وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    «موديز» ترفع تصنيف السعودية إلى «Aa3» مع نظرة مستقبلية مستقرة    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة .. والأهلي وصيفاً    "بتكوين" تصل إلى مستويات قياسية وتقترب من 100 ألف دولار    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    القادسية يتغلّب على النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    "الجمارك" في منفذ الحديثة تحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة "كبتاجون    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللجنة المستقلة لإصلاح الجامعة العربية تدعو إلى مراجعة الميثاق وتشكيل محكمتين للعدل وحقوق الإنسان وتطوير مفهوم المواطَنة
نشر في الحياة يوم 26 - 03 - 2013

علمت «الحياة» أن «اللجنة المستقلة لإصلاح وتطوير الجامعة العربية» التي شكلها الأمين العام للجامعة نبيل العربي برئاسة الأخضر الإبراهيمي وضمت شخصيات عربية «من أصحاب الفكر والرأى والخبرة»، بينها الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن بن حمد العطية، قدمت تقريراً ناقشه وزراء الخارجية العرب وستناقشه القمة العربية اليوم، يركز على قضايا وصفتها مصادر شاركت في اجتماع وزراء الخارجية بأنها «حيوية».
ويدعو التقرير، الذي حصلت «الحياة» على نصه من مصادر عربية رفيعة المستوى، إلى «مراجعة ميثاق الجامعة العربية» و «إنشاء محكمة عدل عربية» و «إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان» و «إشراك منظمات المجتمع المدني» و «تعديل أسلوب اختيار أعضاء البرلمان العربي» وإعادة النظر في تشكيل وقواعد عمل «مجلس الأمن والسلم العربي»، كما يدعو الدول العربية الى المساهمة جماعياً في عمليات حفظ السلام.
ويؤكد التقرير على «مبدأ التداول بين الدول العربية في منصب الأمين العام»، وقال إنه «موضوع مطروح منذ الستينات ويعاد طرحه كل مرة يعين فيها أمين عام جديد. وعلى الرغم من الحساسيات التي يثيرها هذا الموضوع، فقد بات من الضروري حسمه وفقاً لآلية واضحة وشفافة».
ويحض التقرير على تمكين الأمين العام للجامعة من التعامل بسرعة وفاعلية مع الأزمات وتمويل الإصلاحات العاجلة للجامعة.
ويعتبر التقرير أنه «يتعين بشكل عام على الجامعة العربية الانتقال من نموذج الجيل الأول للمنظمات الإقليمية الذي عكسه تكوينها في 1945، إلى نموذج جديد يستخلص الدروس من نجاحات وإخفاقات الجيل الأحدث من المنظمات الإقليمية، كالاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، بحيث يكون تطوير الجامعة متوافقاً مع خصوصية العمل العربي المشترَك وأولوياته وأهدافه، ويستفيد في الوقت نفسه من التجارب الإقليمية والدولية الأخرى».
ويؤكد أن «الرؤية الشاملة لعناصر التنوُّع والوحدة بين الدول العربية هي نفسها المطلوبة للتعامل الناجح مع علاقة الجامعة العربية بالهوية العربية، فقد ألهبت الفكرة العربية أفئدة المواطنين العرب ولعبت دوراً مركزياً في دفع العمل العربي المشترك لعقود طويلة. لكن الالتباس بين المشاعر القومية الجارفة وبين مقتضيات التعاون بين دول ذات سيادة أضر بالعمل العربي المشترك وساهم في إعاقة تطوير الجامعة كمنظمة اقليمية عادية، مثل الاتحاد الاوروبي او الاتحاد الأفريقي. لكن هذا الالتباس بين المشاعر القومية وشروط بناء كيان اقليمي يضم دولاً ذات سيادة، ليس أمراً حتمياً، بل يمكن تجاوزه ببعض الحكمة، بما يسمح بالاستفادة من المشاعر الجياشة المرتبطة بالفكرة العربية لبناء عمل عربي مشترك بشكل واقعي وتراكمي يكون هدفه الواضح بناء تكتل عربي قوي يشكل مكوناً لا يستهان به في النظام العالمي».
