تمنيت أن مجلس الشورى «طيب الذكر» أجّل بعض الملفات التي ينوي درسها، ليس فقط لأن هناك ما هو أهم منها، بل احتراماً للمواطن الذي يعتقد أنه يقع في صلب أولويات المجلس واهتماماته، لكنه يفاجأ بين يوم وآخر بتقديم متعجّل ومتسرع للمصالح الشخصية والرغبات الخاصة على أساسيات ومهمات أكثر سخونة وإيلاماً، وبالتالي تتواصل الأزمة المحلية الشعبية التي تصرّ وتزعم أن مجلس الشورى تتويجي بالمقام الأول، وإضافة فردية قبل أن يكون فعلاً جماعياً وصلة ربط بين القرار والمواطن. أدرك أن المجلس تحيط به صلاحيات معينة، وتقوده عجلات عمل ذات سرعات محددة، لكن التوازن في التناول وقراءة ردود فعل ما يتم استعراضه والبحث المسبق والمنطقي لما يعبر في الجلسات من أوراق وملفات من الأهمية بما كان، لأن المواطن المتفائل والمتفاعل لا يمكن جرحه وإعادته لمربع الإحباط واليأس إلا إذا قرأ أمراً لا يهمه أو شأناً لا يضيف له من قريب ولا من بعيد. كنت أتمنى أن يتم تجاهل الدراسة التي من المقرر استعراضها وطرحها، وتهدف إلى منح أعضاء مجلس الشورى جوازات سفر ديبلوماسية، كنت أحلم أن تُدْفَع لوقت متأخر من عمر المجلس لدورته الحالية، وفي توقيت تكون فيه الأنظار منشغلة بقضايا أخرى ومتناسية المجلس الموقر، لكن أن تكون العقول المنتقاة تفتش عن المردود الشخصي في أولى الخطوات وبعد مضي ما يقارب الشهرين من الجلوس على المقاعد بالانتقاء والترشيح، فذاك ما لا يضيف شيئاً لفعالية المجلس والثقة في دوره، بل يقلّص أعداد الذين ينتظرون في المساء تباشير الفرح التي كانوا يعتقدون من لحظة تعيين الأعضاء أن المجلس سيطل بها ولو على صعيد الأفكار والتوجهات، أما الفعل فالعقلاء يعلمون أنه عائد لتغيير العجلات، ومن ثم ارتفاع السرعات البطيئة حالياً. لا أعلم حتى اللحظة ما سيسفر عنه المشروع الداخل بالعرض والعائد بالطموحات لنقطة الصفر حول منح أعضاء مجلس الشورى الحاليين جوازات سفر ديبلوماسية، ومنح المغادرين «لاحقاً» جوازات خاصة، ولا يهمني أيضاً ما سيسفر عنه، إنما يظل مثل هذا الطرح مؤزماً للمجتمع ومدعاة لخذلان باكر حين يرى تأجيل وركن قضاياه الحاسمة وملفاته التي تمسّ واقعه المعيشي، وركل عشرات المشكلات التي كان ينتظر أن تُجْلَبَ من الأفواه وتمد على الطاولة لعرض وابتكار الحلول، وإيجاد نوافذ واسعة من خلال الغطاء الأسمنتي الذي يغلفها منذ زمن طويل. لا نريد أن يحسب مجلس الشورى كجماهير بعض الأندية التي لا تعرف الإنجازات ولا البطولات، الآراء الجادة والعقول الراجحة نعتقد ونتفاءل ونثق إلى حد كبير في أنها ذهبت للمكان والمجلس وهي تعرف تماماً ماذا تعني مفردة «شورى»؟ ومن هو المعني بها؟ ولماذا يجتهد الوطن في انتقاء النُّخَبْ لضمهم إلى مجلس وطاولة واحدة؟ [email protected] alialqassmi@