من الأحياء للقصف بينها حي القابون في شمال العاصمة ومخيم اليرموك في الجنوب. وبث النشطاء فيديو يظهر حجم الحريق الناتج من قصف المنطقة الصناعية في القابون. وفي ريف إدلب شمال غربي البلاد، أفاد النشطاء بتعرض بلدة الهبيط في جبل الزاوية لقصف براجمات صواريخ من موقع في بلدة خان شيخون المجاورة، وحصول اشتباكات عنيفة في أريحا. وبثت «حركة أحرار الشام الإسلامية» أمس أنها «ردت» على قيام قوات النظام باستهداف أحد قادتها عمر زرزور عبر قصف «لواء داوود» بالتعاون مع «أحرار الشام» مناطق تضم «شبيحة» في إدلب. وفي حلب أفادت المعارضة عن تعرض منزل أحد أعضاء المجلس العسكري النقيب عمار الواوي إلى قصف، ما أدى إلى إصابة زوجته وأولاده. من جهة ثانية قال عضو في مجلس الشعب السوري عن درعا وليد الزعبي ان المعارضة باتت تسيطر على مساحات واسعة من هذه المحافظة الجنوبية الحدودية مع الاردن، خصوصا الطريق السريع الذي يصلها مع دمشق، بحسب ما جاء في مداخلة القاها الخميس. وأضاف ان «ما يجري حاليا في سورية يفوق الازمة اثراً وتأثيراً. لقد اصبحنا نعيش في حالة حرب ممنهجة، وعندما يعم الارهاب تعم الفوضى وهذه معادلة يعرفها جميع السوريون». وقال الزعبي «هكذا اصبحت حال جميع المدن والبلدات في محافظة درعا التي مزقت اوصالها منذ ايام من غربها الى شرقها عندما اخليت بعض المواقع العسكرية ربما لامور تكتيكية لا نعلم ما هي، وحل محل هذه المواقع ارهابيون من النصرة قتلة عاثوا في الارض فسادا». اضاف «هناك من يرسل تقارير بان اوتوستراد درعا آمن. ان اوتوستراد درعا من نقطة خربة غزالة حتى معبر نصيب مسيطر عليه تماما من جميع المسلحين». وشدد على ان «قطع الاوتوستراد ادى الى سقوط اهم نقطة عسكرية ولا اريد ان اسميها كوني على الهواء مباشرة. لقد اصبحنا مكشوفين من جهة الجنوب تماما ولم يعد لنا سوى غطاء واحد غربا هو اللواء 61». اضاف «المواطن الآن بحالة سيئة ومعنويات الناس في محافظة درعا اصبحت منهارة تماما»، وذلك على وقع اعتراضات من اعضاء آخرين من المجلس، ما دفع الزعبي الى الطلب منهم «عدم المقاطعة». وتوجه الزعبي الى رئاسة الجمهورية والحكومة السوريتين آملا «في ان يصل كلامنا هذا الى الجهات المعنية. منذ عشرين يوما وانا اعطي الجهات المسؤولة بعض المواقع التي يتواجد فيها المسلحون، ولم نحصل على نتيجة». واكد ان «هنالك من يرسل بان درعا امنة»، لكن بالنسبة اليه «الوضع في درعا مزر جداً (...) هناك قطع طرقات، ويوجد موظفون لا يصلون الى دوائرهم».