ويضيف أنه «اذا كنا نودّ وضع تصور مستقبلي للعمل العربي يبنى على الهوية العربية المشتركة ويستفيد من زخمها، فيجب أن يكون تعريفنا لهذه الهوية أكثر شمولاً وأقل إقصاء، يبني ويستفيد من اختلافاتنا بدلاً من الاصطدام معها. وهو تعريف للهوية يجمع بين تعريف الفرد لنفسه ولجماعته، ومبدأ المواطنة، بحيث يكون تعريف العربي أنه كل من يحمل جنسية دولة عربية، بصرف النظر عن أصوله العرقية، أو معتقداته الدينية، أو انتسابه إلى طائفة معينة، أو حتى إقامته الدائمة داخل الوطن العربي».
ويتابع التقرير: «ليست هذه الدعوة إلى اعتماد مفهوم المواطَنة كأساس لتعريف الهوية أمراً غير مألوف في تراث العمل العربي، وإنما هي دعوة إلى إحياء الشعور بالانتماء المشترك إلى الوطن من دون أن يتنكر أحد –فرداً كان أو جماعة- لانتماءاته الأخرى، ومن دون أن نجعل من هذه الانتماءات عقبة في وجه ما يوحد الشعوب العربية، فهو مفهوم أقرب إلى احترام التنوع والتعددية الثقافية في بلادنا العربية، وأكثر جدوى من الحديث عمن هو مسلم أو مسيحي، سني أو شيعي، أمازيغي أو كردي... أو غير ذلك، فليست تلك الأبعاد المتنوعة من الهُوِيَّة متعارضةً بالضرورة مع الانتماء إلى فضاء أوسع من هُوِيَّة عربية تجمع ولا تفرِّق، وإنما ينشأ هذا التعارض كنتيجة لنظرة جامدة وإقصائية، وقبل كل شيء لإهدار حقوق المواطنة».
ويؤكد أن «تعريف الهُوِيَّة العربية على أساس المواطنة يصون هذه الهُوِيَّة ويحميها، ويربط تنوعاتها معاً، فهو تعريف يُعلِي الميراث الحضاري المشترَك للعرب بتنوُّعاته، ويخفّف حدة التناقض بين جوانب الهُوِيَّة المتشابكة، ويحترم التعددية الثقافية والدينية والعِرْقِيَّة في المجتمعات، ويُرسِي مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات والكرامة بين أبناء الوطن الواحد، ويرتبط بمبادئ الحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون التي تطلبها الشعوب العربية، ويمكن أن يشكّل معيارًا لعلاقة الجامعة العربية بالحكومات والشعوب العربية».
ويدعو التقرير الى «توفير آلية للتحقق من تنفيذ الدول الأعضاء لالتزاماتها في أي مشروع أو اتفاقية للعمل العربي المشترك، بحيث تقدم هذه الآلية تقارير الى بقية الدول الأعضاء عن مدى تقدم التنفيذ في كل دولة، وجعل هذه التقارير متاحة للرأي العام والبرلمان العربي ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك جعل هذه التقارير جزءاً من عملية التقويم التي تحدد استمرار الدول الأعضاء في مشروع أو اتفاقية التعاون».
ويحض على «الالتزام بما اتفقت عليه الدول العربية مراراً، بتحييد المجالات الحيوية للعمل العربي المشترك عن خلافاتها السياسية، مثل مشروعات الربط المائي والكهربائي والمشروعات الصناعية وحرية تنقل المواطنين وانسياب حركة السلع والخدمات ورأس المال».
ويرى أن «أولويات العرب حالياً تكمن في دعم استقلال الدول العربية وسلامة أراضيها، وتدعيم احترام حقوق المواطن العربي في الداخل والخارج، وتنسيق المواقف العربية في المحافل الدولية، ودفع التعاون والتكامل والاندماج بين البلدان العربية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية».
وعن إصلاح منظومة الجامعة العربية، يقول التقرير إن ذلك «يتطلب العمل في خطين متوازيين، الأول هو الاتفاق على إطار فكري جديد للجامعة، بأهدافه وقواعده وأولوياته، من خلال حوار بين الدول الأعضاء وممثلي المجتمعات العربية، ثم إعادة هيكلة مؤسسات الجامعة كي تتفق مع هذا الإطار الجديد، والثاني هو التعامل الفوري مع عدد من المشكلات التي لا تحتمل التأجيل في أداء مؤسسات الجامعة، من مؤسسة القمة وحتى المنظمات المتخصصة».
