استيقظ كثيرون من سكان مقاطعة «تشيليابنسك» على مشهد نادر في الساعة السابعة وعشرين دقيقة. وبحسب شهود سجّل بعضهم مقاطع على كاميرات هواتفهم، هوت كرة نارية كبيرة بسرعة نحو الأرض وهي تجرّ وراءها ذيلاً ملتهباً. ورافق اصطدامها بسطح البحيرة انفجارٌ كبيرٌ رافقه ضوء ساطع استمر للحظات. وتلا ذلك مباشرة هطول أمطار غزيرة محمّلة بالغبار وقطع نيزكية تبيّن لاحقاً أنها مُكونة من عنصر حجري - حديدي، وأسفرت عن إيقاع أضرار كبيرة في منطقة ضمّت سبع مدن تعرضت فيها مبان سكنية ومنشآت عدة لتحطيم نوافذها وتدمير بعضها جزئياً. وبحسب حصيلة رسمية، أوقع الانفجار 1200 جريح بينهم 200 طفل، وبلغ حجم الأضرار الماديّة قرابة بليون دولار. لكن المعطيات التي ظهرت لاحقاً، دلّت إلى أن الانفجار الذي نجم عن سقوط النيزك لم يكن الأول، بل أنه الثالث، إذ أشارت متابعة مركز أميركي للرصد الفضائي في منطقة آلاسكا، إلى تسجيل أول انفجار للجرم السماوي أثناء اختراقه الغلاف الجوي، ما يعني أن جزءاً منه ضاع في الفضاء بفعل الانفجار، بينما هوى ما تبقى من جسمه على الأرض بسرعة بلغت 30 كيلومتراً في الثانية. ووقع الانفجار الثاني على مسافة تزيد على خمسة آلاف متر فوق سطح الأرض، ما سبب سطوع الضوء القوي الذي لاحظه سكان المنطقة قبل السقوط مباشرة. وعموماً، استمرّت رحلة النيزك منذ لحظة اصطدامه بالغلاف الجوي إلى وصوله نحو سطح الأرض، 32.5 ثانية كانت كافية لتثير رُعباً غير مسبوق في المنطقة. وفتح الحدث النادر على أسئلة كثيرة حول أسباب عدم قدرة العلماء على التنبؤ بمسار الجرم الفضائي واحتمالات سقوطه على الأرض. وأعاد إلى الذاكرة سلسلة حوادث مماثلة لم تسلم البشرية منها في كل مرّة، بل أسفرت في حالات عدّة عن سقوط ضحايا كثيرين. وكذلك دقّ حادث «تشيليابنسك» ناقوس الخطر في شأن أساليب مواجهة كوارث مماثلة، سواء بالنسبة إلى التغطية الإعلامية السيّئة للحدث التي ضاعفت حال الذعر، أم بالنسبة إلى أعمال الإغاثة التي كانت بطيئة نسبيّاً.