وبخصوص القمة العربية، يقول إنه «على الرغم من الإنجازات التي تحققت، من حيث تأكيد دورية القمم العربية وانتظام عقدها، وإقرار مبدأ القمم التشاورية والنوعية والاستثنائية، وبدء وضع قواعد لتنظيمها، وخلق آلية لمتابعة تنفيذ قراراتها، فإن المُلاحَظ أن القمم العربية ما زالت تعاني مشكلات عديدة تحول بينها وبين التجاوب مع طموحات المواطن العربي، خصوصاً في ما يتعلق بالتعامل مع التحديات الكبرى التي تواجه المنطقة بأسرها، ولعل أول ما يلفت النظر عند مراجعة عمل القمم العربية هو التخمة التي أصابت جدول أعمالها، والتي تستحيل معها عملياً مناقشة كل بنودها، أو حتى الجزء الأكبر منها، مناقشة حقيقية أو فعَّالة، ومن ثم ضرورة تعامل مجلس الجامعة على المستوى الوزاري مع كل المواضيع الروتينية المطروحة على جدول أعمال القمة، بحيث تخصص اجتماعات القمة نفسها لمناقشة الموضوع أو الموضوعين الأكثر إلحاحاً، كي يمكن التوصل فيه إلى قرارات واضحة ومقبولة حقاً للدول الأعضاء».
ويتابع: «آن الأوان لتبسيط إجراءات اجتماعات القمة، والابتعاد عن الأجواء المراسمية الثقيلة، وذلك أسوة بالقمم التي تعقدها بقية المنظمات الدولية والإقليمية. كذلك من المفيد التوسّع في عقد القمم التشاورية والقمم النوعية، وهو الأمر الذي يصبح أكثر يسراً إنْ تم تنظيم هذه الاجتماعات في ظروف بسيطة ولمدة يوم واحد. وهكذا تفسح الجامعة المجال، على الأقل من الناحية التنظيمية، لإجراء مناقشات جدّية ومفيدة بين القادة العرب».
ويدعو التقرير إلى «تطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليصبح إطاراً للعمل العربي المشترك في المجالين الاقتصادي والاجتماعي»، ويعتبر ان «مجلس الأمن والسلم العربي يستحق وقفة خاصة، نظرا إلى الجهد والوقت الذي بُذل في إنشائه وتحديد مهماته ونظامه الداخلي من ناحية، وعدم قدرته على القيام بأي من وظائفه من ناحية أخرى، خصوصاً أن التطورات المتلاحقة في العالم العربي خلقت ظروفاً تستدعي تدخلاً جماعياً ناجحاً، فمن الصومال إلى العراق إلى السودان إلى اليمن إلى ليبيا إلى سورية، ورغم ما شوهدَ من تهديدات لأمن بعض الدول وسلامة شعوبها، فإن مجلس الأمن والسلم العربي لم يلعب أي دور يُذكر، وحتى حين تَحركت الجامعة وتَدخلت لحفظ السلم والأمن فإنها فعلت ذلك من خلال مجلسها الوزاري، لا من خلال مجلس الأمن والسلم المعطل».
واقترحت اللجنة المستقلة «إعادة النظر في تشكيل مجلس الأمن والسلم العربي وقواعد عمله، فمن غير الواقعي قصر عدد أعضاء مجلس الأمن والسلم على دول دون أخرى، حيث تهم قضايا الأمن والسلم جميع الدول الأعضاء وتثير لديها حساسيات خاصة لا يمكنها تفويض دولة أخرى فيها، كما أنه لا مبرر لوجود مجلس أمن وسلم إن كانت قراراته استشارية غير ملزمة. ومن ثم، فمن الأجدى جعل عضوية مجلس الأمن والسلم هي نفسها عضوية المجلس الوزاري، وأن يعمل بالقواعد نفسها لعمل المجلس الوزاري، أي دمج المجلس المجلسين عملياً، بحيث ينعقد المجلس الوزاري كمجلس أمن وسلم عند وجود تهديد للأمن أو السلم العربيين (بناء على طلب دولة عضو أو الأمين العام وموافقة دولة أخرى)، وأن تخصص جلسته لمناقشة هذا التهديد والإجراءات اللازمة لمواجهته، بما فيها الإجراءات القسرية، ويتبنى المجلس أي قرار يراه في هذا الصدد ما لم يعارضه أكثر من ثلث الأعضاء الحاضرين».
ويعترف التقرير بأن «الأمانة العامة للجامعة العربية تعاني مشكلات وظيفية وإدارية تراكمت عبر عقود، ولم تفلح محاولات الإصلاح وإعادة الهيكلة السابقة في معالجتها بشكل نهائي. وهناك اتفاق عام على توصيف المشكلات القائمة، ومعظمها مزمن يعود إلى نشأة الجامعة نفسها، وأهم هذه المشكلات غلبة اعتبارات المحسوبية على اعتبارات الكفاءة في التعيينات وطول المدد القصوى لولاية شاغلي المناصب العليا، وأحياناً عدم تحديدها، وعدم الالتزام بتطبيقها إن وجدت، وغياب سياسات واضحة ومعايير شفافة للتوظيف والترقي، وغياب التدريب بشكل يكاد يكون كاملاً، وقصور المستوى الفني للعاملين، وضعف العلاقة بين الأداء والتقدم المهني وغياب التنسيق بين وحدات الأمانة العامَّة، وعملها كأنها جزر مستقلة».
ويرى ان «ترشيد وتحسين الأداء في الأمانة العامة يتطلب البدء فوراً في عملية إصلاح إداري، وتبنّي سياسات جديدة للتعيين تُعلي معايير الكفاءة من دون الإخلال بمبدأ تمثيل الدول الأعضاء بشكل متوازن في الأمانة العامة، واختيار الأمناء العامين المساعدين وشاغلي المناصب القيادية المماثلة وفقاً لمعايير ومؤهلات محددة، مع منح الأولوية لمرشحي الدولة أو الدول الأقل تمثيلاً، بحيث تقدُّم هذه الدولة أو الدول أكثر من مرشح للمنصب ذاته ويتم الاختيار من بينهم وفقاً للمعايير والمؤهلات ذاتها».
ويؤكد التقرير أهمية دور الأمين العام، الذي «يقوم بدور أساسي في عمل الجامعة العربية باعتباره الأمين على مؤسساتها والمنوط به السهر على قيامها بدورها الذي نص عليه الميثاق، ومن ثَم فإن من واجبه أخذ زمام المبادرة لتنشيط العمل العربي المشترك ومواءمته مع واقع متغير، وتنبيه الدول الأعضاء إلى ما يراه من تحديات، خصوصاً التهديدات التي تواجه أمن البلدان العربية وسلامتها، وتحفيز مجالس الجامعة المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التحديات».
ويشدد على أنه «من المهم بمكان أن يضع الأمين العامّ مبادراته في إطار أولويات العمل العربي المشترك، بحيث تكون هذه المبادرات جزءاً من المشروع العربي العام الذي تقوم الجامعة على تحقيقه. ويمكن الأمين العام القيام بمبادرات في أربعة مجالات تعكس الأولويات الأربع التي يقترحها هذا التقرير للعمل العربي المشترك، وفي صدارتها تلك المتعلقة بحفظ استقلال وسلامة الدول العربية، بحيث يمكن الأمين العام طرح مدونة للسلوك بالتشاور مع الدول الأعضاء تحكم سلوك هذه الدول في حالة تعرض إحداها لأزمات داخلية تهدد سلامتها».
ويدعو التقرير الى «المبادرة بالسعي لتسوية النزاعات العالقة بين الدول الأعضاء وتبني مشروع إنشاء محكمة العدل العربية وتشجيع الدول الأعضاء على المساهمة في عمليات حفظ السلام بشكل جماعي، بما يتضمن البدء في تدريبات مشتركة على الانتشار وحماية المدنيين، والحوار مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء، وإيران، وتركيا، ودول الاتحاد الأوربي حول قضايا الجوار المتنوعة».
وفي ما يتعلق بدعم حقوق المواطن العربي في الداخل والخارج، يرى التقرير أنه «يمكن الأمين العام دفع عملية مراجعة الميثاق العربي لحقوق الانسان وتطويره بحيث يتحول الى أداة حقيقية لحماية حقوق المواطن العربي، وبدء حوار مع المواطن العربي مباشرة، وخصوصاً الشباب الذين يشكلون غالبية المجتمعات العربية، حول قضايا المواطنة ودعم سيادة القانون، وتشجيع إنشاء مؤسسات وشبكات مدنية عربية في مجالات ودعم احترام حقوق المواطن العربي داخل وخارج البلدان العربية».
ويشدد التقرير على أهمية «تبني مشروع إنشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان وإطلاق عدد من المبادرات التي تساعد الأطراف العربية على التنسيق في ما بينها على المستوى الدولي، مثل إصلاح مجلس الأمن وتقوية وتنسيق المشاركة العربية في صياغة قواعد القانون الدولي».
ويدعو الى «مراجعة ميثاق الجامعة العربية الذي مضى على وضعه أكثر من ستة عقود تطورت خلالها مفاهيم ومجالات العمل المشترك، بهدف مواكبة تلك التطورات، وايجاد آلية دائمة تمكن من استمرار عملية التطوير»، ويقترح ان «تتم عملية مراجعة الميثاق من خلال لجنة مستقلة، وتتمتع بالمرونة لإنجاز عملها، والتي قد لا تتوافر للجان الوزارية وما في حكمها».
وفي شأن البرلمان العربي، يؤكد ان «الحراك السياسي الذي يشهده العالم العربي، وتزايد الرغبة الشعبية في المشاركة في عملية صنع القرار وفي مراقبة السلطة التنفيذية، سيؤثران على عمل البرلمان العربي. ومن ثم يحسن بالجامعة -إن أرادت، كما قال الأمين العام في تقريره الأول للمجلس الوزاري، أن تكون جزءاً من عملية التغيير السياسي الجارية لا أن يجرفها هذا التغيير- أن تجعل من تشكيل البرلمان العربي الدائم جزءاً من عملية إصلاح الجامعة العربية وتطويرها».
ويقترح التقرير تعديل أسلوب اختيار أعضاء البرلمان العربي بحيث يتم من خلال الانتخاب المباشر «كي يكون أعضاء البرلمان ممثلين عن الشعوب حقيقة». كما يقترح «إعادة النظر في عدد البرلمانيين، بحيث يؤخذ في الاعتبار التباين في عدد سكان البلاد العربية وصولاً إلى التمثيل العادل لها، وكذلك ضمان تمثيل عادل للمرأة»، ويدعو الى »توسيع اختصاصات البرلمان العربي، فبالإضافة إلى حق النواب الحالي في توجيه الأسئلة إلى الأمين العام ومساعديه، لا بد من توسيع دور البرلمان في تقديم المبادرات وبلورة السياسات، وأن تحظى هذه المبادرات بالاهتمام اللائق وتوضع موضع الدراسة والنظر بجدية من جانب الأمانة العامة والمجالس الوزارية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأن يتم الحوار مع البرلمان في شأنها. كما يجب أن يكون للبرلمان حق تقويم أداء مجالس الجامعة ومؤسساتها، إلى غير ذلك من الأمور التي تجعل العمل العربي المشترك محل مراجعة دائمة من قبل ممثلي الشعوب، وفي الوقت نفسه يزيد من اهتمام الرأي العام بدور الجامعة العربية».
وعن منظمات المجتمع المدني، يقول التقرير إن «الملاحَظ أن النظرة السائدة ما زالت ترى في هذه المنظمات عبئاً يجب احتماله والعمل على تقليله قدر الإمكان، وهي نظرة بائدة في المنظمات الدولية كلها، حلت محلها نظرة أكثر انفتاحاً، ترى في منظمات المجتمع المدني شريكاً حقيقياً في صنع السياسات، تستفيد المنظمة الدولية من معرفتها الدقيقة بالقطاع الذي تعمل فيه، ومن رؤيتها الأقرب لهموم المواطن وواقعه المعيش، ومن قدرتها على تنفيذ برامج على الأرض بتكلفة أقل ومرونة أكبر. هذه الشراكة تتطلب تغييراً جذرياً في معايير اعتماد المنظمات في الجامعة العربية وفي أسلوب التعامل معها بصفة عامة».
ويدعو الى مراجعة شروط اعتماد منظمات المجتمع المدني «بحيث يتم ذلك وفقاً لمعايير موضوعية تتعلق بطبيعة نشاط المنظمة ومجاله النوعي، وحجم الأنشطة التي تقوم بها ومجالها الجغرافي، من دون التقيد بجنسية المنظمة أو اشتراط نشاطها في عدد من البلدان العربية، فيكفي أن يكون نشاطها منصباً على موضوع تنشط فيه الجامعة العربية نفسها وأن يكون لها صلة أو نشاط مشترك مع مثيلاتها في دول عربية أخرى. وليس هناك ما يدعو الجامعة للخشية من ارتفاع عدد منظمات المجتمع المدني الراغبة في اكتساب صفة معتمدة لديها، فهناك العديد من الطرق الكفيلة بتنظيم مشاركة هذه المنظمات في عمل الجامعة بشكل عملي ومفيد. وإن النظرة السريعة لكيفية تعامل الأمم المتحدة أو الاتحاد الافريقي مع منظمات المجتمع المدني المعتمدة لديه لتكفي لتبديد هذه المخاوف».
ويعتبر التقرير أنه «يتعين على الجامعة تجاوز عقبة اشتراط موافقة الدولة التي تعمل فيها المنظمة أو اشتراط تسجيلها وفق القانون المحلي لاعتمادها لدى الجامعة، حيث إن عدداً كبيراً من الدول العربية ما زال يقيد حرية تشكيل الجمعيات بشكل واسع ومخالف لالتزامات هذه الدول نفسها. ويمكن تجاوز هذه العقبة من خلال تشكيل لجنة مستقلة تفصل في الحالات التي تستوفي فيها المنظمة المعايير الموضوعية للاعتماد، في حين تعترض عليها دولة عضو».
كما يدعو الى «اشراك منظمات المجتمع المدني المعتمدة في عمل هيئات الجامعة ككل، وليس فقط المجلس الاقتصادي والاجتماعي»، وأنه «يتعين دعوة هذه المنظمات لحضور الاجتماعات والجلسات الرسمية لهيئات الجامعة، إما فرادى أو عن طريق ممثلين تختارهم هذه المنظمات وفق المقتضيات العملية. وأن يكون لممثليهم حق تقديم المقترحات، وأن تحظى هذه المقترحات بالاهتمام اللائق وتوضع موضع النظر والمناقشة والرد من قبل ممثلي الحكومات الأعضاء».
وفي خصوص «محكمة العدل العربية» يقول التقرير إنه «بدلاً من إضاعة المزيد من الوقت في انتظار الحصول على موافقة جميع الدول، يمكن الجامعة البدء في إجراءات إنشاء المحكمة بعضوية الدول التي وافقت على قيامها، على أن تلحق بها بقية الدول حين تقرر ذلك»، وان «تشمل وظائف المحكمة التسوية السلمية للمنازعات من خلال الاختصاص القضائي التنازعي، وتقديم الفتاوى والآراء الاستشارية في كل ما يتعلق بعمل الجامعة وعلاقتها بالدول الأعضاء، وتفسير ميثاق الجامعة وقراراتها والمعاهدات الدولية التي قد تعقد في نطاقها، والمساهمة في تطوير وإنشاء قواعد قانونية جديدة من خلال السوابق القضائية أو اضطلاعها بمهمة التفسير القانوني».
ويوضح عن فكرة إنشاء «المحكمة العربية لحقوق الإنسان» أن للمواطن العربي «حقوقاً أساسية من منطلق إنسانيته، وحقوقه الطبيعية، وثقافته العربية ومعتقداته، وبحكم الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والمواثيق الإقليمية والدولية لحقوق الانسان الموافق عليها من دول الجامعة العربية. ومن الأهمية بمكان أن يكون للجامعة العربية دور أساسي في حماية حقوق الانسان العربي، وفي إيجاد أرضية حافزة لتفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان».
ويدعو التقرير إلى «إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان بهدف حماية حقوق الانسان العربي التي تفشل النظم القانونية الداخلية في حمايتها»، ويعتبر ان ذلك «يتسق مع اتجاه التنظيم الدولي في مجمله، سواء على المستوى الإقليمي، مثل الحال في اوروبا، او على المستوى الدولي، كما هو الحال بالنسبة إلى المحكمة الجنائية الدولية، لجعل الدولة مسؤولة عن أعمالها إزاء مواطنيها أمام جهات قضائية لا تخضع لسيادتها. ومن شأن إنشاء مثل هذه المحكمة ومنحها اختصاص النظر في هذه القضايا، إتاحة الفرصة للمواطن العربي للجوء اليها بعد استنفاد وسائل التقاضي الداخلية، وقبل اللجوء إلى المؤسسات الدولية، مع وضع الضوابط المتعارف عليها في مثل هذه الأحوال».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.